الشباب هو أفضل وقت للإنسان ليتعلم فيه ما ينفعه في أمور الحياة كلها، فهو وقت القابلية للتعليم، إذ مع مرور العمر تقل قابلية الإنسان للتعليم بسبب انشغاله بالمسؤوليات الكبيرة، فانتفاعه من هذا الوقت يسنده في أموره القادمة في الحياة.
مضمون مثل “من شب على شيء شاب عليه”:
الإنسان مسؤول أمام الله عن عمره وعن كيفية إفناءه، وهو مسؤول عن تربية الأبناء وإنشائهم على التربية الحسنة والسنن الحميدة وعلى تعليمهم وتدريبهم على الفضائل الحميدة، لينال الأجر والثواب ويفادى الشقاء بهم في الدنيا، فهناك عبر عظيمة في الأمثال تكون بمثابة تنبيه للأشخاص، فالأباء المهملون الذين يتحججون دائما بأن أبنائهم ما زالوا صغار على التدريب والتعليم على التنشئة الصحيحة والأخلاق الحميدة، يدركون بعد مدة قصيرة بأنهم غير قادرين على الإمساك بأطفالهم وتعليمهم وعدم قدرتهم على تنشئتهم فقد فات الأوان بهم، فيجب أن يحرص الأباء على تلقين أبنائهم في أهم مراحلهم وهي مرحلة الصغر.
قصة مثل “من شب على شيء شاب عليه”:
كان قديما شخصا يدعى بأبو يزيد يقوم يومياً في آناء الليل كي يحيي طاعة الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وفي إحدى الليالي استيقظ ابنه الصغير من النوم، فحزن عليه كثيرا حيث كان الجو شديد البرودة وقتها فقال له والده: نام يا ولدي فالليل طويل فقال له الابن: ولماذا لا تنام أنت يا والدي؟ فأجابه والده: يا بني فقد طُلب مني أن أقوم لله تعالى، فسأله الابن: (إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وطائفة من الذين معك)، فمن هم الذين قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فأجابه والده: إنهم أصحاب النبي رضي الله عنهم، فقال الابن لوالده مستعطفاً إياه: لا تحرمني من هذا الشرف في صحبتك يا والدي في تلبية نداء الله سبحانه وتعالى، فرد والده مندهشاً: يا بني ما زلت صبيا صغيرا ولم تصل إلى سن البلوغ، فلا يحاسبك الله تعالى على قيام الليل، فارقد بسلام، فرد عليه الابن: يا أبي إنني اشاهد والدتي عندما تريد إشعال النار تبدأ بالمقصقصات من قطع الحطب حتى تتمكن من إشعال الحطب الكبير، وإنني يا والدي أخشى من الله تعالى يوم القيامة بأن يبدأ بمحاسبتنا نحن الصغار قبل البدء بمحاسبة الرجال الكبار، لأننا نقصر في طاعته، فشعر الوالد بقشعريرة في بدنه من حديث ابنه خشيةً وخوفاً من الله تعالى يوم القيامة، ورد على ابنه بقوله: انهض يا بني لقيام الليل إرضاءاً لله تعالى فأنت أولى من والدك.