التعريف بالشاعر أبو العلاء المعري:
هو أحمد بن عبدالله بن سليمان المعري، يُكنى بأبو العلاء، لقّب نفسه برهين المحبسين؛ لأنّه قد حُبس في البصرة واعتزل عن الناس، هو شاعر من شعراء العصر العباسي وأيضاً هو كاتب كبير.
مناسبة قصيدة ” غير مجد في ملتي واعتقادي “:
قال المعري هذه القصيدة في رثاء الفقيه الحنفي أبا حمزة فذكر صفاته وكرمه وشجاعة وعدله، ففي القصيدة يقدم أبو العلاء المعري فلسفة الحياة والموت والحزن وحفظ الوداد وأيضاً يذكر محاسن أبي حمزة ويمدحه ويقول أنّ الموت حقيقة واقعية لا مهرب منه فكتب قصيدة ذات معانٍ مؤثرة وشديدة الحزن، قائلاً:
غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي
نَوْحُ باكٍ ولا تَرَنّمُ شادِ
وشَبِيهٌ صَوْتُ النّعيّ إذا قِي
سَ بِصَوْتِ البَشيرِ في كلّ نادِ
أَبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمَامَةُ أمْ غَنْ
نَت عَلى فَرْعِ غُصْنِها المَيّادِ
صَاحِ هَذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْبَ
فأينَ القُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ
خَفّفِ الوَطْء ما أظُنّ أدِيمَ الأرْضِ
إلاّ مِنْ هَذِهِ الأجْسادِ
وقَبيحٌ بنَا وإنْ قَدُمَ العَهْدُ
هَوَانُ الآبَاءِ والأجْدادِ
سِرْ إنِ اسْطَعتَ في الهَوَاءِ رُوَيداً
لا اخْتِيالاً عَلى رُفَاتِ العِبادِ
رُبّ لَحْدٍ قَدْ صَارَ لَحْداً مراراً
ضَاحِكٍ مِنْ تَزَاحُمِ الأضْدادِ
وَدَفِينٍ عَلى بَقايا دَفِينٍ
في طَويلِ الأزْمانِ وَالآبادِ
تعبٌ كُلّها الحياةُ فما أعـجبُ
إلّا من راغبٍ في ازدياد
إنّ حزناً في ساعة الموت
أضعاف سرورٍ في ساعة الميلاد
خُلق الناس للبقاء فضلّت
أمّة يحسبونهم للنَّفاد
إنّما يُنقَلون من دار أعمالٍ
إلى دار شِقوة أو رَشَاد
قصد الدهر من أبي حمزة الأّوّاب
مولى حِجىً وخدن اقتصاد
وفقيهاً أفكاره شدن للنُّعـمانِ
ما لم يشدْهُ شعر زياد
وخطيباً لو قام بين وحوش
علّم الضاريات بِرّ النِّقاد
راوياً للحديث لم يحوج المعـروف
من صدقه إلى الأسناد
أنفق العمر ناسكاً يطلب العلـم
بكشفٍ عن أصله وانتقاد
ذا بنانٍ لا تلمس الذهب الأحمر
زهداً في العسجد المستفاد
ودّعا أيها الحفيّان ذاك الـشخص
إنّ الوداع أيسر زاد
واغسلاه بالدمع إن كان طهراً
وادفناه بين الحشى والفؤاد
واتلوَا النعش بالقراءة والتسـبيح
لا بالنحيب والعداد
أسفٌ غيرُ نافع واجتهادٌ
لا يؤدّي إلى غَناء اجتهاد
هكذا كتب الشاعر تجربته الفلسفية تجاه الموت بلغة بلاغية مبدعة ليوصلها للقراء بنظم شعري فريد من نوعه .