وأمرت لأعدل بينكم

اقرأ في هذا المقال



وأمرت لأعدل بينكم :

الإنسان دون دين وعقل ظلومٌ جهول، كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومࣰا جَهُولࣰا﴾ صدق الله العظيم [الأحزاب ٧٢] وقال تعالى: ﴿ إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ لَظَلُومࣱ كَفَّارࣱ﴾ صدق الله العظيم[إبراهيم ٣٤] وجاء عن عن عمر بن الخطاب قال: اللهم اغفر لي ظلمي وكفري، فقال قائل يا أمير المؤمنين:  هذا الظلم فما بال الكفر، قال: إنّ الإنسان لظلوم كفار، وقيل ظلوم في الشدة يشكو ويجزع، كفار في النعمة يجمع ويمنع.

أمّا الموفق، فإنّه خصيم نفسه، يقضي على نفسه بالعدل قبل أن يُخاصمه أحد، ومن ذلك ما وقع بين موسى والخضر عليهما السلام، فقد قال موسى من تلقاء نفسه، قال تعالى: ﴿قَالَ إِن سَأَلۡتُكَ عَن شَیۡءِۭ بَعۡدَهَا فَلَا تُصَـٰحِبۡنِیۖ قَدۡ بَلَغۡتَ مِن لَّدُنِّی عُذۡرࣰا﴾ صدق الله العظيم [الكهف ٧٦] قال علماء التفسير: عن هذه الآية ، يريد أنك قد أعذرت حيث خالفتك ثلاث مرات. وهذا كلام نادم شديد الندامة اضطره الحال إلى الاعتراف وسلوك سبيل الإنصاف.

وهذا من اقتفاء العدل، ومخاصمة النفس، دون أن يحتاج الصاحب أو الشريك أو المخالف إلى المخاصمة أو المُقاضاة، وتلك منزلة الكبار، الذين خرجوا من سلطة الهوى وشهوة الظلم إلى مقام العدل والإنصاف.

ومن رحمة الله، وجودُ أهل العدل في الناس، وإلّا تقوضت الحياة وفسد نظامها، قال تعالى: ﴿وَمِمَّنۡ خَلَقۡنَاۤ أُمَّةࣱ یَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ یَعۡدِلُونَ﴾ صدق الله العظيم[الأعراف ١٨١]قال العلماء: وفي الآية دليل على أنّه لا يخلو زمان من قائم بالحق يعمل به ويهدي إليه، وقيل وفيه دلالة على أنّ إجماع كل عصر حجه.

والأنبياء بُعثوا لإقامة العدل، قال تعالى: ﴿ وَأُمِرۡتُ لِأَعۡدِلَ بَیۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡۖ لَنَاۤ أَعۡمَـٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَـٰلُكُمۡۖ لَا حُجَّةَ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ یَجۡمَعُ بَیۡنَنَاۖ وَإِلَیۡهِ ٱلۡمَصِیرُ﴾صدق الله العظيم [الشورى ١٥].

وأخطر شيء يصيب العباد والبلاد، وينشر الفساد، أن يفسد القضاء؛ فهو المعوَّل عليه – بعد الله – في فصل النزاعات، وحسم الخلافات، فإذا فقد الناسُ الثقةَ في القضاء، وأصبح منحازاً لطرفٍ دون طرف – ولو كانت السلطة – فإن الناس حينئذٍ سيحتكمون للقوة والغلبة، فإن استطاعوا حينها فالفتنة والفوضى، وأن يستطيعوا تراكمت ظلامات الناس في نفوسهم، وضاقت صدورهم بالغبنِ والقهرِ، حتى تحين ساعةُ ضعفٍ، فيحكتم الانتقام والثأر.


شارك المقالة: