يتوارد إلى أذهان الكثير من الناس مقولة “هنا مربط الفرس”، وبشكل خاص إذا ما أراد أحدهم أن يؤكد على أمر معين أو موقف ما خلال الحديث مع الآخرين، فمقولة “هنا مربط الفرس” تعني أن المقصد هنا بقعة الضوء التي نرغب في التركيز عليها في الحوار، ونود أن تكون المحور والأساس الذي يجب أن ننطلق منه، حيث أن مربط اسم مكان من ربط، فنحن حين نقول مربط الفرس، فالمقصود بذلك موضع ربط الفرس أو الخيل، ولإطلاق هذه العبارة قصص وروايات عديدة، ولعل أكثرها شهرة ما حدث في قبيلة الأساعدة.
قصة المثل:
يُروى أن واحدًا من شيوخ قبيلة شمر قد نزل في ضيافة شيخ من شيوخ “الأساعدة”، وكان من عادات العرب أن يقوم الضيف بالحضور كي يشرب القهوة مع مضيفه في الصباح، وفي صباح أحد الأيام لم يأتِ الضيف كعادته كل يوم، فأصاب الشيخ المضيف القلق، وأرسل إلى ضيفه يستفسر عن السر وراء غيابه، فعلم أن فرس الضيف قد سُرقت في الليل وهذا هو الأمر الذي منعه من الحضور.
لما علم شيخ الأساعدة المضيف بالأمر عاتب ضيفه على عدم إخباره بالحادثة في وقتها، فقال الضيف: لم أحسب أن عنكم فرسًا تستطيع اللحاق بالشهيلة، و”الشهيلة” هي اسم فرسه التي سُرقت، وعلى الفور أمر الشيخ ابنه أن يركب فرسه “العبية الصغيرة” ويذهب للحاق بالشهيلة، كي يقتفي أثرها ويعود بها للضيف.
تنفيذًا لأمر والده الشيخ، ركب الفتى الفرس في الضحى، وخرج مقتفيًا أثر الفرس المسروقة “الشهيلة”، وعند العصر عاد على فرسه أم التوادي دون أن تكون معه الشهيلة، فقال الضيف لشيخ القبيلة الذي يستضيفه في حزن: ألم أقل لك أن الشهيلة لا تُلحق ولما اقترب الفتى منهم بفرسه، سأله والده عن الشهيلة المسروقة ولمَ لم يلحق بها؟ فقال الفتى لأبيه: والله يا أبي لقد تعبت من الجري، فربطت الفرس في مكان قريب ومعها رأس السارق معلق هناك، فأدركوها بالماء لأنها عطشى، فذهبوا إليها بالفعل ومعهم الماء، ووجدوا صدق ما قاله الفتى من أمرها، ومن وقتها صار هذا الموضع الذي ربطها فيه ابن الشيخ، يعرف بمربط الفرس عند قبائل العرب، وذهبت العبارة مثلًا للشيء المراد والمطلوب في مواقف معينة.