كيف يتم الحوار الناجح؟

اقرأ في هذا المقال


الحوار الناجح:

يعد تعزيز وظيفة الحوار الناجح من الأمور الأساسية التي لا يمكن التخلي عنها، من وجهة نظر المفكرين في الكثير من الاتجاهات، مثل الإدارة، علم الاجتماع، الاقتصاد والسياسة. ويعتمد تفعيل الحوار الناجح على وجود مجموعة من المهارات الأساسية.

مهارة الإنصات:

  • التجاهل: هو عدم الإكتراث في حديث المَحاور، مثل سرد بشيء ما، كالهاتف، أو قراءة مجلة، أو مشهد خارج قاعة الحوار.
  • التظاهر: هو ليس استماعاً صادقاً أو عدم اهتمام واضحاً، بل هو ظهور إيماءات على الشخص تدل على أنه منصت، لكنه يفكر بأشياء أخرى خارج موضوع الحوار.
  • الانتقاء: هو تحديد جزء معين من الحوار والتركيز عليه؛ إذ يختار المستمع ما يريده في الحوار ويتجنب العناصر أو المحاور الأخرى؛ لأنه يبحث عن شيء يخصه في كلام المحاور.
  • الانتباه: هو الإنصات الكامل لكل حديث المحاور، والفهم التام لمحتواه، وليس من المهم أن يكون المستمع موافقاً عليه.
  • التفاعل: هو عدم قبول المستمع بالتركيز فقط، بل يتفاعل مع المحاور ويحاول محاورته والتعرف على رأيه؛ في حال وجود اختلاف في الآراء بين المستمع والمحاور.

المهارة اللفظية:

  • التأني في الحوار؛ مما يساعد إلى وجود ثقة في الغالب بين أطرافه.
  • التركيز على أهم الكلمات أثناء الحوار والحرص على استخدام طرق متنوعة في تكرار الأفكار.
  • التنويع في نبرة الصوت أثناء التكلم، ممّا يؤدي إلى تقليل الشعور في الملل.
  • تحسين طبيعة الحوار على نحو متسلسل، والتوقف قبل وبعد الحديث عن الأفكار ذات الأهمية.
  • تجنّب رفع الصوت؛ إذ إن خفض الصوت أثناء الحوار مع الأفراد الآخرين يعتبر مؤثراً؛ لأن المستمعين ينجذبون إلى المحاور الذي يتحدث بصوت منخفض، ويكون كلامه أكثر قبولاً عندهم.

المهارة الغير اللفظية:

  • تعابير الوجه: هي مجموعة من الشكليات التي تعتمد على حركات عضلات الوجه، ومن المهم استخدامها وتوظيفها في الحوار.
  • التواصل البصريّ: هو الاتصال الذي يقوم على التواصل بالعيون وتوزيع النظر بين الأفراد بالتوازن.
  • حركة اليدين: هي من المهارات التي تعطي انطباعاً إيجابياً في شخصية المحاور.

الأخلاق:

  • عدم إعطاء الأوامر أو استخدام الكلمات التي تتضمن على محتويات إلزامية.
  • عدم الأكل والشرب في وقت عقد الحوار إلا في حال كان ضمن مائدة الطعام.
  • الابتعاد عن الانشغال في الحوار بأي مؤثرات خارجية، مثل تلقي مكالمات هاتفية.

طرق الإقناع في الحوار:

  • يكون إقناع الآخرين بالثقة التي تخرج من المقنع، وحتى يتمكن الفرد أن يقنع الأشخاص بما يرغب، عليه أن يؤكد لهم دقة الكلام الذي يلقيه، ويؤكد دقة الحديث عند الأشخاص الآخرين بأن يكون واقعياً.
  • من الأساليب التي تمنح الفرد القدرة على إقناع الأشاخص بما يريد، أن يكون محتوى حديثه بعيداً عن ورغبات الفرد الشخصية؛ والناس الذين يتحدث إليهم الفرد يثبتون أن هذا الشخص ليس له فائدة شخصية يسعى إليها من وراء حديثه، أو لا يسعى من حواره وكلامه إلى أهداف معينة، فإنه سرعان ما ينال ثقة الآخرين من حوله، ويكون مصدقاً في كلِ ما يصدر عنه.
  • على الفرد تحديد المواضيع التي يتم تعينها والمعلومات التي يريد عرضها للآخرين، ويتحرَّى المصداقية في ذلك، فإن كان الموضوع الذي عليه مدار الحوار مثيراً للجدل، أو فيه نقطة خلافية، على المحاور في هذه الحالة أن يقدم بعض الأدلة القوية التي تثبت صحة كلامه، والتي تستند على معلومات موثوقة.
  • الثقة بالنفس وبخبرات الفرد وإمكانياته، وما لديه من مهارات، فالإنسان لا يستطيع أن يحقق الأهداف والأحلام التي يسعى لها، ما لم يؤمن بقدرته على تحقيقها، فلكي يستطيع أن يؤثر على الآخرين، عليه أولاً أن يثق بنفسه وبالمستقبل الذي ينتظره، إلا أنه قد يعترضه في حياته الكثير من الأشخاص المحبطين الذين يحبطون من إمكانيته وقدراته، فإذا كانت لديه البرمجة العقلية الصحيحة التي تساعده في معرفة ما يريد، فإن أي شيء محبط يوجه إليه لن يكون ذا أهمية كبيرة، أو له تأثير على نجاحه وحياته.
  • مواجهة الخوف، فجميع العظماء الذين يتميزون بقوتهم على الإقناع، كانوا يسيطرون على مخاوفهم، ولذلك على الإنسان أن يواجه مخاوفه، ويتغلب عليها، وألا يحاول أن يخفيها لأنها ستظهر يوماً ما، فالإنسان يولد ولديه نوعان من المخاوف، وهما خوف من السقوط، والآخر الخوف من الأصوات العالية.
  • معرفة الذات واختيار الهدف، فكل فرد يوجد له أهداف في داخله، وطاقات كاملة وأفكار حقيقية؛ إلا أن المشكلة تكمن لديه في عدم تحديد ما يريد من أهداف والعمل المتواصل لتحقيقها، فالعظماء من المقنعين كانوا يعرفون ما يريدون من حياتهم، وأهم الأهداف التي يتمنون تحقيقها، وهذا ما يعرف باكتشاف الذات الإنسانية.
  • تقدير الذات؛ حيث أكدت الدراسات أن من يوجد عندهم تقدير لذواتهم يستطيعون أن يؤثروا على الآخرين بقوة، ولديهم قدرة عالية على إقناعهم والتأثير الكبير فيهم، أما الأشخاص الذين يكون تقديرهم لذاتهم منخفضاً، فإن هذا ينعكس على نجاحهم وتأثيرهم على الآخرين.

مستويات الحوار:

يقسم العلماء الحوار إلى درجتين رئيسيين يبتعبهما المتحاور، بناءً على الطرف المشارك في الحوار، والنوع الأول هو الحوار مع الآخر، الذي يكون بين فئة من الأشخاص حول قضية ما بهدف الوصول للحقيقة، ومع مراعاة آداب الحوار المختلفة، وبطريقة علمية ودون الحاجة للوصول للنتيجة بشكل فوري. ويتميز هذا الشكل من مستويات الحوار بكثرة استخدام الجمل التعجبية والاستفهامية والجمل التي تحتوي على الأمر والطلب.
وقد يتخذ الحوار مع الآخر أشكالاً منها، سلبياً أو إيجابياً، فإذا كان الحوار يقوم على الشكل العدواني، فهو سلبي لا هدف منه سوى الخلاف والعناد، أما إذا كان الحوار يهدف لتوصيل رسالة، أو الوصول لحقيقة، والأطراف فيه ملتزمون بالاحترام والواقعية وتقبل الآخر، فهو حوار إيجابي ينهض بالأمة أما المستوى الآخر للحوار فهو الحوار مع الذات.
فيكون الشخص في هذا المستوى متحاوراً مع ذاته بشكل داخلياً، وبشكل خاص دون أن يعرف الآخرون الأفكار التي تدور داخله، وهو أقرب ما يكون بتحدث الشخص مع شخص آخر وهو هنا صوت داخلي يمثل الشخص نفسه. ويعد هذا الحوار مهماً للإنسان، فهو يقلل الاضطرابات ويولد تناغماً وتصالحاً للإنسان مع نفسه.

ثقافة الحوار:

يُعبّر مصطلح ثقافة الحوار حديث إلى حد ما؛ بحيث إنه لم يتثبت بصورة كبيرة في مجمعنا بعد، وعند محاولة تعريفه فلا بد من الفصل الأولي بين العنصريين المكونين له وهما لفظ الثقافة ولفظ الحوار، فبداية هناك العديد من التعريفات للثقافة، إلا أن أغلبها يجتمع في نهاية الأمر على اعتبارها مجموعة المعارف، والتي تشكل معاً أسلوب الحياة، وشكل العلاقات في المجتمعات.
أما الحوار فيرى أنه الإمكانية على الإنسجام بكافة صوره العاطفية، والسلوكية، والمعرفية مع الآخرين، والذي يساعد بصورة كبيرة في تبادل المفاهيم، والخبرات ونشرها بين المجتمعات، ويتم من خلال التحدث والاستماع، ومن خلال ما سبق يمكن النظر لمصطلح ثقافة الحوار باعتباره نتاجاً خطابياً، وسلوكياً مستلهماً من القيم، والمبادئ، ويتمثل الدور الرئيسي فيه للحوار.
وإن الإنسان بطبيعته يتفاعل مع المجتمع، ويحب أن يُعبّر عن نفسه وقناعاته، من خلال عرض أفكاره على الآخرين ومشاركتهم ما توصل إليه خلال رحلته في الوصول إلى الحقيقة، فيلجأ الإنسان للتواصل مع الآخرين من خلال الحوار. إذ يعرف الحوار لغة بأنه الجواب، وقيل المحاورة المجاوبة والتحاور التجاوب، أمّا اصطلاحاً فيعرف الحوار بأنه حوار يجري بين شخصين أو أكثر حول موضوع معين، للوصول لهدف معين.
أما ثقافة الحوار فتعني تقبل الآخر بما يوجد لديه من اختلاف ديني، مذهبي، عرقي، سياسي، واحترام التعددية عند الاستماع لحوار الأطراف الآخرى ولآرائه. ويُعتبر الحوار ثقافة؛ لأنه يقوم على الكثير من الأسس والآداب التي تجعل منه أداة تواصل هادفة، تُقرّب الأشخاص من بعضهم وتزيد من التواصل الثقافي في مختلف المجالات، وتزيد من تقبل الآخر وترتقي بجميع الأطراف المتحاورة.

عوامل ثقافة الحوار:

هناك عوامل ثابتة لها الأهمية العظمى في تكوين ثقافة الحوار في المجتمعات، حيث أن الأسرة تعتبر المكوّن الأساسي في ذلك، فهي التي تقوم مبدأياً على التفاهم، والوعي بمتطلبات ورغبات كل من أفرادها، وبناء العلاقات القائمة فيها على أساس الاحترام المتبادل، ومواجهة المشكلات من خلال طرح الحلول بالاعتماد على الحوار، في حين تعتبر المدرسة العامل الأساسي، فهي بلا شك الأساس في ترسيخ العلم.
والعامل الثاني هي المعرفة، والتربية المنزلية، ومبادئ الحوار، وتقبل الاختلافات، أما العامل الثالث، والذي اتخذ دور كبير مؤخراً، من خلال انتشاره وتأثيره فهو الإعلام، والذي يساهم بشكل ظاهر في بلورة وعي وثقافة المتلقي، ومن الجدير بالذكر أن للحوار حاجة كبيرة سواء للأفراد أو المجتمعات، والمؤسسات، كما أن له أهمية كبيرة في تطور الحضارات.


شارك المقالة: