أساسيات تطبيق الذكاء الاصطناعي في المؤسسات:
عند الحديث حول الذكاء الاصطناعي سيكثر الحديث حول الابتكارات والتقنيات التي أثبتت قيمته للمؤسسات التي تتبناها، فهذه القيمة جرى إثباتها عبر العديد من المشاريع العملية حول العالم وكذلك الدراسات والتقارير المستقبلية، فعلى صعيد القيمة الاقتصادية على سبيل المثال يضيف الذكاء الاصطناعي 14 ٪ للناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم بحلول عام 2030 وهو ما يعادل 15.7 تريليون دولار أمريكي، ولذلك أصبحت أولويات قادة التحول الرقمي تتركز على تحضير مؤسساتهم وزيادة مستوى جاهزيتها لتبني هذه التكنولوجيا وكذلك فهم التحديات التي ترافق مشاريع الذكاء الاصطناعي بمختلف أنواعها.
ووفقاً لاستطلاع أجرته شركة (PwC) في الولايات المتحدة، ويرى الرؤساء التنفيذيين أن الذكاء الاصطناعي سيغير الطريقة التي يديرون بها مؤسساتهم خلال سنوات القادمة، وكما ستظهر هذه التغييرات في شكل تغييرات في نماذج العمل، زيادة كفاءة وفعالية العمليات، تطوير خدمات ومنتجات جديدة وغيرها، لكن نجاح أي مؤسسة في تأمين مثل هذه التغييرات والفوز بنصيب من كعكة الذكاء الاصطناعي يتطلب منها قادتها الاجتهاد في إدخال تغييرات على أكثر من صعيد مثل تغييرات في ثقافة العمل، التشريعات والقوانين، التعامل مع التحديات الأخلاقية للخوارزميات، مهارات الموظفين خاصة في مجال العمل على البيانات وغيرها.
أولويات يجب التركيز عليها لاستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في المؤسسات:
وبسبب تطور هذه التقنيات السريع واختلاف هذه التغييرات من حيث الصعوبة ومدى بعد التغيير الذي ستحدثه في المؤسسة، لذلك قد يواجه قادة هذا التحول التقني أحياناً صعوبات، ليجدوا أنفسهم في حيرة من أين يبدؤون، ولمساعدة قادة التحول التقني باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات على استكشاف طريقهم، نضع هنا أربع أولويات ينبغي التركيز عليها من أجل انتقال سلس ومُستدام نحو تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مؤسساتهم:
أولاً: غرس الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسة:
ويقصد بذلك نشر ثقافة ومهارات تقنيات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات بمختلف القطاعات، ويشمل ذلك إدارات وأقسام المؤسسة، من أجل إبراز القيمة التي ستنتجها المؤسسة من هذه التكنولوجيا، وتتمثل إحدى أنجح وسائل تحقيق ذلك في إنشاء مركز للتميز في الذكاء الاصطناعي يجمع مهارات تقنية وغير والتقنية متنوعة في مكان واحد، وتتمثل المهمة الرئيسية لهذا المركز في مساعدة مختلف فرق العمل في المؤسسة على زيادة جاهزيتها لتنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعي وكذلك المساعدة في نقل المشاريع الصغيرة التي تنجح في مكان ما في المؤسسة إلى باقي الإدارات والأقسام التي تحتاجها.
ثانياً: تحويل موظفي المؤسسة إلى موظفين خبراء بالذكاء الاصطناعي:
يتمثل ذلك في ثلاثة أنواع من الموظفين:
المستخدمون:
ويشمل ذلك كافة الموظفين القادرين والمرحبين بإمكانية تعلمهم استخدام حلول وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تنتجها المؤسسة، والحصول على المساعدة في ذلك حين يحتاجونها.
المُطورون:
المقصود بهم الموظفون المعنيون بتحديد فرص تطبيق الذكاء الاصطناعي، ويعملون مباشرة مع خبراء الذكاء الاصطناعي من أجل تطوير تطبيقات تحول هذه الفرص إلى حلول عملية، في المؤسسات العالمية، من المتوقع أن تمثل هذه الفئة نحو 5% إلى 10% من مجموع موظفي المؤسسة.
خبراء الذكاء الاصطناعي:
وهم المجموعة الرئيسية من الموظفين المعنية بقيادة جهود نشر الذكاء الاصطناعي في المؤسسة، حيث تشمل المجموعة كل من مهندسين وعلماء بيانات ومتخصصين في مجالات الذكاء الاصطناعي مثل تعلم الآلة، وعلم الروبوتات، ولإنجاز هذا التحول في الموارد البشرية، على المؤسسة تكثيف برامج التدريب المتخصصة في مجالات الذكاء الاصطناعي المختلفة مثل إدارة البيانات، الحوكمة، تعلم الآلة وغيرها.
ثالثاً: زيادة مستوى الثقة في الذكاء الاصطناعي:
في الواقع هو التحدي الأكبر الذي يواجه هذه التقنيات إذ يجب على قادة التحول التقني باستخدام الذكاء الاصطناعي التفكير في تحضير إجابات لعدد من الأسئلة التي قد تشمل على سبيل المثال بعضاً من الأسئلة التالية:
- كيف نُقلل التحيز في البيانات ونماذج الذكاء الاصطناعي؟
- هل يمكننا تفسير كيف يتخذ نموذج الذكاء الاصطناعي قراراته؟
- من يمكن محاسبته على أنظمة الذكاء الاصطناعي؟
- هل لدينا أنظمة التحكم المناسبة وتعمل في مواقعها؟
رابعاً: التكامل مع التقنيات الحديثة الأخرى:
ويقصد بالتكامل هنا هو أن يكون باستطاعة أنظمة الذكاء الاصطناعي في المؤسسات العمل بسلاسة وسهولة مع مختلف البيانات التي تنتجها أجهزة الاستشعار ضمن شبكة إنترنت الأشياء مثلاً، ومن الضروري أن يشمل هذا التكامل الموظفين كذلك، بحيث يتمكن علماء البيانات مثلاً من العمل بتناغم مع المبرمجين وغيرهم من أعضاء فرق تقنية المعلومات، ومن الطبيعي أن يختلف سياق العمل من مؤسسة إلى أخرى ولذلك من المهم أن يضع قادة التحول الرقمي ذلك نصب أعينهم وهم يدرسون هذه الأولويات الأربعة وكيفية العمل على ترجمتها على أرض الواقع في مؤسساتهم.