الكتابة الإنشائية في الفلسفة:
الكتابة الإنشائية لدى الفلسفة هي نوع من أنواع الكتابة ومهارة يكتسبها الفرد إلّا أنّها تكتسب طابع فلسفي، ولا بد من توافر بعض العناصر في هذا النوع من الكتابة حتى يستطيع أن يرتقي بمستواه الذي يوازي المستوى الفكري الفلسفي، وسنتحدّث في هذا المقال عن أهم العناصر التي يجب توافرها في الكتابة الإنشائية والتي تجعلها تتمتّع بجودة عالية.
عناصر الجودة في الكتابة الإنشائية في الفلسفة:
حضور التفكير الذاتي الإبداعي:
يجب عند البدء بالكتابة الإنشائية للفلسفة استحضار جميع القدرات العقلية والذهنية التي تختص بطريقة التفكير الفلسفية، فيجب على الكاتب أن يصل لمرحلة الإبداع في الكتابة؛ وهذا لأن كبار الفلاسفة يتفقون على أن هنالك عدّة أساليب لكتابة أفكارهم الفلسفية بالرغم من وجود عامل مشترك، فيجب على الكاتب الذي يكتب بمجال الفلسفة أن يخرج كل إبداعاته للوصول لهذا المستوى من التنوع في الأساليب ويكون لديه الأسلوب الذاتي الذي يميّزه عن غيره من الكتّاب، والخروج عن النمطية والكتابة التقليدية وتحقيق الإنشاء والابتكار.
وفي العادة يستطيع القارئ تمييز إبداع الكاتب من خلال قدرته على طرح الأسئلة في النص، بالإضافة إلى قدرته على التحليل العميق للمفاهيم والأفكار التي يقدّمها بالنص، وكذلك قدرته على توظيف اللغة ومفرداتها الثرية بالتعبير الواضح والمبدع عن أهم الأفكار بالإضافة لتوظيفه العديد من الأمثلة وإمكانيته على امتلاك وجهة نظر خاصة به وخلق الحوارات والاستنتاجات.
القدرة على شرح المفاهيم:
وهنا يحتاج الكاتب إلى مهارات وقدرات عقلية من أجل قدرته على التحليل والشرح المتعمّق لجميع المصطلحات التي تخص مجال الفلسفة، وتواجد هذا العنصر يحدد مدى تميّز الكتابة بمجال الفلسفة؛ هذا لأن التحليل الجيد للمفاهيم يحتاج للكثير من الأدوات ولا يعتبر أمراً سهلاً، وعند عدم امتلاك الكاتب لهذه المهارة فسيمر عن النص الكتابي كالذي يسبح على شاطئ البحر دون التعرف إلى أعماقه ومكنوناته.
التسلسل المنطقي والوحدة والتماسك:
تعتبر الكتابة الإنشائية بمجال الفلسفة كالبناء يجب أن تكون جميع عناصره متوفرة ومتكاملة مع بعضها البعض، وهذا يتم من خلال وضع خطة جيدة للكتابة بحيث تكون جميع الأفكار في مكانها المناسب، بصورة منسجمة و بوجود الأدلة والبراهين لدعمها.
عنصر التساؤل والإشكال والنقد:
يجب على الكتابة الإنشائية بمجال الفلسفة أن تتمتّع بحس التساؤل وعدم التيقن من المعلومة أو الأطروحة؛ ويكون ذلك بطرح الكثير من الأسئلة التي تثير الشك والنقد للنص، فكثرة الأسئلة تقود الشخص لآفاق النقد.
تجسيد الأفكار بإعطاء الأمثلة:
يتميّز الكاتب المبدع بمجال الفلسفة بقدرته على إعطاء أمثلة على كل فكرة، وتكون هذه الأمثلة إمّا من الواقع المحيط أو من مصادر معرفية أخرى، فهي تدّل على أن الكاتب متمكّن جدّاً من الأفكار التي يقدّمها في النص، وتفيد الأمثلة كذلك بتجسيد التفكير الفلسفي الذاتي لدى الكاتب وتدعم آراءه سواء كان مؤيد أو معارض لفكرة ما، بالإضافة إلى تأكيدها على صدق هذه الفكرة خصوصاً إذا كان المثال مأخوذ من تجارب شخصية للكاتب.
التعامل مع إشكاليات النص بصدق:
كل نص في مجال الفلسفة سيطرح بالتأكيد إشكالية والعديد من التساؤلات، والتعامل معها بصدق أي وكأنها جزء من الحياة والمشاكل اليومية يمنح الكاتب عدم العدول عن النص الأصلي بالإضافة إلى أنّها دليل على تميّزه وإبداعه، وعدم التعامل بهذا الأسلوب مع الإشكاليات يبعد الكاتب عن إظهار التفكير الذاتي في نصه الفلسفي الذي لا يمكّنه هذ الغياب من توظيف قدراته العقلية والإبداعية بالكتابة وعدم إظهار لمسته الذاتية، بالإضافة إلى عدم احترامه لعقلية القارئ، فلذلك عنصر الصدق عنصر أساسي بالكتابة الإنشائية في مجال الفلسفة.