التعريف بالشاعر حافظ إبراهيم:
أمَّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة: فهو محمد حافظ إبراهيم، ولد في محافظة أسيوط في 24 فبراير 1872- 21 يونيو 1932 ميلادية، شاعر مصري ذاع صيته، حيث عاصر أحمد شوقي، ولقب بشاعر النيل، وكذلك بشاعر الشعب.
وأمَّا عن صفات حافظ إبراهيم: كان حافظ إبراهيم إحدى عجائب زمانه، ليس فقط في جزالة شعره بل في قوَّة ذاكرته والتي قاومت السنين ولم يصبها الوهن والضعف على مرِّ ستين سنة هي عمر حافظ إبراهيم، فإنَّها ولا عجب اتسعت الآف القصائد العربيّة القديمة وكذلك الحديثة ومئات المطالعات والكتب ، حيث كان باستطاعته- بشهادة أصدقائه- أن يقرأ كتاب أو ديوان شعر كامل في عدَّة دقائق وبقراءة سريعة، وبعدها يتمثل ببعض فقرات هذا الكتاب أو ببعض أبيات ذلك الديوان.
روى بعض أصدقائه عنه أنَّه كان يسمع قارئ القرآن في بيت خاله يقرأ سورة الكهف أو مريم أو طه فيحفظ ما يقوله ويؤديه، كما سمع القارئ يقرأ بها.
مناسبة قصيدة ” اللغة العربية تشكو “:
كتب الشاعر حافظ إبراهيم هذه القصيدة لما تلقت اللغة العربية من تشويه في مطلع القرن العشرين فقام أعداء الإسلام فقالوا عنها أنّها لغة ناقصة لا تصلح أنْ تكون لغة هذه الأمة وثقافة هذا العصر الحضاري حيث عملوا على إدخال اللغات العامية والأجنبية في كل اقطار الدول العربية وأصبحت تستخدم في القراءة والكتابة، ولكنهم كانوا محبين ومنصفين لاللغة العربية في العالم العربي فقد استطاعوا مقاومة هذه الفنتة ومن بينهم شاعرنا الكبير حافظ إبراهم الذي كتب قصيدة قوية ذات معانٍ رائعة وعذبة، فقد أظهر فيها عاطفة القوية في حبّه للغة العربية وأيضاً أحسن في ترتيب خواطره وهذا يدل على أنَّ الشاعر متأثر على اللغة العربية التي كادت أنْ تنقرض وما يدل على ذلك قصيدته التي قال فيها على لسان اللغة العربيه:
رَجَعتُ لِنَفسي فاتـهمْتُّ حَصَاتِي
ونَادَيْتُ قومي فاحتسبْتُ حياتِي
رَموْنِي بُعقْمٍ في الـشّـبابِ ولَيْتني
عَقُمتُ فلم أَجزَعْ لِقَوْلِ عداتي
وَسِعْتُ كـتَاب الله لَفْـظاً وَغَايَةً
وَمَا ضِقْتُ عَن آيٍ بِه وعِظاِت
فكيف أضيق الْيَوْمَ عَن وصفِ آلةٍ
وتَنسـِيقِ أســماءٍ لمُخْترعَاتِ
أنا البَحْرُ في أحشـائِه الدرُّ كَامِنٌ
فَهَلْ سَألُوا الغوّاص عَن صَدفاتي
أيُطربكم مِنْ جَانِب الغَرْب نَاعبٌ
يُنَادِي بِـوَأدِي فِي رَبيعَ حَيَاتِي
سَقَى اللهُ في بطْنِ الـجزيرة أعْظُماً
يَعزّ عليـــها أنْ تَلينَ قَنَاتي
حَفِظنَ ودَادِي في البلى وَحفـظته
لهنّ بِقَلْبٍ دَائمِ الحَسَــرَاتِ
أَرىَ كلّ يومٍ بالجرائِـــدِ مَزْلَقاً
لي القبر يدنيـــني بغير اَناةِ
وأسمعُ للـكتـّابِ في مِصرَ ضَجّة
فأعْلمُ أنّ الصّائحــين نُعَاتِي
أَيهْجرنِي قـومي – عَفَا اللهُ عَنْهُم-
إلى لُغـةٍ لَمْ تتّـصلْ بـرواةِ
سَرتْ لُوثَةُ الإفْرنْجِ فيها كَما سَرَى
لُعَابُ الأفَاعِي في مَسيلِ فُراتِ
فجاءتْ كثوْبٍ ضمّ سـبعينَ رُقعَةً
مُشــكِّلةَ الألْوانِ مختلـفاتِ
إلىَ مَعْشَر الكتّابِ والجـمعُ حَافلٌ
بَسَطْتُ رَجَائِي بَعْد بَسْط شَكَاتي
فإمّا حياةٌ تَبْعـثُ الميْـتَ في البلى
وَتُنْبِتُ في تلك الرُّمـوسِ رُفاتِي
وإمّا مَـمـَاتٌ لا قيـَامةَ بَـعْده
مَمَاتُ لعَمْريِ لَمْ يُقَـسْ بمماتٍ