الآية:
﴿وَقَالُوا۟ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِیۤ أَصۡحَـٰبِ ٱلسَّعِیرِ﴾ [الملك ١٠]
العقل نعمة من نعم الله تعالى الجسام،وهبة من هباته العظام، فيه يتميز الإنسان من الحيوان، والعاقل من الجاهل، والطائع من العاصي.
وأعظم مصائب الجهل، الجهل بالله، والإعراض عن الإذعان له، والاعتراف بربوبيته، فدولة الجاهل، كالغريب الذي يحن إلى النقلة، ودولة العاقل، كالنسيب الذي يحن إلى الوصلة.
ولله در القائل :
أخو العلم حيٌ خالد بعد موته
وأوصاله تحت التراب رميم
وذو الجهل ميتٌ وهو يمشي على الثرى
يُعدُ من الأحياء وهو عديم .
وقال بعض الحكماء: إنّ الدنيا ربما أقبلت على الجاهل بالاتفاق، وأدبرت عن العاقل بالاستحقاق.
وقال سابور: العقل نوعان: أحدهما مطبوع، والأخر مسموع، ولا يصلح واحد منهما إلا بالآخر.
فلا يفرح الإنسان بحالة جليلة نالها بغير عقل، ولا بمنزلة رفيعة حلّها بغير فضل، فإنّ الجهل يُنزله منها، ويزيله عنها.
وهكذا كانت الحسرة مكشوفة لأصحاب السعير، حيث نادوا لو كانت لنا عقول ننتفع بها، لما كنا على ما كنا عليه من الكفر بالله، والاغترار به، ولكن لم يكن لنا فهم نعي به ما جاءت به الرسل، ولا كان لنا عقلٌ يرشدنا إلى اتباعهم، وتفهم ما يملوه علينا، وكأن خزنة النار قالوا لهم توبيخاً.
ألم تسمعوا آيات الله تًتلى عليكم على ألسنة رسل ربكم، ألم تعقلوا معانيها حتى لا تكذبوا بها، فأجابوهم معترفين بتقصيرهم حين لا ينفع الاعتراف : ﴿وَقَالُوا۟ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِیۤ أَصۡحَـٰبِ ٱلسَّعِیرِ﴾ [الملك ١٠]