البحوث السببية المقارنة في البحوث:
تُحاول الدراسة السببية المقارنة تفسير كيف ولماذا تحدث الظاهرة، حيث تهدف هذه الدراسات أساساً إلىى فهم أي المتغيرات يعتبر السبب المتغير والمستقل، وأيَّهما يُعتبر النتيجة المتغير التابع لظاهرة معينة، وتُحاول الدراسات المقارنة التوصل إلى إجابات عن المشكلات خلال تحليل العلاقات السببية، فيبحث عن العوامل التي ترتبط بوقائع أو ظروف أو أنماط سلوك معينة؛ وذلك لأن الباحث يجد أنه من غير العملي في كثير من الحالات أن يعيد ترتيب الوقائع والتحكم في وقوعها.
والطريقة الواحدة المتوفرة لديه هي تحليل ما يحدث فعلاً لكي يتوصل إلى الأسباب والنتائج، وتسمى هذه الدراسات أحياناً بالدراسات الاسترجاعية التي تدرس أثر المتغير بعد أن يكون هذا الأثر قد حصل فعلاً، وذلك من خلال استرجاع علاقتها أو أثرها في المتغير التابع الذي يقوم الباحثون بتتبعه، كما يهدف هذا النوع من الدراسات إلى الوصول إلى معرفة كيفية حدوث الظواهر وأسبابها.
لذلك تعتمد على عقد مقارنات بجوانب الاتفاق والاختلاف بين عدد من الظواهر؛ لكي تتعرف على العوامل والمتغيرات المتكررة التي تصاحب أحداثاً وظروفاً معينة، وتتعدى الدراسات السببية المقارنة مجرد الكشف عن الارتباط بين متغيرين، إلى الكشف عن مدى تأثير أحد المتغيرين في الآخر؛ بحيث يكون أحدهما سبباً والآخر نتيجة له، وتحاول بعض الدراسات الوصفية ألا تقتصر على الكشف عن ماهية الظاهرة.
ولكن إذا كان ممكناً كيف ولماذا تحدث هذه الظاهرة، إنها تقارن جوانب التشابه والاختلاف بين الظواهر لكي تكشف أي العوامل أو الظروف يبدو أنها تلازم أحداثاً أو ظروفاً أو عمليات معينة، إلا أن بعض الدراسات يتعمق أكثر بهدف معرفة ما إذا كانت هذه العلاقة قد تسبب الحالة أو تسهم فيها أو تفسرها، فبحوث المقارنة تركز على مبدأ معرفة الأسباب وتفسيرها تفسيراً منطقياً ثم إيجاد العلاقة بينها وبين النتائج.
وإذا تم التعرف على الأسباب أصبح بالإمكان معالجة النتائج والتحكم فيها، فإذا عرفت الأسباب أصبح بالإماكن معالجة النتائج والتحكم فيها، ويقوم منهج المقارنة بمعالجة الظواهر التي يصعب معالجتها بالبحوث التجريبية، ففي العلوم الطبيعية يمكن إثبات ظاهرة معينة عن طريق التجربة، في علم الاجتماع يمكن إثبات الظاهرة عن طريق مقارنة الحالات التي تحدث فيها تلك الظاهرة بالحالات التي تخلو منها.