ما هي الجبال والتلال؟
يعرف الجبل بأنه المرتفع الذي يبرز فوق سطح الأرض لعدة مئات أو آلاف من الأمتار، حيث تكون له جوانب شديدة الانحدار، ويشترك التل مع الجبل في البروز وقوة انحداره الجوانب ولكنه يكون في العادة أقل منه في الارتفاع، ومن الممكن أن لا يزيد ارتفاعه عن بضع عشرات من الأمتار، ومع ذلك فإن لفظ جبل يطلق على بعض التلال.
ويحدث ذلك بشكل خاص في البلاد السهلية، وتكون التسمية في هذه الحالة خطأ شائع يمكن أن نتجاوز عنه، من الممكن اعتبار كلمة جبل في هذه الحالة جزءاً من الاسم نفسه؛ وذلك بنفس الطريقة التي يستخدم بها لفظ (بحر) للدلالة على بعض الأنهار أو بعض البحيرات والمناطق الجبلية، على هذا الأساس هي الأماكن التي توجد بها جبال وتلال بارزة ذات جوانب قوية الانحدار وهذا فرق أساسي بينها وبين السهول، ومع ذلك فإن أغلب جبال الكبرى لا تزيد درجة انحدار جوانبها وبالأخص عند قممها عن 30%؛ وذلك نتيجة لنشاط عوامل التجوية وعوامل التعرية.
وعندما نتكلم عن الجبال أو التلال تستخدم في العادة بعض التغييرات المعروفة مثل سلسلة الجبال أو التلال (Range of Mountains or Hills) والمقصود بها عدد من الجبال الممتدة على خط واحد، والمعتاد هو أن تكون جميع جبال السلسلة الواحدة متشابهة في أشكالها وعمرها وتركيبها الجغرافي، ومن الممكن أن يتم استخدام تعبير مجموعة جبلية (Group) للدلالة على مجموعة من القمم والحافات التي تكون متقاربة في أحجامها، ولا يشترط أن تكون مرتبة بنظام معين؛ ولكنها تكون في الغالب موزعة داخل منطقة دائرية.
كما يطلق اسم النظام الجبلي (Mountain Syaten) على سلاسل أو مجموعات الجبال التي ترتبط ببعضها في المظهر والموقع والتركيب، والمفصولة عن بعضها بوديان كبيرة وأحواض منخفضة، وذلك مثل نظام جبال روكي، أمَّا تعبير كورديلليرا (Cordillera) فيطلق على عدة نطاقات أو عدة سلاسل جبلية كبيرة.
بخلاف السهول فإن الجبال هي أقل مظاهر التضاريس صلاحية للتوسع الزراعي؛ وذلك بسبب شدة انحدارتها وانجراف تربتها بشكل مستمر، ولئن وجدت بها بعض الأحواض التي تكون صالحة للزراعة فإنها تكون صغيرة ولا تصلح للانتاج على مجال واسع، كما أنها لا تسمح ببناء مراكز عمرانية كبيرة، وهي تعتبر في نفس الوقت عائق أمام المواصلات البرية المختلفة، ومع ذلك فإنها تساعد على وضع حدود سياسية واضحة، وكثيراً ما تحتوي على ثروات معدنية كبيرة.
وبسبب تعقد التضاريس في مناطق الجبال فإنها تحتوي على بيئات مختلفة في أماكن متقاربة، والمناخ أيضاً يكون على جوانبها من أسفل إلى أعلى، الأمر الذي من الممكن أن يجعله مدارياً حاراً على سفوحها وقطبياً على قممها، وأهم عامل من العوامل التي ساهمت في حدوث الجبال هي حركات الانثناء التي حدثت للقشرة الأرض أثناء العصور الجيولوجية، ومن أهمها الحركات التي حدثت خلال الزمن الجيولوجي الثالث.
نلاحظ بمجرد أن ننظر إلى خريطة تضاريسية العالم أن أكبر جبال العالم تمتد في نطاقات طولية في جميع القارات، وتمتد هذه النطاقات بشكل يكاد يكون متصلاً على طول كل سواحل المحيط الهادي، ثم تنحرف باتجاه الغرب عبر جنوب ووسط آسيا وغربها؛ حيث تواصل امتداداها في جنوب أوروبا وشمال غرب أفريقيا لغاية المحيط الأطلسي.
ويتفق امتداد هذه النطاقات مع الأماكن التي بقيت معرضة لحدوث الزلازل والبراكين؛ ممَّا يدل على أنها مازالت غير مستقرة بشكل تام، وهي نفس الأماكن التي تعرضت أكثر من غيرها للحركات الأرضية التي حدثت خلال الزمن الجيولوجي الثالث، والتي عرفت باسم الحركات الألبية، ومن أهم نتائجها حدوث الانثناءات التي قامت بتكوين هذه النطاقات الجبلية.
بالإضافة إلى نطاقات الجبال الانثنائية الكبرى التي تكلمنا عنها، والتي تتكون بشكل عام من صخور رسوبية، فإن هناك جبالاً أخرى مكونة من صخور نارية، وقد ظهر بعضها بسبب ثوران البراكين، ونشأ بعضها الآخر بسبب ارتفاع كتل الصخور النارية الجوفية مثل كل من الباثوليت واللاكوليث إلى السطح بفعل الحركات الأرضية، ومن أمثلتها جبال البحر الأحمر في مصر وفي السعودية، وتأخذ الجبال البركانية في الغالب شكل المخروطات التي تختلف أشكالها على حسب كمية اللافا التي كونتها ونوعها.
وتوجد معظم الجبال البركانية داخل النطاقات التي يكون موجد فيها الجبال الانثنائية، ولذلك فهي تكثر على امتداد جميع المرتفعات الموجودة حول المحيط الهادي، في كل من الأمريكتين وآسيا والأرقيانوسية، كما تكثر على امتداد النطاقات الجبلية الكبرى خلال أواسط آسيا وجنوبها وغربها وفي جنوب أوروبا وشمال غرب أفريقيا، وتكثر كذلك داخل منطقة الوادي الصدعي الكبير في شرق أفريقيا، وتنتشر في كثير من الجزر المحيطية مثل جزر هاواي في المحيط الهادي وجزر كناري، وبعض جزر البحر الكاريبي في المحيط الأطلسي، وجزيرة مدغشقر في المحيط الهندي.