دور العلاقات العامة في تحقيق التوافق بين المؤسسات والجماهير:
لكي يتحقق التوافق والانسجام المستمر بين أي مؤسسة وجماهيرها، فمن المهم ألا تتوقف عملية الاتصال بين المؤسسة والجمهور، والمقصود بعملية الاتصال هنا الاتصال المزدوج أو بالاتصال الصاعد والهابط، ويتمثل الاتصال الصاعد في عملية جمع البيانات والمعلومات الأساسية عن آراء الجماهير، ورغباتها، والمشكلات التي تواجهها والحلول التي تطمع أن يكون للمؤسسة دور معين فيها.
وهذه هي المرحلة الأولى أو نقطة البدء في أنشطة العلاقات العامة، وتقوم إدارة العلاقات العامة في المؤسسة بدراسة هذه البيانات وتتبادل الرأي والمشورة مع الإدارة العليا لتخطيط سياستها، وتضع أهدافها بما يحقق التوافق بين سياسة المؤسسة ورغبات الجماهير التي تتعامل معها، وهذه هي المرحلة الثانية في عملية العلاقات العامة وتأتي في المرحلة الثالثة وظيفة الاتصال الهابط من إدارة المؤسسة إلى جماهيرها، سواء كان هذا الاتصال إعلامياً أو تأثيرياً أو متضمناً للناحيتين الإعلامية والتأثيرية معاً.
فالاتصال الإعلامي يُتيح للجمهور الجديد، والمهم الذي فيما يريد الجمهور في معرفته كالقرارات الجديدة أو التحديثات التي تتعلق بالأوضاع القائمة أو الإنجازات البارزة، أو غيرها من الموضوعات التي تتعلق بمصلحة العملاء وترتبط مصالحهم بشكل مباشر، كما يهدف الاتصال التأثيري إلى إقناع الجمهور بأهمية السياسات الحالية أو التغيرات التي تطرأ عليها، كذلك يسعى هذا النوع من الاتصال إلى كسب ثقة العملاء في المؤسسة وزيادة إقبالهم عليها والترويج لها في الإقليم الذي تمارس نشاطها فيه.
ولا يغفل هذا الاتصال عن الحصول على دعم الجمهور الداخلي، ففي نفس الوقت الذي يحرص فيه على بناء صورة طيبة للمؤسسة في أذهان الجماهير التي تستهدفهم، أما المرحلة الرابعة في عملية العلاقات العامة والتي تسمى بالتقويم فهي في الواقع مرحلة بحث جديدة، أو اتصال صاعد جديد يستهدف التعرف على رد الفعل بالنسبة للقرارات أو السياسات الجديدة أو المعدلة، أو ما تقدّمه المؤسسة من خدمات أو تسهيلات في إجراءات العمل.
كما تهدف هذه المرحلة إلى التعرف أيضاً على رجع الصدى بالنسبة للمرحلة السابقة، المتكوّنة في الاتصال الإعلامي أو التأثيري ولا تتوقف أنشطة العلاقات العامة ومهامها، عند الوصول إلى هذه المرحلة؛ حيث يكون من المناسب في بعض الأحيان إجراء بعض التعديلات في الخطة أو إحداث تغييرات أساسية فيها، ثم يكون دور الاتصال الهابط مُعبّراً عن هذه التعديلات أو التغييرات.
وقد لا تكون هناك حاجة حالية لإحداث تعديلات أو تغييرات، ومع ذلك يصبح الاتصال ضرورياً للاحتفاظ بثقة الجماهير وتأييدها وكسب تأييد قطاعات أخرى، أو تحديد أوجه المعارضة إن كان ثمة معارضة لنشاط المؤسسة أو سياساتها، وإذا كان الطابع الاتصالي هو السمة الغالبة في أنشطة العلاقات العامة في المؤسسات المختـلفـة التي تمارس هذه الوظيفة بطريقة علمية.
فإنه في العلاقات العامة في المجال التطبيقي من الضروري التأكيد على الجانب الإيجابي البنّاء، الذي يعتمد بصفة أساسية على الأفعال ولا يقتصر على الأقوال، فقد يُنبّه الاتصال الصاعد إلى قصور معين في الخدمات التي تقدمها المؤسسة لجمهورها الداخلي، أو لعملائها أو للجمهور الخارجي، ففي هذه الأحوال ينبغي على المؤسسة أن تعالج هذا القصور، وأن تذلل الصعاب التي تواجه الجمهور، وأن تساهم في حل المشكلات بشكل جدي ثم يكون الاتصال بعد ذلك مُعبّراً عن هذا الواقع الجديد، ومستهدفاً التعرّف على صداه بين الجماهير المعنية.
ولا تختلف العلاقات العامة في المجال المالي من حيث مراحلها الأساسية أو مفهومها عن المجالات الأخرى، وإن كانت هناك اختلافات في أساليب التطبيق تبعاً لاختلاف الأهداف والجماهير، بالإضافة إلى الطبيعة المتميزة للنشاط المالي، فهذه الطبيعة التي تفرض على المشتغل بالعلاقات العامة أن يكون حريصاً على نشر الأخبار بأقصى سرعة، وفي نفس الوقت الذي يتحتم عليه أن يدقق في استخدام المعلومات التي تتجمع لديه؛ حتى لا يلحق الضرر بمصالح الشركة التي يمثلها أو العميل الذي يُعبّر عنه.
وبالإضافة إلى الصفات العامة التي يجب أن يتصف بها المشتغل بالعلاقات العامة، من حيث الدقة والأمانة والاتزان، النشاط، القدرة على الاستمالة، التخطيط الجيد، الخيال الواسع، الاعتدال، المسؤولية العامة، الشجاعة والموضوعية، ويجب أن تتوفر لممارسة هذه المهنة خلفية علمية مناسبة في المجال المالي ويجب أن تدعم هذه الخلفية بالاحتكاك المستمر والمعايشة المتصلة بالمجتمع المالي ودراسة التطورات الاقتصادية المحلية والعالمية.
وتُعَدّ هذه النوعية من العلاقات من أفضل وأبرز العلاقات، التي من الضروري على إدارة المنظمة أن تضعها ضمن أولى أولوياتها والاهتمام بها، ولعل القائمين بالعلاقات العامة في أية منظمة يُدركون ذلك؛ لأن العاملين فى أية مؤسسة إنتاجية أو خدمية، حكومية أو غير حكومية تُعتبر العمود الفقري للوصول إلى أهدافها، من ثم أصبح على العلاقات العامة أن تقوم بالدور الفعّال لتعزيز هذه العلاقات المتشابكة والمتداخلة، خاصة وأن أية منظمة تتكون من مجموعة متكاملة من العاملين على مختلف المستويات الإدارية والتنظيمية، داخل إطار تنظيمي متكامل.