اقرأ في هذا المقال
مقدمة حول المخاطر المهنية المرتبطة بالتكنولوجيا الحيوية:
قبل أربعين عاماً، وتحديداً في فبراير 1975م، وضع مؤتمر أسيلومار حول الحمض النووي المؤتلف مبادئ توجيهية لإجراء التجارب باستخدام تقنية الحمض النووي المؤتلف، والتي سهلت إنشاء صناعة التكنولوجيا الحيوية في الثمانينيات.
ومنذ ذلك الحين، تقدمت التكنولوجيا الحيوية إلى جيلها الثاني، والمعروف أيضاً باسم “البيولوجيا التركيبية”، حيث تتضمن البيولوجيا التركيبية تطبيق مبادئ الهندسة والتصميم الكيميائي على الأنظمة البيولوجية وتتضمن قدرتين مترابطتين بشكل وثيق وكلاهما قد يكون لهما فائدة كبيرة في التجارة والطب.
كما تعد البيولوجيا التركيبية بفوائد مجتمعية هائلة في علاج الأمراض الوراثية البشرية، وفي الوقت نفسه، أثارت البيولوجيا التركيبية مخاوف بشأن مخاطر السلامة البيولوجية المحتملة على العمال والمجتمع بشكل عام.
كما من المتوقع أن يتوسع نطاق البيولوجيا التركيبية الصناعية ويخلق إمكانات سوقية تجارية ضخمة للمستثمرين في مجال التكنولوجيا، وعلى سبيل المثال، نما قطاع التكنولوجيا الحيوية (بما في ذلك البيولوجيا التركيبية) في الاقتصاد الأمريكي بمتوسط يزيد عن 10٪ كل عام على مدى السنوات العشر الماضية.
حيث تلعب البيولوجيا التركيبية دوراً متزايداً في الاقتصاد الحيوي التجاري كمقدمين للتصميمات البيولوجية، والجزيئات البيولوجية المُحسَّنة وموردي المختبرات للحمض النووي المحدد من قبل العميل والحمض النووي الريبي والإنزيمات وخدمات استنساخ الخلايا، وفي تطوير الأدوية.
كما إنها تقنية تمكينيه وجدت استخداماتها عبر مجموعة واسعة من التطبيقات بما في ذلك البيولوجيا الزراعية ومعالجة التلوث والطاقة المتجددة والمواد الكيميائية الصناعية والمتخصصة والرعاية الصحية.
المخاوف التي تتعلق بالصحة والسلامة العامة:
تتشابه مخاوف السلامة الحيوية بشأن البيولوجيا التركيبية وأدوات تحرير الجينات الخاصة بها مع المخاوف التي تم طرحها بشأن تقنية الحمض النووي المؤتلف عندما ظهرت في منتصف السبعينيات، وذلك كما خلص مؤتمر أسيلومار حول الحمض النووي المؤتلف إلى أنه يجب أن يكون الاحتواء اعتباراً أساسياً في التصميم التجريبي ويجب أن تتطابق فعالية الاحتواء مع المخاطر المقدرة قدر الإمكان.
واقترح المؤتمر أيضاً استخدام حواجز السلامة الخارجية (مثل الاحتواء المادي والممارسات المختبرية الجيدة وتعليم وتدريب عمال المختبرات) وحواجز السلامة الداخلية (مثل النواقل غير القابلة للانتقال والحساسية) كأدوات لتخفيف المخاطر.
حيث أرست مبادئ السلامة الحيوية هذه الأساس لإرشادات المعاهد الوطنية للصحة للبحوث المتعلقة بجزيئات الحمض النووي المؤتلف أو التخليقي، وهي المبادئ التوجيهية الأساسية للسلامة الحيوية المستخدمة اليوم، كما تم تحديث هذه الإرشادات شبه التنظيمية في عام 2013 لمعالجة إنشاء واستخدام الكائنات الحية والفيروسات التي تحتوي على جزيئات الحمض النووي الاصطناعية.
وعلى الجانب التنظيمي، ومنذ ظهور صناعة التكنولوجيا الحيوية في منتصف الثمانينيات، فقد أكدت إدارة السلامة والصحة المهنية (OSHA) أن بند الواجب العام، وذلك جنباً إلى جنب مع مجموعة من معايير السلامة والصحة المهنية التنظيمية الحالية، حيث يوفران أساس قابل للتنفيذ لحماية عمال التكنولوجيا الحيوية وأنه لا توجد معايير تنظيمية جديدة ضرورية.
