اقرأ في هذا المقال
- مفهوم السعادة في فلسفة ميل
- فلسفة ميل في قياس المتعة
- فلسفة ميل في التضحية بالمتعة الأقل جودة
- ادعاء المفكرين في ابتعاد فلسفة ميل عن مذهب المتعة
- الدفاع عن فلسفة ميل في مذهب المتعة
من خلال فلسفة ميل حيث قام جاهدًا لإثبات السعادة بمبدأ الدليل التي يسعى بها الأفراد، حيث أنّ ميل يرى أنّ السعادة هي الغاية الوحيدة للعمل البشري والترويج لها هو الاختبار الذي من خلاله نحكم على كل السلوك البشري، ومع ذلك من الواضح أنّ محتوى هذا الادعاء يعتمد إلى حد كبير على ما تعنيه السعادة.
مفهوم السعادة في فلسفة ميل:
يعطي ميل ما يبدو أنّه بيان واضح لا لبس فيه عن معناه: “بالسعادة المقصود اللذة وغياب الألم، حيث عن طريق التعاسة والألم والحرمان من اللذة “، ولقد بدا هذا البيان للكثيرين أنّه يلزم ميل على المستوى الأساسي بمذهب المتعة كتفسير للسعادة ونظرية للقيمة، وأنّ الأحاسيس الممتعة هي الشيء القيم في النهاية.
فلسفة ميل في قياس المتعة:
ومع ذلك يخرج ميل من حساب بنثاميت (Benthamite)، الذي يرى أنّه إذا احتوت تجربتان على كميات متساوية من المتعة فإنهما بالتالي لهما نفس القيمة، ولكن في المقابل يجادل ميل بذلك قائلًا:
“سيكون من السخف أنّه بينما عند تقدير كل الأشياء الأخرى يتم النظر إلى الجودة وكذلك الكمية، بحيث يجب أن يُفترض أنّ تقدير الملذات يعتمد على الكمية وحدها.
فبعض الملذات بطبيعتها ذات جودة أعلى من غيرها وبالتالي يجب تقديرها أكثر، والمقصود باختلاف الجودة في الملذات، أو ما الذي يجعل متعة واحدة أكثر قيمة من الأخرى ولمجرد كونها متعة باستثناء كونها أكبر في الكمية فهناك إجابة واحدة ممكنة، حيث من بين اثنين من الملذات إذا كان هناك واحدة يعطيها كل أو جميع من لديهم خبرة في كليهما تفضيلًا محددًا فهذه هي المتعة المرغوبة أكثر.
أما الادعاء يتعلق فقط بترتيب القيمة حيث أنّه يمكن أن توجد تجارب h و l، بحيث تكون h أكثر قيمة من l، على الرغم من احتوائها على قدر مساوٍ أو أكبر من المتعة من h، فقد زعم بعض المعلقين أنّ ميل يعتقد أنّ أي كمية من المتعة الأعلى تكون أكثر قيمة من أي كمية من المتعة الأقل على أساس المقطع التالي:
“إذا كانت إحدى الملذات من قبل أولئك الذين يعرفون كليهما بكفاءة موضوعة فوق الأخرى لدرجة أنّهم يفضلونها ولن يتنازلوا عنها لأي قدر من المتعة الأخرى التي تستطيع طبيعتهم القيام بها، فإنّه لدينا ما يبرر أن ننسب للتمتع المفضل التفوق في الجودة.”
ويبقى السؤال حول أي أنواع الملذات ذات جودة أعلى من غيرها، حيث يرى ميل أنّ ملذات الفكر والمشاعر والخيال والمشاعر الأخلاقية هي من بين الملذات الأعلى، ولكن لا يجب قراءة عقيدة ميل على أنّها عقيدة مقيدة، فبالإضافة إلى ملذات العقل فهو يرى أنّ الملذات المكتسبة في النشاط هي ذات جودة أعلى من تلك المكتسبة بشكل سلبي في نهاية المطاف، ومع ذلك يجب أن تكون جودة أي متعة معينة في حد ذاتها سؤالًا جوهريًا بحيث يجب معالجته من خلال التجارب المستمرة ومقارنة تفضيلات القضاة الأكفاء، حيث أولئك الذين جربوا وقدّروا أنواع المتعة التي تتم مقارنتها.
فلسفة ميل في التضحية بالمتعة الأقل جودة:
لا بد أنّ الادعاء بأنّه سيكون من المنطقي التضحية بأي قدر من المتعة الأقل مقابل قدر ضئيل من المتعة الأعلى، على الرغم من أنّه يبدو من غير المعقول جدًا أن يُنسب إلى ميل ولا سيما في المقطع المذكور حيث سجل فقط شرطًا كافيًا للنظر في متعة واحدة ذات جودة أعلى إلى أخرى وليست شرطًا ضروريًا، وفي الواقع يعطي ميل إشارات قليلة جدًا عن كيفية موازنة الجودة مقابل كمية المتعة، فهو ببساطة لا يتحدث عن تفاصيل كيفية التوفيق بين الكميات المتباينة من الملذات في الصفات المختلفة من أعماله الفلسفية.
ادعاء المفكرين في ابتعاد فلسفة ميل عن مذهب المتعة:
كان الشك الكامن لدى الكثيرين هو أنّه في التمييز بين صفات المتعة يبتعد بذلك ميل عن مذهب المتعة، وإذا ادعى ميل أنّ قدرًا صغيرًا من المتعة يمكن أن يكون أكثر قيمة من الكمية الكبيرة، وكما يقترح المترجمون المناهضون للمتعة فإنّه فيجب أن يكون ذلك على أساس تقييم شيء ما بعيدًا عن التجربة الممتعة نفسها، ولأنّه إذا كان ميل قدّر التجربة الممتعة فقط إذن كان يقدّر دائمًا تجربة أكثر إمتاعًا على الأقل.
ويجب على ميل أي القول أن يعتبر الملذات عالية الجودة أكثر قيمة ليس بسبب إمتاعها ولكن على أسس أخرى أي مثل مصدرها، ولكن هذا سيكون للتخلي عن مذهب المتعة، وقد يتم دعم التفسير المناهض للمتعة بشكل أكبر من خلال مناشدة حديث ميل عن أجزاء من السعادة.
عند الدفاع عن الادعاء بأنّ السعادة هي النهاية الوحيدة للفعل كما فعل ميل، فإنّه يقر بأنّ: “مكونات السعادة متنوعة للغاية وكل منها مرغوب فيه في حد ذاته”، وفي حين أنّ الحديث عن الفضيلة كجزء من السعادة على سبيل المثال هو أمر مفهوم بالتأكيد إلّا أنّه ربما يكون أقل وضوحًا أنّه متوافق مع مذهب المتعة.
وأولئك الذين يشككون فيما إذا كان ميل لا يزال من دعاة المتعة قد ادعوا عمومًا أنّ ميل يتحرك نحو وصف السعادة أو الكمال، وهم يدّعون أنّ ميل من خلال السعادة لا تعني تجارب أو أحاسيس معينة بل تعني الازدهار الذي يتحقق في تحقيق الشخصية المثالية، وهناك مناسبات يقدم فيها ميل ادعاءات تصلح لمثل هذا التفسير.
الدفاع عن فلسفة ميل في مذهب المتعة:
وعندما يؤكد ميل في كتابه عن الحرية على قيمة الاستقلالية والأصالة – عندما يدعي أنّ ليس فقط ما يفعله الرجال أمرًا مهمًا بل وأيضًا طريقة الرجال الذين يفعلون ذلك – ويبدو أنّ تركيزه ينصب على قيمة أن تكون بطريقة معينة وليس على قيمة التجارب.
من المؤكد أنّه في محاولته الجمع بين أفضل ما في القرن الثامن عشر التجريبية والرومانسية في القرن التاسع عشر، انجذب ميل نحو الشخصية كموقع للتنظير العملي، وهذا بالضرورة ينطوي على تغيير التركيز في فلسفته، ومع ذلك فإنّ السؤال هو ما إذا كان تركيز ميل على الشخصية هو مجرد مثال على محاولته لاستنباط (استنتاجات ديناميكية) من (المقدمات الميكانيكية) ما إذا كانت محاولته، وبعبارة أخرى هو وضع أخلاقًا تركز على الشخصية على أسس المتعة.
والادعاء بأنّ بعض صفات المتعة أكثر قيمة من غيرها لا يجب أن ينتهك الادعاء الأساسي لمذهب المتعة، أي أنّ التجارب الممتعة هي الأشياء القيمة في نهاية المطاف، وإنّه لمنفتح تمامًا على المتعه أن يدعي أنّ التجارب الممتعة المختلفة على أساس الفينومينولوجيا الخاصة بهم ذات قيمة مختلفة.
وتزود جمعية ميل بالموارد اللازمة للادعاء بأنّ الملذات هي في حد ذاتها مشاعر معقدة ومتطورة، وتعكس غالبًا ما تتشابك مع الشخصيات التي تؤدي إلى ظهورها، وقد يقدم هذا أيضًا بعض التفسير لما يعنيه ميل من خلال الادعاء بأنّ الفضيلة على سبيل المثال يمكن أن تصبح جزءًا من سعادتنا، وبالنظر إلى إعلان ميل:
“كل الأشياء المرغوبة فهي مرغوبة إما من أجل المتعة الكامنة في حد ذاتها أو كوسيلة لتعزيز المتعة والوقاية من الألم، إذن يبدو أنّ هناك القليل من الأسباب للشك في التزامه بمذهب المتعة”.