ما هي مسؤوليات العلاقات العامة الحكومية في الدول النامية؟

اقرأ في هذا المقال


مسؤوليات العلاقات العامة الحكومية في الدول النامية:

قد اتضح اهتمام الدول الحديثة بالعلاقات العامة الحكومية، ومقدرتها على الاستفادة من هذا الفن في تحقيق التوافق بين الحكومات والجماهير، فقد أقامت هذه الدول إدارات خاصة للقيام بهذا الدور ولم تدخر وسعاً في الإنفاق عليها وتلبية متطلباتها، وإذا كانت ممارسة العلاقات العامة الحكومية في الدول المتقدمة تتم في ظروف مستقرة ومناخ ديمقراطي تتحدد فيه المسؤوليات والحقوق، وتفهم الحريات بلا تجاوزات.
فإن ظروف ممارسة هذه الوظيفة في الدول النامية تواجه عدداً من الصعوبات التي تبيقيها أكثر تعقيداً، والتي تضاعف في نفس الوقت من مسؤولياتها في تحقيق التكيف والتوافق بين الحكومة والجماهير من ناحية، وبين قطاعات هذه الجماهير من ناحية أخرى، فالدول النامية في سعيها إلى اللحاق بركب الدول المتقدمة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإدارية، تواجه بعض المشكلات التي تختلف باختلاف ظروف كل منها.
فبعض هذه الدول تتعرض لمحدودية في الموارد الاقتصادية، والبعض الآخر يواجه نقصاً في الكفاءات البشرية المدربة تدريباً متقدماً، كما أن هناك دولاً تعاني قصوراً في توفير مكونات التكنولوجيا الحديثة، هذا بالإضافة إلى تلك الدول التي تواجه هذه الأعباء مجتمعة، كما تواجه الدول النامية أيضاً بعض المشكلات السياسية المتصلة بتحديد شخصيتها ونظامها السياسي، ومحاولات القوى العالمية فرض نفوذها وسيطرتها على النظام الحاكم واستغلال حاجته إلى الدعم الاقتصادي، أو العون العلمي والفني للسيطرة على مقدرات هذه الدول وتوجيه سياستها طبقاً لمصالح هذه القوى بالدرجة الأولي.
وهو ما قد يتنافى مع الصالح الوطني وتتعرض بعض الحكومات في الدول النامية، بالإضافة إلى ذلك صراعات داخلية وخارجية تستنزف جهودها البشرية في حروب متصلة تحد من قدرتها على مواجهة متطلبات التنمية والوفاء بالبرامج التي وعدت بها جماهيرها غداة وصولها إلى الحكم، ويترتب على هذه الحروب بالإضافة إلى تزايد الأعباء الاقتصادية وتزايد اتصال مجتمعات هذه الدول بالعالم الخارجي، وتعرّضها للتأثيرات العالمية بما تحمله من أفكار وأنظمة مختلفة.
كذلك فقد لعبت الثورة التكنولوجية في وسائل الاتصال الجماهيري دوراً حاسماً في مواجهة مجتمعات الدول النامية للأحداث السياسية العالمية، وساعدت مع الوعود المتكررة من القادة الوطنيين في خلق ما يسمى بثورة التوقعات، حيث زادت كمال الجماهير وتطلعاتها لتحقيق حياة الرخاء والاستقرار، وإذ بهذه التطلعات والتوقعات تنهار في بعض الدول النامية؛ نتيجة للمشكلات العديدة التي تعرضت لها وعجزت معها عن تحقيق معدلات التنمية، التي جاءت في برامجها.
وهذا يتطلب تهيئة قنوات الاتصال التي تنساب من خلالها المعلومات إلى الإدارة؛ لكي تتعرَّف على الآراء والاتجاهات السائدة، ولكي تقف على المشكلات التي تعاني منها الجماهير قبل إن يزداد أثرها ويصعب تداركها، حيث أن الإعلام الحكومي يستطيع أن يلعب دوراً حيوياً في إنجاح الإدارة باكتشاف أثر القوى الاجتماعية الجديدة، والتعرف على مواطن القلق والتوتر قبل أن تزداد حدتها.
وكما يجب تقوية الشعور بالانتماء القومي والوحدة الوطنية وفي عام 1940، كتب هاروود تشايلدز أستاذ العلوم السياسية الأمريكي إن مسؤولية العلاقات العامة أن تُحدد للإدارة الأعمال والسياسات التي تؤثر على المجتمع، وعليها أن تستبعد من هذه الأعمال والسياسات ما يتعارض مع مصلحة الجمهور أو تعدلها بما يحقق التوافق بين مصلحة الفرد أو المنظمة ومصلحة الجماهير.
ولكي يتم ذلك على الشكل الأكمل ولا بُدّ أن يتمكن رجال العلاقات العامة من المبادئ المهمة للعوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تتكوّن في المجتمع في الوقت الحاضر، فإن العلاقات العامة بمفهومها الحديث يجب أن تمارس هذه الوظيفة على أسس علمية وبصفة مستمرة، كما أن هذه الوظيفة تتضمن قياس وتقييم وتفسير اتجاهات الجماهير المختلفة التي لها صلة بالمنظمة.
وتحوّلت هذه التوقعات إلى إحباط، وأدى ذلك إلى مشكلة كبيرة لحكومات هذه الدول في إقناع الجماهير بتقبل الكثير من التضحيات الأعباء المتجددة في عالم يتجه نحو الرخاء، وكثيراً ما لجأت بعض هذه الدول للتغلب على آثار هذا الإحباط إلى خلق معارك وهمية، أو حتى حقيقية في المجال الداخلي أو الخارجي لتحويل أنظار الجماهير عن المشكلات الحقيقية التي تواجهها، أو تأجيل انفجار السخط ريثما تستطيع حكومات هذه الدول إيجاد مخرج للأزمة التي تواجهها.
كما يتطرق بعض القادة الوطنيين إلى إحداث تغييرات بين الحين والآخر في البرامج والسياسات الداخلية، أو الخارجية أو حتى في النظام السياسي نفسه لصرف الجماهير عنه، وقد تؤدي مشكلاتها المزمنة أو إعطائها أملاً جديداً لحل هذه المشكلات استمرار الأوضاع كما هي إلى مزيد من الإحباط، الذي قد يتحوّل إلى سخط عام يتمثل في شكل مظاهرات عنيفة أو صراعات دموية.
وفي تواجد هذه الظروف تسير الأمور المعادية للأنظمة الحاكمة في الداخل والخارج؛ بسبب حملاتها للتشكيك فيها وإضعافها تبعاً للسيطرة عليها أو تحطيمها، إذا كان ذلك في صالح القوى المنافسة وتستغل هذه القوى الصراعات القائمة، وتلجأ إلى تغذيتها وتوسيع الفجوة بين النظام الحاكم والجماهير دون أن تسفر عن وجهها وأهدافها، وفي بعض الأحيان تسفر هذه القوى عن وجهها وتقود بنفسها الأعمال العدوانية؛ لتحقيق مصالحها تحت ستار الادعاء بمناصرة المصالح الوطنية.


شارك المقالة: