كل الأمم التي دبّت الخطى على وجه المعمورة، لها الميراث الثقافيّ الخاص بها، والذي جعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، وفيما يلي سيتم ذكر قصة المثل العربي الشهير، هو: “من فات قديمه تاه”.
فيم يضرب مثل “من فات قديمه تاه”؟
إن مثل: “من فات قديمه تاه”، من الأمثال الشعبية المشهورة في وطننا العربي، وبالأخص في مصر وبلاد الشام، وهو يضرب في المواقف التي يجب أن يكون فيها على المرء حريصًا على ماضيه، انتماءً ووفاءً، مهما بلغت به عجلة التطور والتقدم، وقد يضرب المثل للإشارة إلى وجوب الحفاظ على موروثه وعلاقاته القديمة، كالأصدقاء، أو الزوجة الأولى في بعض الأحيان.
قصة مثل “من فات قديمه تاه”:
تُعد الأمثال الشعبية، من أبرز سمات الشخصية العربية، إذ إن الغاية من هذه الأمثال هو أن ترسل الحكمة أو الموعظة، كما أنها تعتبر إرثًا يتناقله الأجيال، جيلًا تلو الآخر، ولأن لكل مثل حكاية، نعرض لكم في السطور القادمة، أصل قصة مثل “من فات قديمه تاه”، ويرجع أصل مثل: “من فات قديمه تاه”، إلى أحد الفلاحين، في زمن قديم الزمان، والذي قرر أن يبيع بقرته، والتي كان يعتمد عليها في حراثة الأرض، وريّها، إلا أنه أراد أن يجعل عمله في الأرض سهلًا، ويخفف من ضغطه، ويختصر ساعات عمله، ففكر أن يبيع البقرة، ويشتري عوضًا عنها آلة تسقي الزرع بطريقة أسرع وأسهل، ونظرًا لعدم قدرة الفلاح المالية على شراء تلك الآلة، فلقد اضطر إلى أن يبيع البقرة لواحد من جيرانه، غير أنه في نفس الوقت، كان حزينًا عليها حزنًا شديدًا؛ ذلك أنه كان يحبها حبًا جمًا.
مع مرور الأيام، حدث عطل في الآلة الجديدة، ولم يكن لدى الفلاح المال الكافي كي يصلحها، وفي تلك اللحظة تمنى أن تكون بقرته معه، إلا أنه- للأسف- لم يكن يملك المال من أجل أن يسترجعها، الأمر الذي اضطر زوجته لأن تبيع ذهبها، وبالفعل تمكن الفلاح من أن سترجع بقرته، وقد فرح بعودتها، وفي تلك اللحظة، قالت له زوجته المقولة المشهورة: “من فات قديمه تاه”، واستمر الناس في تداول هذا المثل حتى يومنا هذا.