كما تشمل الأمثلة على المعايير التنظيمية الحالية المطبقة على العاملين في مختبرات التكنولوجيا الحيوية معايير مسببات الأمراض المنقولة بالدم والمواد السامة والخطرة، كذلك الوصول إلى تعرض الموظف والسجلات الطبية والاتصالات الخطرة، أيضا التعرض للمواد الكيميائية السامة في المختبرات وحماية الجهاز التنفسي ومعايير السلامة ذات الطابع العام.
كما حددت بعض الدراسات فيما يخص هذا المجال مؤخراً؛ الخطوات الإضافية التي يمكن اتخاذها لضمان سلامة العمال في مكان عمل البيولوجيا التركيبية، وهي تدعو إلى:
- استراتيجيات إدارة المخاطر المعززة بما في ذلك المراقبة الصحية.
- التقييم الاستباقي للمخاطر الذي يشمل مجتمع ممارسات السلامة والصحة المهنية الأكبر بخلاف المتخصصين في أبحاث السلامة الأحيائية.
- تطبيق مبادئ الوقاية من خلال التصميم على الأساليب الجديدة الاحتواء الحيوي الداخلي والخارجي ودراسة رسمية لفعاليتها.
- إرشادات أمان محددة لعمليات البيولوجيا التركيبية المستخدمة في التصنيع المتقدم في الاقتصاد الحيوي الجديد.
- اهتمام المتخصصين في الطب المهني بالنواقل الفيروسية بعد التعرض.
مشاركة أكبر من قبل الوكالات التنظيمية الوطنية الأمريكية للسلامة والصحة المهنية في ضمان اتباع نهج آمنة لتطوير التكنولوجيا الحيوية التخليقية، حيث يتطلب استخدام البيولوجيا التركيبية في التصنيع المتقدم ضرورة تثقيف ممارسي السلامة والصحة المهنية غير المشاركين في أبحاث السلامة الأحيائية حول المخاطر التي يتعرض لها العمال المرتبطة بالبيولوجيا التركيبية.
هناك مثال توضيحي للمخاطر التي يتعرض لها العمال في مكان عمل البيولوجيا التركيبية هو تطبيق النواقل الفيروسية للعلاج الجيني في مختبرات الأبحاث وأماكن الرعاية الصحية، حيث بعض النواقل الفيروسية الأكثر استخداماً في العلاج الجيني هي الناقلات الفيروسية البطيئة (LVVs).
كما يمكن أن يؤدي التعرض غير المتعمد للعمال إلى (LVVs) إلى تحويل أنواع الخلايا “غير المستهدفة”، وتوليد فيروسات (lentiver) المختصة بالنسخ المتماثل والطفرات التدميرية ومعاملات تسلسل الجينوم المجاور الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان وأمراض أخرى لدى العمال.
ومن أجل تقليل المخاطر المهنية من (LVVs ،Schlimgen et al)، تم اقتراح نهجاً ثلاثي الأبعاد العام في السابق.
أولاً: يجب أن توفر لجان السلامة الأحيائية المؤسسية الدعم والتوجيه والتدريب للمحققين الرئيسيين حول المخاطر والفوائد المحتملة لمعالجة حوادث التعرض ذات الصلة سريرياً.
ثانياً: يجب على مقدمي خدمات الصحة المهنية والعاملين في المختبرات تقييم المخاطر لتحديد تفضيل الفرد للوقاية بعد التعرض.
ثالثاً: يجب جمع المعلومات حول الأفراد المعرضين للـ (LVV)، وذلك لتقييم المخاطر طويلة المدى المرتبطة بالفيروسات البطيئة.
كذلك وضع مؤتمر (Asilomar) حول سلامة الجيل الأول من التكنولوجيا الحيوية الأساس للنهج الاستباقي للتخفيف من مخاطر التقنيات الناشئة، حيث اعتمد (NIOSH) هذا النهج للسلامة في مكان العمل، كما صقل هذا النهج وطبقه على التقنيات الناشئة الأخرى بما في ذلك تقنية النانو والروبوتات التعاونية.
الآن مع وصول علم الأحياء التركيبي، أصبحت (NIOSH)، بصفتها الوكالة الحكومية الأمريكية الوحيدة المكرسة لإجراء الأبحاث حول السلامة والصحة المهنية، وهي مهيأة جيداً لقيادة الجهود الرامية إلى ضمان سلامة البيولوجيا التركيبية في مكان العمل.