هل الروبوتات تفكر كالبشر؟
ولا بُدّ أن نُدرك ويبقى في أذهاننا مفهوم أن ليس كافة الروبوتات المصنوعة هي في الواقع روبوتات الذكاء الاصطناعي، وكذلك فإن القصور الذي يحد هذه الآلات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي من السيطرة على العالم، هو ذاته الذي سيجعل منها كذلك شركاء عمل مثيرين للإحباط، لذا، قبل أن نراهن على غياب دورنا كبشر في أماكن العمل، وسنذكر بعض الجوانب التي تحتاج لمعرفتها فيما يتعلق بالعمل مع زملائك الجدد من الروبوتات.
في الفترة التي كان نظام مادالاين (Many ADALINE) للذكاء الاصطناعي قد أحدثت نقلة نوعية في المكالمات الهاتفية البعيدة المدى، حيث أنّ الفيلسوف البريطاني مايكل بولاني كان يدرس في مبدأ الذكاء البشري ومقارنتها بذكاء الآلة، وقد أيقن أنّه بينما يمكن لبعض المهارات مثل استخدام قواعد اللغة الدقيقة أن تقسم إلى قواعد يمكن شرحها للآخرين، إلا أنّ كثيراً منها لا يمكن تقسيمه وتجزئته، ويمكن للبشر القيام بما يسمّى القدرات الضمنية دون إدراك كيفية حدوث ذلك.
ومن مبدأ الذكاء البشري يشتمل في ذلك على القدرات العملية مثل ركوب دراجة وإعداد العجين وكذلك القيام بمستوى أعلى من المهام، ولكن بالتأكيد إن لم نتمكن من معرفة مثل هذه القواعد، فلن نتمكن تطويرها وتعليمها للآلة. وهذه هي المفارقة التي يتحدث عنها بولاني، وبدلاً من محاولة إجراء هندسة عكسية للذكاء البشري، حاول علماء الكمبيوتر التغلب على تلك المشكلة بتطوير ذكاء اصطناعي للتفكير بطريقة مختلفة تماماً تعتمد فيها على البيانات أو المعلومات، بدلاً من الأفكار.
وقد يخطر ببالك أن الطريقة التي يعمل بها الذكاء الاصطناعي هي أننا نفهم طريقة تفكير الإنسان ومحاكاتها، ومن ثم نُطور الذكاء الاصطناعي للآلات بنفس الطريقة ذاتها، ولكن الأمور لم تحدث بتلك الطريقة. ومن ذلك مثلاً الطائرات التي اخترعت قبل وقت طويل من امتلاكنا فهماً تفصيلياً للطيران لدى الطيور، ولذلك امتلكنا ديناميكيات طيران مختلفة، ومع ذلك لدينا اليوم طائرات بإمكانها التحليق أعلى وأسرع من الطيور.
وعلى سبيل المثال، موقع فيسبوك قد نفّذ تدريباً لبرنامجه الخاص بخاصية التعرف على الوجه، والذي يعرف باسم (ديب فيس)، وهذه الخاصية تمكن من التعرف على مجموعة من أربعة ملايين صورة، وعن طريق النظر إلى صور موسومة، أو مكتوب عليها اسم نفس الشخص، تمكن ذلك البرنامج في نهاية الأمر من المزاوجة بين الوجوه بطريقة صحيحة في حوالي 97 في المئة من الأوقات.
حيث إنّ العوامل المتوفرة لبرامج الذكاء الاصطناعي مثل تطبيق خاصية ديب فيس تجعل منها ميزات مهمة، وهي تتغلب على مخترعيها في قيادة السيارات، وكذلك ترجمة النصوص المكتوبة من لغة لأخرى، وبالتأكيد وضع علامات على الصور والتعرف على الصوت، ويتوقع أن تخترق مثل هذه البرامج مجالات متعددة في المستقبل، بداية من الرعاية الصحية إلى النشاط المالي.
أصدقاؤك الجدد من الروبوتات ليسوا معصومين:
أغلب الجوانب التي تسبب القلق لنا هي حول تلك الآلات فيما يتعلق باحتمالية تفوقها علينا نحن البشر، أو محاولاتها للسيطرة على العالم، أو حتى فقدان السيطرة عليها في المصانع على ظروف عملها دون توقف، إلا أن معظم العلماء وكُتاب الخيال العلمي المرموقين يضعونها في مرتبة مساعدين ومعاونين لنا البشر، وهو الوصف الذي استخدمه الكاتب العلمي الأمريكي الشهير، إسحاق عظيموف، في قصصه القصيرة، التي جاء فيها أن الروبوتات “أكثر نظافةً” من البشر، وقدرتها على خدمة الإنسان لا نهائية، شريطة اتباعها قوانين ثلاثة: أولها عدم إصابة البشر أو السماح بإحداث ضرر قد يصيبهم، وثانيها إطاعة الأوامر البشرية بما لا يُخِل بالقانون الأول. أما ثالثها فضرورة حماية الروبوتات لأنفسها، شريطة عدم مخالفة القانونين السابقين.
بكل تأكيد أنّ هذه الروبوتات بذكائها فإنها ترتكب الأخطاء كذذلك، لكن فكرة أنها تعتمد على المعلومات فهي بالتأكيد يمكن أن تقوم بارتكاب الأخطاء الكبيرة فهي ليست معصومة من الأخطاء، مثل المرة التي استنتج فيها برنامج آلي أن سلحفاة مطبوعة بخاصية الطباعة ثلاثية الأبعاد هي بندقية، فهذا البرنامج مثلاً لا يمكنه التفكير بطريقة عملية، لأنه يفكر وفقا لأنماط محددة، وفي هذه الحالة، تعتمد الأنماط البصرية هنا على البكسل وهو أصغر عنصر منفرد في مصفوفة الصورة الرقمية، ونتيجة لذلك، فإن تغيير بكسل واحد في صورة من الصور يمكن أن يؤدي إلى مثل هذا الفشل في التعرف عليها.