اقرأ في هذا المقال
- مقدمة حول المخاطر المهنية المرتبطة بصناعة الأثاث
- الأساليب المتبعة للحد من المخاطر المرتبطة بتصنيع الأثاث
مقدمة حول المخاطر المهنية المرتبطة بصناعة الأثاث:
يمثل الغبار والضوضاء والمذيبات الكيميائية مصدر قلق خطير للسلامة والصحة بين العاملين في تصنيع الأثاث الخشبي، حيث إنه يؤثر بشدة على إنتاجية القوى العاملة، كما أن التركيز العالي للغبار ومستوى الضوضاء المرتفع المنبعث من استخدام أنواع مختلفة من الآلات في عملية الإنتاج، وذلك جنباً إلى جنب مع استخدام الورنيش والدهانات، غالباً من نوع المعالجة الحمضية، بحيث يكون بكميات عالية من المذيبات العضوية (> 50٪ )، والتي يتم إطلاقها في البيئة أثناء عملية المعالجة النهائية، كما يكون لها تأثيرات قوية على صحة العمال وسلامتهم في مصانع تصنيع الأثاث الخشبي.
على الرغم من مخاوف السلامة والصحة الناشئة عن الغبار والضوضاء والمذيبات الكيميائية في صناعة الأثاث الخشبي، فإن التقارير حول الموضوع محدودة، وفي الواقع؛ يُفترض أن سلامة العمال وصحتهم عامل تكلفة وليس عاملاً لتحسين الإنتاجية، مما ساهم بدوره في انخفاض إنتاجية العمالة بين مصنعي الأثاث الخشبي في المنطقة، لذلك؛ فإن مثل هذه الدراسات مطلوبة لتوفير المعلومات اللازمة لكل من مديري المطاحن وصانعي السياسات وكذلك عامة الناس، وذلك لضمان إيلاء اهتمام أكبر لمخاوف سلامة العمال وصحتهم.
يعد غبار الخشب أحد أكثر أنواع الغبار العضوي شيوعاً، والتي يتعرض لها عمال صناعة الأثاث، كما لقد وجدت الدراسات أن التعرض لغبار الخشب يمكن أن يسبب آثاراً صحية من تلف الغشاء المخاطي للأنف والتهيج وسرطان الأنف، بينما يؤدي ترسب الرئة العميق إلى سرطان الرئة وضعف وظائف الجهاز التنفسي.
تنتج عمليات تصنيع الأخشاب، مثل التشكيل والتوجيه والصنفرة، وذلك على مستويات عالية بشكل خاص من انبعاثات الغبار، ومع ذلك؛ فإن مستويات التعرض لغبار الخشب تتأثر بمجال تدفق الهواء في منطقة العمل ومعدل استنشاق العمال ونظام التهوية، بينما يختلف مستوى سميته باختلاف خصائص غبار الخشب، مثل نوع الخشب وحجم جزيئات الغبار، وعلى الرغم من وجود لوائح حالية للتحكم في انبعاثات الغبار داخل دول منطقة جنوب شرق آسيا.
إلا أنه غالباً ما يتم تجاوز المعيار المنصوص عليه البالغ (5 مجم/ م3)، وذلك بسبب نظام استخراج الغبار غير المناسب وظروف المعالجة السيئة ومع ذلك، فإن التقارير حول هذا الموضوع قليلة، وبالتالي؛ فإن الجهود المبذولة للتحكم في انبعاثات الغبار في صناعة تصنيع الأثاث الخشبي غالباً ما تكون خارج نطاق السيطرة.
الأساليب المتبعة للحد من المخاطر المرتبطة بتصنيع الأثاث:
أجريت الدراسة في 30 مصنعاً كبيراً لتصنيع الأثاث الخشبي (أي المصانع الكبيرة تُعرف بأنها تلك التي توظف أكثر من 100 عامل، وتزيد مبيعاتها السنوية عن 10 ملايين دولار أمريكي)، وفي كل دولة من دول الدراسة، أي ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا وفيتنام، تم اختيار المصانع على أساس سجلات الصحة والسلامة الجيدة، كما ورد حسب ما اقترحته جمعية تجارة الأثاث الوطنية المعنية وكذلك موافقتها الطوعية على المشاركة في الدراسة.
نتيجة للنطاق الواسع للعمل، أجريت الدراسة على مدى 9 أشهر بين مارس ونوفمبر 2009م، وذلك بمساعدة الاتحاد الوطني لتجارة الأثاث في ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا وفيتنام، والذي قدم الدعم اللوجستي اللازم والدعم، حيث تم إجراء الدراسة في سبعة أجزاء منفصلة.
في الجزء الأول، تم تقييم تركيز الغبار المحمول بالهواء وتوزيع حجم الجسيمات للغبار في 30 مصنع أثاث كبير في كل من البلاد، كما تم أخذ فترات أخذ العينات من 8 ساعات في محطة المعالجة ومحطات الصنفرة في كل من المصانع لتحديد متوسط القيمة المرجحة بالوقت لتركيز غبار الخشب. كانت ظروف محطات العمل في المصانع تعكس الممارسات الصناعية الحالية.
تضمن الجزء الثاني من الدراسة تقييم مستوى الضوضاء وخصائص الضوضاء في مصانع العينة، حيث تم إجراء قياسات مستوى الضوضاء باستخدام مقياس مستوى صوت محمول معاير، حيث تم إجراء القياسات من خلال السير في المصانع، كذلك مع قياس مستوى الضوضاء باستمرار باستخدام مقياس مستوى الصوت المحمول، والذي تم تحليله بعد ذلك باستخدام برنامج الصوتيات (UEI) لتصوير ذروة مستويات الضوضاء وملف تعريف الضوضاء في جميع أنحاء المصنع.
تضمن الجزء الثالث من الدراسة قياس التعرض لمستوى الضوضاء لـ 1500 عامل من أقسام التصنيع المختلفة، وذلك باستخدام مقاييس جرعات شخصية مُعايرة، والتي استخدمت جرعة 90 ديسيبل/8 ساعات كمرجع مع سعر صرف 3 ديسيبل، كما قدمت القياسات مستوى التعرض الكلي للضوضاء التي واجهها هؤلاء العمال خلال وردية عملهم البالغة 8 ساعات.
حدد الجزء الرابع من الدراسة مشاكل السمع المحتملة الناجمة عن الضوضاء بين العمال، وذلك باستخدام اختبارات قياس السمع ل 1500 عامل أجراها اثنان من أخصائيين السمعيات المرخصين، كذلك بمساعدة غرف الصوت والمعدات الطبية القادرة على الاختبار في نطاق (500 -8000) هرتز على فترات 500 هرتز.
تضمن الجزء الخامس من الدراسة أخذ عينات من الهواء في أقسام طلاء الأسطح في 30 مصنعاً للأثاث الخشبي، كما كانت جميع المصانع تستخدم مواد الطلاء بواسطة معدات الرش، والتي كانت أيضاً الطريقة الأكثر استخداماً في الصناعة، حيث تم أخذ عينات الهواء على مدى ثلاثة أيام متتالية في أقسام طلاء الأسطح في المصانع على إجمالي 200 عامل في كل من الدول المشاركة.
تضمن الجزء السادس من الدراسة تجميع وتحليل بيانات الحوادث المهنية من منظمة تجارة الأثاث الوطنية المعنية وإدارات السلامة والصحة المهنية الوطنية ذات الصلة للأعوام (2004م-2008م)، وذلك لتحديد متوسط معدل الحوادث المهنية الوطنية للبلدان المشاركة، في هذا السياق، يُفترض أن جودة التقارير من قبل المنظمات الوطنية المعنية متشابهة، وذلك على الرغم من إجراء بعض التحقق لضمان موثوقيتها.
يهدف الجزء السابع من الدراسة إلى تحديد الأسباب المسببة للحوادث الصناعية وتحديد عوامل التحكم والتخفيف اللازمة التي يمكن التوصية بها لتقليل معدل الحوادث المهنية في صناعة الأثاث الخشبي في منطقة جنوب شرق آسيا، حيث تضمن هذا الجزء من الدراسة مقابلة مع مجموعة من خمسة عشر عامل إنتاج تم اختيارهم عشوائياً من كل مصنع في البلدان المستجيبة، حيث طُلب منهم تحديد الأسباب الأساسية للحوادث المهنية من قائمة تضم 25 عاملاً محدداً مسبقاً، كما اعتبرت هذه المقابلة النوعية مناسبة لتحديد أسباب الحوادث المهنية.
أخيراً، تظهر هذه الدراسة أن معايير السلامة والصحة المهنية الحالية، وذلك فيما يتعلق بالغبار والضوضاء والمذيبات الكيميائية، كما يتم اختراقها في صناعة تصنيع الأثاث الخشبي في منطقة جنوب شرق آسيا، علاوة على ذلك؛ كان تنفيذ وإنفاذ هذه اللوائح داخل الصناعة ضعيفاً نسبياً، وبالتالي؛ فإن الوضع العام لصحة العمال وسلامتهم معرض للخطر داخل الصناعة.
كما تشير صناعة الأثاث الخشبي في جنوب شرق آسيا أيضاً إلى أنه غالباً ما يتم التغاضي عن رفاهية العمال، بينما ينصب التركيز في المقام الأول على القدرة التنافسية من حيث التكلفة، كما يشهد على ذلك ارتفاع نسبة العمال الأجانب المهاجرين في صناعة الأثاث الخشبي في جنوب شرق آسيا، والذين يكونون بطبيعتهم على استعداد للتنازل عن سلامتهم وصحتهم، وذلك مقابل أرباح أعلى على الرغم من أن صحة العمال وسلامتهم لهما تأثير قوي على إنتاجية العمل الإجمالية.