إصابات الرأس الرضية في بيئة العمل

اقرأ في هذا المقال


مقدمة حول أسباب إصابات الرأس الرضية في بيئة العمل:

تتكون إصابات الرأس من إصابة الجمجمة وإصابة الدماغ البؤري وإصابة أنسجة المخ المنتشرة، وفي حالات إصابات الرأس المرتبطة بالعمل، تمثل السقوط في غالبية الأسباب، حيث تشمل الأسباب الأخرى المتعلقة بالوظيفة التعرض للاصطدام بالمعدات أو الآلات أو العناصر ذات الصلة، والمركبات الآلية على الطرق، كذلك معدلات إصابات الدماغ المرتبطة بالعمل أعلى بشكل ملحوظ بين العمال الشباب من كبار السن.

يتعرض العمال المنخرطون في مجالات التعدين والبناء وقيادة السيارات والزراعة لخطر أكبر في صدمة الرأس وتكون شائعة عند الرياضيين مثل الملاكمين ولاعبي كرة القدم.

فيزيولوجيا الأعصاب:

يمكن أن يحدث كسر الجمجمة مع أو بدون تلف في الدماغ، حيث يمكن أن تؤدي جميع أشكال إصابات الدماغ، وسواء كانت ناتجة عن اختراق أو صدمة الرأس المغلقة، إلى تطور تورم في النسيج الدماغي، حيث تؤدي العمليات الفيزيولوجية المرضية المولدة للأوعية والخلوية النشطة على المستوى الخلوي إلى وذمة دماغية وزيادة الضغط داخل الجمجمة ونقص تروية دماغية.

قد لا تسبب إصابات الدماغ البؤرية (الأورام الدموية فوق الجافية أو تحت الجافية أو داخل الجمجمة) تلفاً موضعياً في الدماغ فحسب، بل قد تسبب أيضاً تأثيراً جماعياً داخل الجمجمة، مما يؤدي إلى تحول خط الوسط وفتق في نهاية المطاف ضغط جذع الدماغ (منتصف الدماغ والجسور والنخاع المستطيل)، ومما يسبب، أولاً انخفاض مستوى الوعي، ثم توقف التنفس والموت، حيث تمثل إصابات الدماغ المنتشرة صدمة جزئية لعدد لا يحصى من محاور الدماغ، كما ويمكن أن تتجلى في أي شيء من الخلل المعرفي الخفيف إلى الإعاقة الشديدة.

البيانات المرضية:

هناك عدد قليل من الإحصائيات الموثوقة حول حدوث إصابة في الرأس من الأنشطة المتعلقة بالعمل، وفي الولايات المتحدة، تشير تقديرات حدوث إصابات الرأس إلى أن ما لا يقل عن مليوني شخص يتعرضون لمثل هذه الإصابات كل عام، مع ما يقرب من 500000 حالة دخول إلى المستشفيات، وما يقرب من نصف هؤلاء المرضى كانوا متورطين في حوادث السيارات.

أظهرت دراسة عن إصابات الدماغ لدى سكان مقاطعة سان دييغو، كاليفورنيا في عام 1981 أن المعدل الإجمالي لإصابات العمل للذكور كان 19.8 لكل 100 ألف عامل (45.9 لكل 100 مليون ساعة عمل)، حيث كانت معدلات الإصابة بإصابات الدماغ المرتبطة بالعمل للأفراد المدنيين والعسكريين 15.2 و37.0 لكل 100.000 عامل على التوالي، بالإضافة إلى ذلك، بلغ معدل الإصابة السنوي لهذه الإصابات 9.9 لكل 100 مليون ساعة عمل للذكور في قوة العمل (18.5 لكل 100 مليون ساعة للأفراد العسكريين و7.6 لكل 100 مليون ساعة للمدنيين)، وفي نفس الدراسة، كان حوالي 54٪ من إصابات الدماغ المرتبطة بالعمل المدني نتجت عن السقوط، و8٪ تتعلق بحوادث السيارات على الطرق.

إصابات الجمجمة:

يمكن الكشف عن كسور القبو الدماغي، وسواء الخطية أو المنخفضة، وذلك عن طريق الفحوصات الإشعاعية، حيث يكون موقع الكسر وعمقه أكثر أهمية من الناحية السريرية.

كما يمكن العثور على كسور قاعدة الجمجمة، والتي لا تظهر فيها الكسور عادةً في الصور الشعاعية التقليدية للجمجمة، وعن طريق التصوير المقطعي المحوسب (التصوير المقطعي المحوسب)، كما يمكن أيضاً تشخيصه من خلال النتائج السريرية مثل تسرب السائل الدماغي الشوكي من الأنف (CSF rhinorrhea) أو الأذن (CSF otorrhea)، أو نزيف تحت الجلد في المناطق المحيطة بالحجاج أو الخشاء، على الرغم من أن ظهورها قد يستغرق 24 ساعة.

الورم الدموي:

عادة ما يكون الورم الدموي فوق الجافية بسبب نزيف شرياني وقد يترافق مع كسر في الجمجمة، حيث يُنظر إلى النزيف بوضوح على أنه كثافة ثنائية الوجه في التصوير المقطعي المحوسب، حيث يتميز سريرياً بفقدان مؤقت للوعي بعد الإصابة مباشرة، ويتبعه فترة صافية قد يتدهور الوعي بسرعة بسبب زيادة الضغط داخل الجمجمة.

الورم الدموي تحت الجافية هو نتيجة النزيف الوريدي تحت الجافية، كما يمكن تصنيف النزف تحت الجافية على أنه حاد أو تحت الحاد أو مزمن، وذلك بناءً على المسار الزمني لتطور الأعراض، حيث تنجم الأعراض عن الضغط المباشر على القشرة تحت النزيف، وغالباً ما يُظهر التصوير المقطعي المحوسب للرأس عجزاً على شكل هلال، حيث ينتج الورم الدموي داخل المخ عن نزيف داخل حمة نصفي الكرة المخية، وقد يحدث في وقت الصدمة أو قد يظهر بعد بضعة أيام، وعادة ما تكون الأعراض مأساوية وتتضمن انخفاضاً حاداً في مستوى الوعي وعلامات زيادة الضغط داخل الجمجمة، مثل الصداع والقيء والتشنجات والغيبوبة، وقد يحدث النزف تحت العنكبوتية بشكل عفوي نتيجة لتمدد الأوعية الدموية في التوت، أو قد يكون ناجماً عن صدمة في الرأس.

أما عند المرضى الذين يعانون من أي شكل من أشكال الورم الدموي، فإن تدهور الوعي والتلميذ المتوسع المماثل والخزل الدموي المقابل يشير إلى ورم دموي متوسع والحاجة إلى تقييم جراحي عصبي فوري، حيث يتسبب ضغط جذع الدماغ في حوالي 66٪ من الوفيات الناجمة عن إصابات الرأس.

إصابة الدماغ:

يظهر هذا على أنه فقدان مؤقت للوعي أو عجز عصبي، وقد يكون فقدان الذاكرة رجعياً، مثل فقدان الذاكرة قبل فترة زمنية من الإصابة، أو التراجع مثل فقدان الذاكرة الحالية، حيث يُظهر التصوير المقطعي المحوسب عدة نزيف صغير منعزل في القشرة الدماغية، كذلك المرضى أكثر عرضة للإصابة بالنزيف داخل الجمجمة.

ارتجاج في المخ:

يُعرَّف الارتجاج الخفيف بأنه اضطراب سريع الشفاء (أقل من 24 ساعة) للوظيفة (مثل الذاكرة)، والثانوي للصدمة، حيث يتضمن ذلك أعراضاً بسيطة مثل فقدان الذاكرة وواضحة مثل فقدان الوعي.

حيث يتجلى الارتجاج الدماغي الكلاسيكي على أنه خلل عصبي مؤقت قابل للشفاء ببطء، مثل فقدان الذاكرة، وغالباً ما يكون مصحوباً بفقدان كبير للوعي (أكثر من 5 دقائق، أقل من 6 ساعات)، والأشعة المقطعية طبيعية.

إصابات المحور العصبي:

ينتج عن هذا حالة غيبوبة مطولة (أكثر من 6 ساعات)، وفي الشكل الأكثر اعتدالاً، حيث تكون الغيبوبة مدتها من 6 إلى 24 ساعة، وقد تترافق مع عجز عصبي أو إدراكي طويل الأمد أو دائم، حيث تستمر الغيبوبة ذات الشكل المعتدل لأكثر من 24 ساعة وتترافق مع معدل وفيات بنسبة 20٪، كما يُظهر الشكل الحاد خللاً في جذع الدماغ مع غيبوبة تستمر لأكثر من 24 ساعة أو حتى أشهر، وذلك بسبب تورط نظام تنشيط شبكي.

التشخيص والتشخيص التفريقي:

بصرف النظر عن التاريخ والفحوصات العصبية التسلسلية وأداة التقييم القياسية مثل مقياس غلاسكو للغيبوبة، فإن الفحوصات الإشعاعية مفيدة في إجراء تشخيص نهائي، كما يعد الفحص بالأشعة المقطعية للرأس أهم اختبار تشخيصي يتم إجراؤه للمرضى الذين يعانون من نتائج عصبية بعد إصابات الرأس، كما ويسمح بإجراء تقييم سريع ودقيق للآفات الجراحية وغير الجراحية في المرضى المصابين بجروح خطيرة، كذلك التصوير بالرنين المغناطيسي (MR) مكمل لتقييم صدمة الرأس الدماغي، حيث يتم التعرف على العديد من الآفات عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي مثل الكدمات القشرية والأورام الدموية الصغيرة تحت الجافية وإصابات المحاور المنتشرة التي قد لا تظهر في فحوصات التصوير المقطعي المحوسب.

العلاج والتشخيص:

يجب إحالة المرضى الذين يعانون من إصابات في الرأس إلى قسم الطوارئ، والاستشارة في جراحة الأعصاب مهمة، حيث يحتاج جميع المرضى المعروفين بأنهم فاقدون للوعي لأكثر من 10 إلى 15 دقيقة، أو الذين يعانون من كسر في الجمجمة أو شذوذ عصبي إلى دخول المستشفى والمراقبة، لأن احتمال التدهور المتأخر من توسيع الآفات الجماعية موجود.

اعتماداً على نوع وشدة صدمة الرأس، عندها قد يكون من الضروري توفير الأكسجين الإضافي والتهوية الكافية وتقليل ماء الدماغ عن طريق الحقن الوريدي لعوامل مفرطة الأسمولية سريعة المفعول (مثل المانيتول) والكورتيكوستيرويدات أو مدرات البول وإزالة الضغط الجراحي، كما يُنصح بإعادة التأهيل المناسب في مرحلة لاحقة.

كشفت دراسة متعددة المراكز أن 26٪ من المرضى الذين يعانون من إصابات حادة في الرأس قد تعافوا بشكل جيد، و 16٪ كانوا يعانون من إعاقة متوسطة و17٪ كانوا إما معاقين بشدة أو يعانون من أمراض نباتية، كما وجدت دراسة متابعة أيضاً صداعاً مستمراً في 79٪ من الحالات الأكثر اعتدالاً من إصابات الرأس، وصعوبات في الذاكرة.

الوقاية:

يجب وضع برامج التثقيف في مجال السلامة والصحة للوقاية من حوادث العمل على مستوى المنشأة للعمال والإدارة، كما يجب تطبيق التدابير الوقائية للتخفيف من حدوث وشدة إصابات الرأس نتيجة لأسباب مرتبطة بالعمل مثل السقوط وحوادث النقل.

المصدر: Sklar, EM, RM Quencer, BC Bowen, N Altman, PA Villanueva. 1992. Magnetic resonance applications in cerebral injury. Radiol Clin N Am. 30(2): 353-366.Kraus, JF and D Fife. 1985. Incidence, external causes, and outcomes of work-related brain injuries in males. J Occup Med 27(10):757-760.Johnson, MH and SH Lee. 1992. Computed tomography of acute cerebral trauma. Radiol Clin N Am 30(2): 325-352.Jennett, B. 1992. Head trauma. In Diseases of the Nervous System—Clinical Neurobiology, 2nd edition, Vol. 2, edited by AK Asbury, GM Mckhann and WI McDonald. Philadelphia: WB Saunders Company.


شارك المقالة: