تطورت مؤخراً العديد من التقنيات لتطوير التجارب الواقعيَّة والافتراضيَّة، كالواقع المعزز (Augmented Reality) والواقع الافتراضي (Virtual Reality). وبالفعل؛ فقد انتشرت تطبيقات الواقع المعزز وتقنياته الكثيرة، وأصبحت تستخدم بشكلٍ مكثّفٍ في العديد من المجالات لتحقيق القدر الأقصى من الفائدة منها.
مفهوم الواقع المعزز:
يعرف الواقع المعزز (Augmented Reality) بأنَّه تقنية تصوير يتم من خلالها إسقاط البيئة الحقيقيَّة في بيئة افتراضيَّة، أي يكون الأساس فيها شيء حقيقي قابل للتصوير، ومن ثم يقوم الحاسوب بتكراره وتعزيزه بإضافة اللمسة الافتراضيَّة على الصورة من خلال رموزٍ وإشارات ونصوص يتم من خلالها تحسين التجربة الواقعيَّة، وتمكين المشاهد من فهمٍ كاملٍ للصورة المعروضة.
تقدم هذه التقنيَّة خدمات كثيرة معظمها في مجال الألعاب، لكن استخدامها لايقتصر على ذلك فحسب؛ إذ يتم توظيفها في مجالاتٍ مهمةٍ تسهل الخدمات الأساسيَّة كالتعليم ومجالات عديدة من خلال تطبيقاتها المختلفة، والتي سنستعرض أهمَّها من خلال المقال التالي.
تطبيقات الواقع المعزز في المجال العسكري:
تقدم هذه التقنيَّة تطبيقات عديدة في المجال العسكري للقوات البرية والجويَّة والبحريَّة؛ إذ تعد لوحات العرض الافتراضية أو العائمة (Heads-Up Display) أفضل مثالٍ على ذلك، يستطيع الطيارون استخدامها لأنَّها عمليَّة؛ إذ لا يحتاج الطيَّار أن يقوم بأي حركةٍ أو أن يدير رأسه، وهذا مهمٌ للغاية فهو بذلك يستطلع كل المعلومات الرئيسيَّة دون أن يتشتت انتباهه، تشتمل المعلومات المعروضة أمام الطيَّار ارتفاعه، سرعته، خط الأفق وزوايا انحرافه عنه، كما يمكن أن تُعرض معلوماتٌ عن الأجسام الغريبة كسرعتها وغير ذلك من البيانات الهامَّة.
يمكن كذلك استخدام هذه التقنيَّة لدى الجنود المشاة من خلال تقنيَّة (Head-mounted display) والتي يرمز لها اختصاراً (HMD)، وذلك من خلال خوذٍ يرتديها الجنود يستطيعون استعراض إحداثياتهم من خلالها، ومعرفة مواقع العدو وتمييزهم.
يمكن أن تثبَّت كميرات في الخوذ، ويستطيع الجنود من خلالها استطلاع المحيط من حولهم دون تعريضهم للإصابة، وكما الحال عند الطيارين؛ فمن المهم تركيز الجندي بشكلٍ كاملٍ في المراقبة من حوله، وقد يؤدي توقّفه لحظةً واحدةً لمعرفة إحداثياته لتعريضه لخطرٍ، وهنا تكمن أهميَّة الواقع المعزز الذي يعرض كل المعلومات الهامَّة أمامه.
طوَّرت مراكز الهندسة العسكريَّة في الولايات المتَّحدة تقنيات وأجهزة تعتمد على الواقع الافتراضي، تهدف لزيادة واقعيَّة التدريب، ووضع الجندي في وضع يشبه وضعه في ساحة المعركة من حيث الضغوط النفسيَّة والبدنيَّة ممَّا يزيد فعاليَّة التدريبات؛ فالتمارين البدنيَّة والتدرب على إطلاق النار في ساحات التدريب ليس جيداً بما فيه الكفاية، وهذه التقنيَّات ما زالت قيد التطوير.
تطبيقات الواقع المعزز في الطب:
تغطي تطبيقات الواقع المعزز معظم مراحل العمل الطبي من التشخيص إلى العلاج، وأفضل هذه التطبيقات هي:
تطبيقات التشخيص: يعتبر تشخيص المرض الخطوة الأهم في تدبيره، إلَّا أنَّ هناك العديد من الصعوبات أمام عمليَّة التشخيص وأبرزها ضعف ثقافة المريض الطبية، وعدم قدرته على وصف الأعراض بدقَّة، وهنا يأتي دور الواقع المعزز عن طريق تطبيقات مثل Eye Decide التي تساعد المريض على معرفة حالته ووصفه للأعراض بدقة دون مبالغة.
تطبيقات التمريض: أبرزها تطبيق تحديد موضع الوريد في اليد، وهو إشكال يعترض كادر التمريض بشكل خاص عند المرضى الصغار والمسنين، إمَّا باستخدام هذا التطبيق فيمكنهم ببساطة تسليط أشعة الجهاز على اليد وهو سيظهر لهم مكان الوريد.
تطبيقات الواقع المعزز في الجراحة: أهم تطبيقات الواقع المعزز في المجال الطبي، تساعد الطبيب في العمليات الجراحيَّة المعقدة ممَّا يقلِّل نسبة الخطأ وخاصَّة في العمليات التي تجرى على الجهاز العصبي. كما يمكن القيام بدمج الصور الشعاعيَّة وصور الرنين المغناطيسي بهدف تمكين الأطباء من القيام بالمقاربة بينها أثناء العمليَّات الجراحية وهو ما لا يمكِّن للطبيب في الحالة الطبيعيَّة القيام به.
تطبيقات الواقع المعزز في التصوير الشعاعي : تشكل إجراءات أخذ الصور الشعاعيَّة في معظم الأحيان عبئًا على الطبيب والمريض؛ فهي تحتاج لمعدات غالية الثمن ممَّا يجبر الطبيب على إرسال المريض إلى مخابر التصوير لتأكيد التشخيص، وهذا صعب في الحالات الإسعافيَّة و في الطب الميداني، إلَّا أنَّه ضروري. وبذلك يعتبر إدخال الواقع المعزِّز في هذا المجال نقلةً نوعيَّةً في الطِّب، حيث يمكن للطبيب اقتناء أجهزة صغيرة يوجهها إلى المنطقة التي يريد تصويرها ليتم التصوير ومعرفة حالة العظام دون الحاجة إلى نقل المريض لأيِّ مكان وكذلك تُغني عن استخدام المعدات الباهظة الثمن والكبيرة الحجم.
السكري وضغط الدم: هذا بالنسبة للمرضى ممَّن يعانون من اضطرابات مزمنة ليس لها علاج إلَّا بالالتزام بأخذ جرعات الدواء مدى الحياة، وتحدث أحياناً اضطرابات في سكري الدَّم أو في ضغط الدَّم قد تكون غير ملحوظة، لذا فإنّ الاعتماد على الواقع المعزِّز ساعد في اختراع أجهزة توضع على أصابع اليد، منها لقياس ضغط الدم ومنها لقياس السكر، وبذلك يحصل المريض على قياس دقيق ويوفر الوقت من جهة، ويعمل على العلاج الفوري لهذا الاضطراب تفادياً لتفاقمه من جهة أخرى.
تطبيقات الواقع المعزز في المجل الطبي رغم فائدتها وأهميتها إلَّا أنَّ لها سلبياتها، مثل الكلفة الباهظة والأخطاء البرمجيَّة التي قد تؤدِّي لأخطاء طبية كارثيَّة.
تطبيقات الواقع المعزز في الألعاب:
يعتبر مجال الألعاب الميدان الرئيسي للواقع المعزِّز؛ فقد تطورت مجموعة كبيرة من التطبيقات التي يمكن من خلالها تطوير تجربة الألعاب من خلال ارتداء نظارات أو خوذ خاصَّة، وحتى من خلال شاشة الموبايل. غالباً تكون هذه التقنيات باهظة الثمن، وتتطلب أجهزة كومبيوتر قويَّة، لكن تجربة اللعب فيها تكون مميزةً بالطبع
إحدى أكثر الألعاب المعتمدة على الواقع المعزز شعبيَّة هي لعبة بوكيمون جو (Pokemon Go) التي تتوفر للهواتف الذكيَّة وتقوم بعرض كائنات أسطوريَّة وغريبة في البيئة الطبيعيَّة. ومن بين الألعاب المشهورة الأخرى المعتمدة على الواقع المعزز كذلك: (Ingress وSpecTrek وTemple Treasure Hunt وGhost Snap AR وZombies).