ما للناس في حيص بيص

اقرأ في هذا المقال


لكل الأمم التي دبّت الخطى على وجه البسيطة إرثها الثقافيّ الذي يخصّها، و يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، وفيما يلي سيتم ذكر قصة المثل العربي الشهير، هو: “وقعوا في حيص بيص”.

ما المقصود بمقولة: “ما للناس في حيص بيص”؟

أمّا معنى هذه المقولة، والتي راحت مثلًا يعبّر عن الشّدّة والاختلاط، حيث اعتاد العرب القول: وقع الناس في حيص بيص، أي في شدة واختلاط.

من هو صاحب مثل: “ما للناس في حيص بيص”؟

أما صاحب مثل: “ما للناس في حيص بيص”، فهو أبو الفوارس المعروف بسعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي”، وقد لُقّب بشهاب الدين المشهور ب”حيص بيص”، وهو من الشعراء المشهورين، وقد كان فقيهًا شافعيّ المذهب، إلا أنّ ما غلب عليه الأدب ونظم الشعر، وأجاد فيه مع جزالة لفظه، وله رسائل فصيحة بليغة، كان من أخبر الناس بأشعار العرب واختلاف لغاتهم، وكان لا يخاطب أحدًا إلا بالكلام العربي، وكان يلبس زيّ العرب ويتقلد سيفًا، وأمّا سبب تسميته ب”حيص بيص”؛ وذلك لأنه رأى الناس يومًا في حركة مزعجة وأمر شديد، فقال: “ما للناس في حيص بيص”، فبقي عليه هذا اللقب، والتصق به، ومعنى هاتين الكلمتين_ كما أسلفت أعلاه_ الشّدّة والاختلاط، إذ اعتدنا أن نقول في بلاد العرب: وقع النّاس في حيص بيص، أي في شدّة واختلاط.

كان أبو الفوارس إذا ما سأله أحد عن عمره، يقول: “أنا أعيش في الدنيا مجازفة”، وذلك لأنه كان لا يحفظ تاريخ مولده، وقد كان يدّعي أنه من ولد أكثم بن صيفي التّميميّ “حكيم العرب”، ولم يترك أبو الفوارس “حيص بيص” عقبًا.

من أبيات شعر أبي الفوارس “حيص بيص” المشهورة:

“ملكنا فكان العفو منا سجية فلما ملكتم سال بالدم أبطح

وحللتم قتل الأسارى وطالما غدونا عن الأسرى نعف ونصفح

فحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بالذي فيه ينضح”.


شارك المقالة: