دور الإذاعة في تكوين الرأي العام:
أخذت الإذاعة منذ اختراع الراديو مكاناً هاماً وحيوياً من أجهزة الإعلام المختلفة، حيث تتوجه إلى الأشخاص عن طريق الكلمة المسموعة بسرعة كبيرة على أمواج الأثير. وعلى الرغم من استخدام الإذاعة في بداية الأمر كان للترفيه واللهو، إلا أنه تطوَّر بشكل كبير استخدام الإذاعة ودخلت النطاق التجاري، خاصة بعد الحرب العالمية الأولى. وتجد الإشارة إلى أن أول محطة إذاعة متكاملة في العالم لها الصفة التجارية كانت الولايات المتحدة الأمريكية.
ثم توالى بعد ذلك الاهتمام السياسي بالنسبة للأذاعة، حيث اهتمَّت الحكومات المختلفة وعلى اختلاف ايديولوجياتها باستخدام الإذاعة وسيلة إعلامية ضرورية لتثقيقف الجماهير وسلاحاً قوياً، لمن يُجيد استخدامه لتكوين الرأي العام والتأثير عليه بصرف النظر عن الحواجز الجغرافية والزمنية. كما اهتمت كافة الدراسات والأبحاث الإذاعة بتطوير فن الكلمة المنطوقة الذي يعتبر فن مخاطبة الجمهور والتأثير بالرأي العام.
وتؤثر الإذاعة في الرأي العام من خلال إشعارالمستمع بالمشاركة التي تقترب كثيراً من الاتصال الشخصي. وتمارس الإذاعة تأثيراً على الرأي العام من خلال المواد التي تذيعها على شكل أخبار وتعليقات وندوات. ويتكوَّن جمهور الإذاعة عادة من فئات بسيطة من الثقافة؛ ممّا يساعد على ارتفاع قابليتهم للاستهواء.
وحتى تنجح الإذاعة في تحقيق رسالتها في مجال تكوين الرأي العام والتأثير فيه، يجب أن يكون لديها أجهزة متخصصة في مقياس الرأي العام والتعرّف على اتجاهاته ورغباته؛ حتى تساير البرامج الإذاعية هذه الاتجاهات وتلك الرغبات، فتكتسب بذلك ثقة الرأي العام؛ وبذلك تستطيع مخاطبة الجماهير والثقة التامة في التأثير بهم، كما يجب أن تلتزم البرامج الإذاعية بالموضوعية والحقيقة والبعد عن الإثارة الرخيصة؛ حتى لاتفقد ثقة الجماهير وأن لا تضع شعاراً مانعاً بينها وبين الرأي العام.
كذلك يجب العمل على مقاومة الإذاعات المعادية المحلية والخارجية بنظام إعلامي هادئ؛ وذلك بعرض الحقائق على الشعب باستمرار وكشف زيف هذه الدعايات الكاذبة، التي تهدف إلى النيل من تماسك الشعب وثقافته حول نظام الحكم. ومثال على ذلك ما قامت به الإذاعة المصرية ممثلة في إذاعة صوت العرب، عندما واجهت محطة الشرق الأدنى البرطانية والتي كانت تبث إذاعاتها المسموعة، ضد الشعب المصري ونظام الحكم في البلاد واستطاعت القضاء على فاعليتها حتى توقف نهائياً عن البث.
