الأنظمة الحاكمة لعلاقة الإنسان بالبيئة تحت سيطرة السلامة العامة

اقرأ في هذا المقال


أهمية معرفة الأنظمة الحاكمة تحت سيطرة السلامة العامة:

تم التعرف على العلاقة بين صحة الإنسان والبيئة البشرية منذ الأزل، بحيث يمكن إرجاع مبدأ الطب هذا إلى أبقراط، والذي علم تلاميذه “الاهتمام بالهواء والمياه والأماكن”؛ وذلك إذا سعوا إلى فهم مصادر الصحة والأمراض لدى مرضاهم.

كما استمرت هذه النظرة القديمة للعلاقة بين صحة الإنسان والبيئة، وذلك الى درجة قبول المجتمع لهذا الارتباط تتأثر بثلاثة عوامل، وهما تطوير الفهم العلمي لجسم الإنسان وزيادة القدرة على علاج الأمراض الفردية وتطور المفاهيم العلمية والدينية والثقافية الموازية.

كما أعطيت العوامل البيئية كسبب للصحة أو الأمراض لفئات كاملة من الناس اهتماماً متزايداً خلال الثورة الصناعية، كذلك استمر الاتجاه حتى يومنا هذا؛ بمساعدة تطور العلوم البيئية وتقنيات تحديد السببية وتقييم المخاطر.

في مكان العمل تم تحديد الروابط السببية بين الصحة والبيئة لأول مرة بشكل واضح، وذلك كما كان مكان العمل هو المكان الذي شعرت فيه أولاً بعواقب الزيادة في كمية وتنوع الملوثات الناتجة عن تنوع العمليات الصناعية، ومع ذلك؛ لا يمكن حصر هذه الملوثات في البيئة المهنية. بمجرد إطلاقها، كذلك قد يصبح من الصعب تتبع مسارها أو تتبعه؛ لكنه ينتهي حتماً في الطبيعة.

كما توجد السموم البيئية في التربة والماء والهواء حتى في أكثر البيئات النائية وتتأثر صحة الإنسان بدورها بتلوث البيئة الطبيعية، سواء أكان محلياً أو وطنياً أو عابراً للحدود، إلى جانب الأنواع الأخرى من التدهور البيئي، والذي يتسبب في استنفاد الموارد الطبيعية في جميع أنحاء العالم، حيث يضفي هذا بُعداً كوكبياً على التفاعل بين الظروف البيئية والصحة العامة.

كما أنه لا مفر من الاستنتاج بأن جودة بيئة العمل والبيئة الطبيعية مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، ولا يمكن أن تنجح الحلول الدائمة لأي من هذه المشاكل إلا إذا تم التعامل مع كليهما جنباً إلى جنب.

كيف يعتبر قانون البيئة وسيلة لتحقيق الغاية؟

تعد صياغة السياسات للحفاظ على كل من البيئة الطبيعية وبيئة العمل وتحسينها شرطاً أساسياً للإدارة البيئية الناجحة، ومع ذلك؛ تبقى السياسات حبراً على ورق ما لم يتم تنفيذها، حيث لا يمكن تحقيق هذا التنفيذ إلا من خلال ترجمة مبادئ السياسة إلى قواعد القانون.

ومن هذا المنظور؛ يكون القانون في خدمة السياسة، مما يمنحها درجة من الدقة والاستمرارية من خلال التشريع المناسب، كما أن التشريع بدوره هو هيكل إطار لا يكون مفيداً إلا إذا تم تنفيذه وفرضه، كما يعتمد التنفيذ والإنفاذ على السياقات السياسية والاجتماعية التي تحدث فيها؛ إذا لم يتم دعمهم من قبل الجمهور؛ فمن المحتمل أن يظلوا غير فعالين.

لذلك؛ فإن سن التشريعات البيئية وتنفيذها وإنفاذها يعتمد إلى حد كبير على فهم وقبول القواعد التي وضعها أولئك الذين يتم توجيه هذه القواعد إليهم، ومن هنا تأتي أهمية نشر المعلومات والمعارف البيئية للجمهور بشكل عام، وكذلك لمجموعات مستهدفة محددة.

دور قانون البيئة من ناحية الوقاية والعلاج:

إن دور القانون في المجال البيئي، وكما هو الحال في العديد من المجالات الأخرى؛ ذو شقين، وهما أولاً إنشاء قواعد وشروط تساعد على التحكم أو الوقاية من الإضرار بالبيئة أو صحة الإنسان وثانياً تقديم تعويضات للحالات التي حدث فيها الضرر على الرغم من هذه القواعد والشروط.

الوقاية من خلال تقنيات القيادة والسيطرة على المخاطر:

ضوابط استخدام الأراضي:

يعد تنظيم استخدام الأراضي عنصراً رئيسياً في قانون البيئة، وشرطاً أساسياً للتحكم والتوجيه في تطوير الأراضي واستخدام الموارد الطبيعية، حيث تكمن المشكلة عادة في ما إذا كان من الممكن استخدام بيئة معينة لاستخدام آخر، كما يُفهم أن عدم الاستخدام هو أيضاً نوع من أنواع استخدام الأراضي.

أيضاً تسمح ضوابط استخدام الأراضي بتحديد مواقع الأنشطة البشرية في أفضل مكان (أو أقل ضرراً)، كما تخضع الأنشطة المتوخاة للقيود، وعادة ما يتم تحقيق هذين الهدفين من خلال إنشاء شرط للحصول على إذن مسبق.

إعطاء إذن مسبق:

حيث يعتبر التفويض المسبق هو مصطلح عام لأي شكل من أشكال الإذن (على سبيل المثال، الترخيص، التصريح) الذي يجب الحصول عليه من سلطة تنظيمية قبل القيام بأنشطة معينة، كما تتمثل الخطوة الأولى في تحديد أنشطة القطاع الخاص والعام التي تخضع لترخيص مسبق بموجب القانون، كما أن هناك عدة طرق ممكنة وليست متعارضة:

  • ضوابط المصادر: وذلك عندما يتم تحديد فئة من مصادر الضرر البيئي بوضوح؛ فإنها تخضع عادة لترخيص مسبق على هذا النحو (على سبيل المثال، جميع فئات المنشآت الصناعية والسيارات).
  • ضوابط المواد: عندما يتم تحديد مادة أو فئة معينة من المواد على أنها قد تكون ضارة بالبيئة، فقد يخضع استخدام هذه المواد أو إطلاقها لترخيص مسبق.
  • الضوابط الإعلامية والتحكم المتكامل في التلوث: وهي عبارة عن الضوابط الموجهة للوسائط هي تلك التي تهدف إلى حماية مكون معين من البيئة (الهواء والماء والتربة)، كما قد تؤدي مثل هذه الضوابط إلى تحويل الضرر البيئي من وسيط إلى آخر؛ وبالتالي تفشل في تقليل (أو حتى زيادة) الدرجة الكلية للضرر البيئي، وقد أدى ذلك إلى تطوير أنظمة ترخيص مسبق منسقة، حيث يتم النظر في جميع التلوث من مصدر واحد وجميع الوسائط المتلقية قبل منح ترخيص واحد شامل.

المعايير البيئية:

تعتبر المعايير البيئية هي الحدود القصوى المسموح بها والتي يمكن أن يفرضها القانون بشكل مباشر، أو بشكل غير مباشر كشرط للحصول على تصريح، كما قد تكون هذه الحدود مرتبطة إما بآثار أو أسباب الضرر البيئي:

المعايير المتعلقة بالتأثير هي تلك التي تأخذ الهدف كخط أساس، وتشمل:

  • المعايير البيولوجية.
  • معايير التعرض.
  • معايير الجودة البيئية.

كما أن المعايير المتعلقة بالسبب هي تلك التي تأخذ سبب الضرر البيئي المحتمل كخط أساس، وتشمل:

  • معايير الانبعاث.
  • معايير المنتج.
  • معايير العمليات أو التشغيل.

حيث تحدد مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك طبيعة الملوثات والوسائط المتلقية والحالة الفنية، كذلك نوع المعيار الأكثر ملاءمة، حيث تلعب الاعتبارات الأخرى أيضاً دوراً مهماً، بحيث يوفر وضع المعايير وسيلة لتحقيق التوازن بين ما هو مرغوب بيئياً في مكان معين في وقت معين والجدوى الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق هدف بيئي محدد.

وأخيراً أنه كلما كانت المعايير أكثر صرامة؛ زادت تكاليف الإنتاج، لذلك؛ تلعب المعايير المختلفة في مواقع مختلفة داخل الدولة أو بين الدول دوراً مهماً في تحديد مزايا أو عيوب السوق التنافسية، وقد تشكل حواجز غير جمركية أمام التجارة، ومن ثم الرغبة في السعي إلى التنسيق على المستوى الإقليمي أو العالمي.


شارك المقالة: