الأقاليم الباردة القارية

اقرأ في هذا المقال


ما هي الأقاليم الباردة القارية (نوع سيبريا)؟

إن هذه الأقاليم أهم ما تتميز به هو البرودة الشديدة التي تكون خلال فصل الشتاء، حيث تكون نتيجتها عبارة عن مجال من الضغط المرتفع الذي يمنع وصول المؤثرات البحرية إليها من جهة الغرب، وهذه الرياح التي تحملها الرياح الغربية، كما أن تأثير المحيطات التي تقع في الشرق لا يستطيع كذلك أن يصل إلى هذه الأجزاء؛ وذلك لأن الرياح الموسمية الشتوية التي تخرج من القارة إلى البحر تعمل على إبعادها عن اليابسة.
كما أن هذا المناخ يظهر في أماكن واسعة في شمال أوراسيا وكندا، فنظراً لاتساع كتلة أوراسيا، فإن المناخ فيها يكون قساوته شديدة أكثر من كندا، حيث نجد في سيبيريا أن المعدل الشهري لدرجة الحرارة يقل في بعض الأماكن إلى أقل من سالب 50 درجة مئوية مثلما هي الحال في منطقة فرخويانسك التي تُعرف باسم قطب البرودة، أمَّا المعدل الشهري في كندا لا يقل في العادة في أي مكان من الأماكن إلى أقل من سالب 30 درجة مئوية.
ومن الطبيعي أن التناقص في درجات الحرارة واشتداد وطأة البرودة خلال فصل الشتاء كلما دخلنا إلى اليابس بعيداً عن السواحل الغربية، ومن الممكن أن نلاحظ هذا إذا قارنا معدلات الحرارة في بعض المحطات التي تقع على خطوط عرض متقاربة، فبينما نجد أن معدل درجة الحرارة لشهر يناير داخل مدينة برجن هو 3 درجات مئوية نجد أنه يقل إلى سالب 4 درجات مئوي في منطقة أوسلو وسالب 7 درجات مئوية في منطقة هلسنكي وسالب 9 درجات مئوية في لننجراد وسالب 19 درجة مئوية في توبولسك وسالب 35 درجة مئوية في منطقة أوليكمنسك.
فإننا ندرك هذه الحقيقة بشكل آخر إذا نظرنا إلى امتداد خط حرارة 6 درجات مئوية لشهر يناير مثلاً، حيث نرى أنه يبدأ عند خط عرض “70” درجة شمالاً على ساحل النرويج ثم ينحني بشكل تدريجي باتجاه الجنوب كلما اتجهنا باتجاه الشرق حتى يصل إلى منطقة سيبيريا تقريباً إلى خط عرض 4 درجات شمالاً، وكما أن الشتاء شديد البرودة فإن الصيف يعتبر معتدلاً أو دافئاً بشكل عام.
حيث أن معدل شهر يوليو يزداد عن 60 درجة مئوية في كثير من الأماكن، كما يكون الانتقال مفاجئ بين ظروف فصل الصيف وفصل الشتاء، كما أن الحياة النباتية تختلف وذلك بسبب الاختلاف في درجة الحرارة بشكل تام عنها في فصل الشتاء، فبينما نجد أن الأرض تكون خلال فصل الصيف مغطاه بغطاء من الأعشاب والطحالب فنجد أنها تكون خلال فصل الشتاء مكسوه بطبقة متصلة من الثلج.
أمَّا أمطار هذا المناخ فهي أقل بكثير من أمطار المناخ البحري إذ أنها لا ترتفع في الغالب على 45 سنتيمتراً، وهي تقل بشكل تدريجي كلما اتجهنا نحو الشرق حتى تكاد تنعدم في وسط آسيا الذي تشغله مناطق صحراوية وشبه صحراوية، ويكثر الهطول بشكل خاص في نصف العام الصيفي، أمَّا في نصفها الشتوي فإن الانخفاض الشديد في درجة الحرارة لا يسمح للهواء بحمل كميات كثيرة من بخار الماء، فمع ذلك فإن هطول الأمطار يكثر في هذا الفصل، حيث يكون في العادة على شكل ثلج.
أمَّا المناطق الداخلية فهي تتأثر في الغالب بالمنخفضات الجوية التي تأتي من جهة الغرب مخترقة مجال الضغط المرتفع الذي يكون تمركزه على اليابس خلال فصل الشتاء، كما تحدث في نهاية هذه المنخفضات عواصف قطبية تكون برودتها شديدة جداً، حيث أن سرعتها تبلغ ما بين 75 و 90 كيلو متراً في الساعة، ودرجة الحرارة تنخفض عند حدوثها بنحو 10 أو 15 درجة تحت درجة التجمد، فهذه الرياح هي التي تُعرف في روسيا اسم البوران، أمَّا في دولة كندا والولايات المتحدة اسم بليزارد.
فإن هذه الرياح كثيراً ما تكون محملة بكميات كبيرة من الثلج إمَّا على شكل حبيبات دقيقة أو على شكل كرات صغيرة، كما أن الحياة النباتية تختلف في هذا المناخ بحسب درجة الحرارة وعلى حسب كمية الهطول، فحيثما يزداد المعدل على 25 سنتيمتراً تنمو غابات صنوبرية خضرتها دائمة، أمَّا إذا الأمطار خفت فإن المظهر النباتي الموجود يكون عبارة عن حشائش عمرها قصير تنمو أثناء فصل النمو فقط، ففي وقتنا هذا تغطي الغابات الصنوبرية نطاقاً يمتد من غير انقطاع عبر سيبيريا في العالم القديم.
والغابات التي تنمو في هذا النوع يكون أغلبها من الأنواع القصيرة التي ليست لأشجارها أي قيمة اقتصادية كبيرة من ناحية صلاحية أخشابها لأعمال البناء وغيرها، كم يطلق اسم التايجا على هذه الغابات في سيبيريا، وكثافة هذه الأشجار تتناقص كلما اتجهنا إلى الشمال حتى تختفي في إقليم التندرا.


شارك المقالة: