اقرأ في هذا المقال
يتطلب تشخيص المرض أخذ الكثير من المعلومات وتجميع بياناتٍ مختلفة مع بعضها البعض. فقد قام خبراء صينيون بتطوير برنامج يساعد الطبيب على القيام بعمل أفضل، وفي وقت وكلفة أقل، ويشخص أخطر أمراض الأطفال. وقد يكون الذكاء الاصطناعي مناسباً لمثل هذه المهمة، ففي بعض الاختبارات الحديثة، استطاع نظامٌ واحد تشخيص أمراض الأطفال أفضل من بعض الأطباء.
الذكاء الاصطناعي في تشخيص أمراض الأطفال:
فقد طور المختصين برنامجاً يعمل بالذكاء الاصطناعي، يمكن من خلاله تحليل نتائج الاختبارات والسجلات الطبية، وتشخيص الأمراض التي يمكن أن يصاب بها الأطفال. حيث قام (Kang Chang) المختص بالذكاء الاصطناعي مع المختصين من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو على تدريب الذكاء الاصطناعي على سجلات طبية وحتى الملاحظات المكتوبة بخط اليد، وهذه السجلات خاصة بمايقارب 1.3 مليون مريض في مركز طبي كبير بمدينة غوانتشو الصينية. وكان جميع المرضى تحت سن 18 عاماً، وزاروا طبيبهم بين يناير/كانون الثاني من عام 2016 والشهر نفسه من عام 2017.
حيث تحتوي المخططات الطبية لهؤلاء الأطفال المرضى نصوصاً كتبها بعض الأطباء، ونتائج فحوصات مخبرية. من الإنفلونزا إلى الربو وصولاً إلى أمراض أكثر خطورة مثل الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا، تطابقت نتائج البرنامج مع تحاليل أطباء الأطفال، ولمساعدة الذكاء الاصطناعي، طلب زانغ وفريقه من بعض الأطباء البشريين كتابة بعض الشروحات القصيرة على السجلات الطبية لتحديد أجزاء النص المرتبطة بشكوى الطفل، وتاريخ المرض والفحوص المعملية.
ما هي ميزات نظام الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض؟
حين تم اختبِار الذكاء الاصطناعي على حالات جديدة لم يتم تدريب النظام عليها مسبقاً، تمكن الذكاء الاصطناعي من تشخيص الحمى الدودية والمعروفة كذلك باسم داء الوحيدات، وكذلك الطفح الوردي والإنفلونزا وجدري الماء والحمى القلاعية، بدقة تتراوح بين 90 و97%. فبذلك فإنَّ الذكاء الاصطناعي ليس مثالياً، لكنَّ الأطباء البشريين ليسوا مثاليين أيضاً.
في حين قد يكون الطبيب مشغولاً يمكنه أن يرى 80 مريضاً يومياً. وقد لا يتمكن حينئذ سوى تعبئة دماغه بكمٍّ كبير من المعلومات. وكثيراً من الحالات الطبية كهذه يمكن أن يرتكب الكثير من الأطباء البشريين أخطاء. لكنَّ الذكاء الاصطناعي لا يضطَّر إلى النوم، ولديه ذاكرة كبيرة ولا يفقد الطاقة. وقد قارن الفريق دقة النموذج الاصطناعي مع دقة 20 طبيب أطفال لديهم سنوات خبرة مختلفة. فوجدوا أنَّ النموذج قد تفوق على الأطباء الأقل خبرة، لكنَّ الأطباء الأكثر خبرةً كانوا أفضل منه.
توافر البيانات الكافية يعزز نظام الذكاء الاصطناعي:
حيث استطاع الفريق القيام باستعمال النموذج في تنظيم حالات مرضى الطوارئ حسب الأولوية في حالات الطوارئ، وذلك اعتماداً على مدى استعجال كل حالة من المرضى. وفي حال توافر البيانات الكافية، ينبغي أن يكون الذكاء الاصطناعي قادراً على معرفة ما إذا كانت حالة أحد المرضى عاجلة، وتحتاج إلى العلاج الفوري ولها الأولوية الكبرى أم أنَّها حالة أقل خطراً. وقد أشار الخبراء من معهد آلان تورينغ في لندن، إلى إنَّ هذا لن يجعل الناس يستغنون عن الأطباء تماماً عند طلب العلاج الطبي. وذلك لأنَّ هذه السجلات الطبية ما زالت بحاجةٍ إلى إنشائها على يد محترفين مُدرَّبين، ومعرفتها أساسية للتشخيص.
كما يجب أن يكون هناك شخصٌ مختص يقوم بمناقشة الأعراض ويدخل هذ البيانات والمعلومات المهمة على الأجهزة. ومع هذا التقدم في الذكاء الاصطناعي فلا يمكن أن تتسبب هذه التقنية في الاستغناء عن الأطباء. وهذا لا يعني التقليل من مدى فعاليتها وأنَّها يمكن استخدامها لمساعدتهم، لكنَّنا ما زلنا بعيدين للغاية عن حلول هذه التقنية محل الأطباء المحترفين بشكل كُلّي.
هل لنظام الذكاء الاصطناعي مساوئ في تشخيص أمراض الطفولة؟
في الواقع هذه التقنية بالاضافة إلى مزايها وكفائتها الكبيرة فهي لها بعض السلبيات كذلك، فمن الأمور المحتملة أنَّ بعض الأطباء من المبتدئين، والذين قد يقوموا بالاعتماد على هذا الذكاء الاصطناعي في إجراء التشخيص للمرضى، وربما يفوتهم تعلُّم كيفية رؤية الأنماط في شكاوى المرضى. وقد يشعر الناس بعدم الارتياح تجاه هذا النوع من الرعاية الطبية. ففي حال تم استُخدِم هذا النموذج في التعامل المباشر مع المريض الذي سيكون مُطالباً بكتابة أعراضه في الجهاز، فسوف يكون المرضى في هذه الحالات غير مرتاحين لهذا الأمر. فحين تذهب لزيارة الطبيب، تريد أن تشعر بأنَّ هناك شخصاً ما يهتم بك.
وكما أننا لا نريد الذهاب إلى غرفة الطوارئ والانتظار 5 ساعات لأنَّك تعاني من بعض الألم في البطن الذي لا يُعد التهاباً في الزائدة الدودية بل يتعلق فقط بالتهاب المعدة والأمعاء أو الطعام الذي تناولته. وكل هذه الأمراض لها علاماتٌ توضِّح طبيعتها، لذا فبينما نسأل المرضى بعض الأسئلة لتشخيص المرض، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفعل الأمر نفسه. ومن الجديرٌ بالذكر أنَّ هذا النظام من الذكاء الاصطناعي يقوم فريق الخبراء الخاص به كذلك باستخدامه في تشخيص أمراض البالغين كذلك.