من كعب الدست

اقرأ في هذا المقال


كل الشعوب التي  عاشت على أطراف المعمورة، تمتلك ميراثها الثقافيّ الذي يخصها، والذي يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “من كعب الدست”.

فيم يضرب مثل “من كعب الدست”؟

مثل: “من كعب الدست”، مثل عامي مشهور في الشام، وهو ثمرة قصة حقيقية، وقد شاع وانتشر على ألسنة العامة، ليُضرب في المواقف التي تعجز فيها الحيلة عن إخفاء بعض الأمور التي من الممكن أن يكون في معرفتها إساءة أو ضرر.

قصة مثل “من كعب الدست”:

أما عن أحداث قصة مثل: “من كعب الدست”، فمن المعلوم أنه إذا كان الدست “القدر”، موضوعًا على النار، فإن الحرارة أشد ما تكون في الطبقة السفلى من الدست أي في قاعه، ويُروى أن أحد الباعة قد اتخذ مركزًا له في سوق الدلالين، إلى الشرق من جامع الأمير منصور عسّاف، جامع السراي، وكان يبيع الكروش، يطبخها في دست “قدر”، وحدث ذات يوم أن تنازع اثنان من المارة قرب موقع البائع، واحتدم النزاع بينهما، وصل إلى أن نزع أحدهما حذاءه يريد أن يضرب به الآخر، غير أن الحذاء أخطأه ووقع في دست الكروش، ولم يتمكن البائع من سحب الحذاء؛ مخافة أن يراه أحد المارة فتتأثر تجارته، فأخذ يكبس الحذاء في قعر الدست حتى لا يطفو.

في الأثناء صادف أن مر أحد الزبائن أثناء قيام البائع بكبس الحذاء إلى قعر الدست، فوقف أراد أن يشتري بعض الكروش من البائع، وظن أنه لا بد أن يكون أجود كرش في كعب الدست، فأشار إلى البائع أن يعطيه الذي في الكعب، والبائع يتغافل ويتملص منه، ويرفع أحد الكروش، ويقول له: خذ هذه، هذه أفضل، هذه أكبر، هذه أشهى، هذه ناضجة، والزبون يرفض أن يأخذ إلا الذي في القعر، وعندما أعيت البائع الحيلة، رفع الحذاء، وقال: هذا من كعب الدست خذه، وحلّ عني.


شارك المقالة: