ما هي مظاهر تطورات فن النثر في العصر العباسي؟

اقرأ في هذا المقال


تطور النثر في العصر العباسي:

من أهم مظاهر تطوّر النثر في العصر العباسي وأبرزها هي توظيف النثر للتعبير عن بعض الغايات الشعرية؛ حيث كان النثر في العصور التي تسبقها مثل العصر الأموي مخصّص فقط لغايات معيّنة مثل الغايات السياسية ولكنّه في العصر العباسي تنوّعت أغراضه وظائفه وأصبحت إنسانية كذلك، مثل توظيفه بمجال الرثاء أو المدح، فكان للنثر في العصر العباسي أكبر التطوّر والتوسّع والازدهار، وسنذكر في هذا المقال عن أهم مظاهر تطوّر هذا الفن في العصر العباسي.

مظاهر تطور فن النثر في العصر العباسي:

مع استقرار الدولة الإسلامية في العصر العباسي واتسّاعها وظهور الكثير من العوامل مثل الامتزاج مع الثقافات الأخرى وظهور مجالس الغناء، تطوّر هذا الفن وأصبح يتحدّث عن الكثير من مجالات الحياة المختلفة، بالإضافة إلى غايات الوصول لمناصب وزارية للكاتبين الذين امتازوا بفصاحة اللسان، ومن أهم مظاهر تطور النثر في العصر العباسي ظهور فنون مختلفة منها:

فن الخطابة:

ظهر هذا الفن على إثر التطوّرات التي جعلت لفن النثر غايات متنوّعة منها غايات دينية، فكانت الخطب تختصّ بالوعظ والإرشاد، وكذلك غايات أخرى تتمثّل في خطب الولاة والخلفاء؛ وذلك من أجل رفع شأنهم وشأن سلطانهم فظهرت أنواع مختلفة من الخطب، ويعتبر هذا الفن من أرقى الفنون وأكثرها تأثيراً في نفوس الناس؛ وذلك لأن أصحاب الخطب هم الخلفاء والوزراء الذين كانوا يمتلكون فن الخطابة وجزالة الألفاظ وكانوا مضرب الأمثال، ومن أشهرهم: الإمام ابن الجوزي، المأمون، أبي العباس السفاح وغيرهم.

فن الوصايا:

يختلف فن الوصايا بعض الشيء عن فن الخطابة بامتيازه بالهدوء والحكمة، وهي قول بين شخصين أو بين شخص يمتلك التجربة والخبرة والنصيحة تجاه شخص يحبه، ومن أهم سمات هذا الفن وضوح المعنى ودقته وقصر الجمل والترادف والإطناب والتعليل والموسيقى، ومن أشهر من كان يصيغ هذا الفن هو: حكاّم بني العبّاس، وكان الكثير من الخلفاء ممن يمتلكون اللغة الفصيحة والجزيلة يقومون بكتابة الوصايا المهمة لأبنائهم ومنهم الخليفة المنصور ووصيته لابنه المهدي.

فن الرسائل:

اشتهر نوعان من فن الرسائل في ذلك العصر وهما: الرسائل الديوانية، والرسائل الإخوانية أمّا الرسائل الديوانية فهي الرسائل التي كان يرسلها الخلفاء لقادة الجنود ومن أغراضها البيعة وكذلك رسائل العهود التي كانت تختّص بالنواب عن ولاية الأقاليم، وكان يختار الخلفاء أمهر الكتّاب واكثرهم إتقاناً لعلوم اللغة العربية والفقه كذلك؛ حيث كانوا يكتبون بشؤون الخراج، ومن أشهر الكتّاب وقتها: غسان بن الحميد كاتب المنصور، أبو عبيد الله بن معاوية بن يسار كاتب المهدي، يحيى البرمكي كاتب الوليد وغيرهم الكثير.

فن التوقيعات:

هذا الفن هو عبارة عن ردود الخلفاء على رسائل الشكوى التي كانت تأتيهم من أصحابها، فكانت رسالة التوقيع بمثابة أمر برفع الظلم عن المظلومين، وهذه الرسالة هي عبارة عن جملة قصيرة تمتاز بالبلاغة والإيجاز وهنالك الكثير من الأمثلة على كتب رسائل التوقيعات في الأدب العربي ومنها: رد طاهر بني الحسين على رسالة من أحد عمّاله.

فن المناظرات:

ازدهر هذا الفن وتطوّر في العصر العباسي كثيراً؛ وذلك لظهور وامتزاج أديان ومذاهب مختلفة، فكان هذا الفن عبارة عن مقابلة بين طرفين كل منها يحمل رأي ويقوم بالدفاع عنه وإثباته في إحدى ميادين المعرفة، فكانت عبارة عن مناقشة بين خصمين وكانت المناظرات في الكثير من المجالات مثل: الفقه، الفلسفة، العقيدة، النحو ومن أشهر الأماكن التي كانت تحدث فيها  المناظرات هي: في قصر البرامكة وقصر المأمون.

فن المقامات:

ظهر هذا الفن في هذا العصر على يد بديع الزمان الهمذاني؛ حيث اشتهر بفن المقامات والذي هو عبارة عن مجموعة من الأقوال التي كانت تحكى على مسمع الجماعات من الأشخاص بمجال العلم والأدب والفكر، بعض الأشخاص يعتقدون بأن هذا الفن ينسب أصله للحريري الذي اشتهر بسلاسة أسلوبه، ولكن الهمذاني اشتهر بأهم المقامات في ذلك العصر.

وأخيراً من أكثر العصور التي شهدت على تطور هذا الفن هو العصر العباسي، حيث ظهر لأول مرة السجع في الكتابة وهو من المحسنات البديعية، وكان من أشهر الأدباء في النثر في ذلك العصر هم: ابن المقفع الذي كان يعمل بالكتابة والترجمة ومن أشهر كتبه المترجمة هو كتاب (كليلة ودمنة)، والجاحظ وهو إمام النثر في العصر العباسي الذي اشتهر بتميّز أسلوبه في الكتابة.


شارك المقالة: