المخاطر الصحية المرتبطة بالتعرض للأمواج الكهرومغناطيسية

اقرأ في هذا المقال


مقدمة حول التركيب الفيزيائي للأمواج الكهرومغناطيسية:

تنتج الموجات الكهرومغناطيسية عن طريق حركة الجسيمات المشحونة كهربائياً، كما تسمى هذه الموجات أيضاً بالإشعاع الكهرومغناطيسي لأنها تشع من الجسيمات المشحونة كهربائياً، ولذلك تنتقل عبر الفضاء الفارغ وكذلك عبر الهواء والمواد الأخرى، حيث يشار إلى الموجات الكهرومغناطيسية ذات الترددات المنخفضة بالمجالات الكهرومغناطيسية وتلك الموجات ذات الترددات العالية جداً، كما تسمى الإشعاعات الكهرومغناطيسية.

ووفقاً لترددها وطاقتها، يمكن تصنيف الموجات الكهرومغناطيسية إما على أنها إشعاعات مؤينة أو إشعاعات غير مؤينة (NIR)، لأن الإشعاعات المؤينة هي موجات كهرومغناطيسية عالية التردد (الأشعة السينية وأشعة جاما)؛ والتي لديها طاقة فوتونية كافية لإنتاج التأين عن طريق كسر الروابط الذرية التي تربط الجزيئات في الخلايا معاً.

غير المؤين (NIR) هو مصطلح يشير إلى ذلك الجزء من الطيف الكهرومغناطيسي، والذي يحتوي على طاقات فوتونية أضعف من أن تكسر الروابط الذرية، وهي تشمل الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء والترددات الراديوية ومجالات الميكروويف.

التأثيرات البيولوجية والطبية للمجالات الكهرومغناطيسية:

في حين أن الجانب الإيجابي للابتكار التكنولوجي يجعل الحياة أسهل، فقد يتضمن أيضاً مكونات تضعف نوعية الحياة من خلال بعض الآثار السلبية، حيث استمر النقاش حول الآثار الضارة للموجات الكهرومغناطيسية على الحياة البيولوجية منذ اكتشاف الكهرباء في القرن التاسع عشر.

حيث يمكن للموجات الكهرومغناطيسية الناتجة عن العديد من المصادر الطبيعية، والتي من صنع الإنسان أن تسافر لمسافات طويلة وتلعب دوراً مهماً للغاية في الحياة اليومية على وجه الخصوص، كما تُستخدم المجالات الكهرومغناطيسية في منطقة الترددات الراديوية (RF) في الاتصالات والبث الإذاعي والتلفزيوني والشبكات الخلوية والأنظمة اللاسلكية الداخلية.

نتيجة للابتكارات التكنولوجية، يزداد استخدام المجالات الكهرومغناطيسية تدريجياً، وبالتالي يتعرض الناس للموجات الكهرومغناطيسية بمستويات أعلى بكثير من تلك الموجودة في الطبيعة، إلى جانب الاستخدام الواسع النطاق للمنتجات التكنولوجية في الحياة اليومية، حيث بدأت مناقشة الآثار البيولوجية للموجات الكهرومغناطيسية.

وعلى وجه الخصوص؛ يثير العدد المتزايد بشكل كبير من مستخدمي الهواتف المحمولة مخاوف كبيرة بسبب الأضرار المحتملة على الأشخاص المعرضين لموجات التردد الراديوي.

ونظراً لاستخدام الهواتف المحمولة في أوضاع قريبة جداً من جسم الإنسان وتتطلب عدداً كبيراً من هوائيات المحطة الأساسية؛ فإن الجمهور والعلماء لديهم علامات استفهام في أذهانهم حول تأثير شبكات الهاتف المحمول على الصحة.

دليل على التأثيرات الخلوية للمجالات الكهرومغناطيسية:

الرأي العام هو أنه لا يوجد دليل مباشر على الآثار الخطرة على صحة الإنسان التي تسببها موجات الترددات الراديوية منخفضة التردد، حيث تظهر الدراسات على المستوى الخلوي؛ والتي تستخدم ترددات أعلى نسبياً آثاراً غير مرغوب فيها.

كما كشفت بعض الدراسات أن الأبعاد المختلفة للموجات الكهرومغناطيسية لم تظهر أي ضرر للحمض النووي على خطوط الخلايا المختلفة، على سبيل المثال في مراجعة شاملة نُشرت بأنه لم يبلغ عن أي دليل بخصوص التأثير المباشر لإشارات التردد الراديوي على الخلايا.

من ناحية أخرى، هناك الكثير من الدراسات المخالفة المنشورة في السنوات الأخيرة، فأن معظمهم قلق بشأن الأدلة على التأثيرات البيوكيميائية أو الخلوية للمجالات الكهرومغناطيسية، حيث أظهر “مارينو وبيكر” وهو باحث في هذا المجال، أن الحقول الكهرومغناطيسية الساكنة أو ذات التردد المنخفض جداً قد تؤدي إلى تأثيرات بيولوجية مرتبطة بإعادة توزيع الأيونات.

علاوة على ذلك؛ أظهرت العديد من الدراسات أن التأثيرات البيولوجية للمجالات المغناطيسية منخفضة التردد قد تخترق الأنسجة العميقة. كما تعتبر المجالات الكهرومغناطيسية عالية التردد لها تأثيرات حرارية وغير حرارية على الأنظمة البيولوجية، حيث يرتبط هذا التأثير الحراري بشكل أساسي بكثافة (EMF)؛ والتي يتم التعبير عنها كمعدل امتصاص محدد (SAR).

كما يؤدي التأثير الحراري أو زيادة درجة الحرارة إلى تغيرات مختلفة في الوظائف الخلوية؛ مما قد يؤدي إلى تدمير الخلايا، حيث تبين أن التأثيرات البيولوجية قد تحدث حتى مع تغيرات صغيرة جداً في درجات الحرارة في النماذج التجريبية في المختبر.

هناك العديد من الأوراق التي تُظهر أن المجالات الكهرومغناطيسية الضعيفة ليس لها تأثير كبير على النظم البيولوجية، ومع ذلك يبدو أن تصميم هذه الدراسات سيئ بشكل عام ، ويفتقرون إلى مجموعات المراقبة المناسبة، كما أنها مصحوبة بعوامل مربكة.

حقيقة أنه لم يتم اكتشاف أدلة مهمة في التجارب الوبائية المذكورة أعلاه تدعم الشكوك في أن التعرض للموجات الكهرومغناطيسية يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسرطان تتماشى مع الدراسات المختبرية، حيث تمت دراسة تأثيرات المجالات الكهرومغناطيسية على خطوط الخلايا المختلفة في الثلاثين عاماً الماضية، ولم يتم الكشف عن أي دليل على تلف الحمض النووي المباشر أو غير المباشر.

قام عدد من العلماء والمختصين بتعريض خلايا الدم المحيطية إلى المجال الكهرومغناطيسي بتردد بلغ (935 الى 2450 MHz)، ولم يبلغ عن تلف الحمض النووي في الخلايا بعد ساعتين، حيث تم تدوين تأثيرات الإشارات الكهرومغناطيسية بسرعة 2450 ميغاهرتز على خلايا الورم الأرومي الدبقي البشري وخطوط الخلايا الليفية للفأر، ولم يكتشف أي تلف في الحمض النووي في الخلايا، بما في ذلك فترة الـ 24 ساعة

وفي دراسة مماثلة أظهرت بأن موجات التردد الراديوي (837 و1909.8) ميجاهرتز لم تؤد إلى تلف كبير في الحمض النووي في الكريات البيض نتيجة التعرض لمدة 24 ساعة.

التعرض للمعادن الثقيلة وفرط الحساسية الكهرومغناطيسية:

بعض الناس أكثر عرضة للتعرض للمجالات الكهرومغناطيسية من الآخرين، حيث  يشار إليه باسم فرط الحساسية الكهربائية (EHS)، كما أن الفيزيولوجيا المرضية لفرط الحساسية الكهرومغناطيسية غير معروفة، كما ادعى بعض المؤلفين أنها معنية بالتعرض للمعادن الثقيلة.

كما يُعتقد أن المعادن الثقيلة التي تربط البروتينات داخل الأنسجة والأعضاء منخفضة السمية، حيث وجدت إحدى الدراسات أن المجال المغناطيسي الساكن وكذلك إشعاع الميكروويف المنبعث من الهواتف المحمولة، قد يتسبب في إطلاق بخار الزئبق من ملغم الأسنان، مما يؤدي إلى زيادة تركيز الزئبق المذاب في اللعاب بين حاملي الملغم.

المجالات الكهرومغناطيسية وحاجز الدم في الدماغ:

يتكون الحاجز الدموي الدماغي (BBB) في الثدييات من خلايا بطانية ذات تقاطعات ضيقة، بما في ذلك الخلايا المحيطة والمصفوفة خارج الخلية، كما تشكل بروتينات الغشاء حاجزاً مادياً، بحيث يتم توفير ضيق (BBB) من خلال خلايا النسيج الضام المسماة (pericytes) والمصفوفة خارج الخلية للغشاء القاعدي.

كما تسمى هذه الخلايا والمكونات خارج الخلية والخلايا العصبية المحيطة بـ “وحدة الأوعية الدموية العصبية”، بحيث لا يتوفر (BBB) في مناطق معينة من الدماغ؛ والتي تشمل البروز المتوسط ومنطقة (postrema) و (nucleus tractus solitarius) في جذع الدماغ والغدة النخامية الخلفية والعضو تحت الزوراني في منطقة ما تحت المهاد والأوعية الدموية العضوية والعضو الفرعي والغدة الصنوبرية.


شارك المقالة: