ابن الفار حفار

اقرأ في هذا المقال


جميع الأمم التي تعيش على الأرض لديها  الإرث الثقافيّ الخاص، والذي جعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، وفيما يلي سيتم ذكر قصة المثل العربي الشهير، هو: “ولد الفأر حفّار”.

ما معنى مثل: “ابن الفار حفار”؟

أما كلمة “حفار” فمعناها يقوم بالحفر كأبيه، والمثل يُضرب فيمن يشبه أباه أو بني جنسه في العمل الذي يقوم به، وشبيه بهذا المثل الذي تناولته سابقًا “من شابه أباه فما ظلم“، وهناك مثل عاميّ، تتداوله الشعوب العربية، يقول: “اقلب الجرة على تمها تطلع البنت لامها”، تمها: فمها، وكذلك: “ابن الوز عوام”.

قصة مثل: “ابن الفار حفار”:

لمثل “ولد الفأر حفار” قصة طريفة أو حكاية خرافية تتداولها الأجيال، فحواها أن شيخًا كبيرًا في السنّ اعتاد أن يخرج للوضوء فجرًا خارج البيت، وفي أحد أيام الشتاء القارس وجد فأرة صغيرة، ترتعد من البرد، فأشفق عليها وحملها معه إلى منزله، وأخذ يعتنى بها حتى كبرت، ثمّ إنّ الشيخ قد دعا ربه أن يحوّل هذه الفأرة الى فتاة جميلة؛ لتعيش معه في البيت وتؤنس وحدته،  وبالفعل استجاب الله لذلك؛ فتحولت الفأرة الى فتاة صغيرة جميلة.

كبرت الفتاة، وبلغت سنّ الزواج، ورأى الشيخ المسنّ أن يبحث لها عن فتى لتتزوج به، غير أنّ الفتاة اشترطت على الشيخ أن يكون عريسها من أقوى المخلوقات، حينها فكّر الشيخ بمن هو أقوى المخلوقات؟ فاهتدى إلى السحاب الذي ينزل منه المطر، فقال له: هل أنت أقوى المخلوقات؟، فقال السحاب: لا، الريح أقوى؛ لأنها تحملني من مكان إلى مكان، وذهب الشيخ إلى الريح وسألها: هل أنتِ أقوى المخلوقات؟ قالت الريح: لا، الجبل أقوى منّي، لأنه يمنعني من المرور ويصدني، احتار الشيخ وذهب إلى الجبل، فقال له: هل أنت أقوى المخلوقات؟ قال لا: الفأر أقوى لأنه يستطيع أن يحفرني ويخرقني من جهة إلى أخرى، فهو أقوى منى.

بالفعل توجّه الشيخ إلى الفأر، وسأله: هل أنت أقوى من الجبل؟، قال: نعم، حينها رجا الشيخ الفأر أن يكون عريسًا للفتاة، غير أن الفأر اعتذر بحجة أنها انسان، وهو فأر، وقال له: ادعُ إلى ربك أن يحولها الى فأرة، ليتسنى لي الزواج منها، هنالك دعا الشيخ ربه أن يعيدها سيرتها الأولى، وبالفعل رجعت كما كانت، وعندئذ تزوجت الفأر، وقال الشيخ قولته التي صارت مثلًا: “ابن الفار حفار”، بمعنى أن كل شخص لا بد أن يرجع إلى أصله.


شارك المقالة: