ليس بغريب على بلد معراج الرسول والأرض المباركة التي نقدسها وفيها قبلة المسلمين أن يكون لها مجد وتاريخ الذي خلد عبر العصور هذا التاريخ في هذه البلد العظيمة بلد سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. ومن المعالم الأثرية الموجودة في المملكة العربية (السعودية) وأهمها قصر صاهود، وهو حصن يقع خارج الأسوار الغربية لمدينة المبرز، ويواجه مدخله ضاحية الحزم، وقد أعيد بناؤه بشكل جيد واستُخدم ثكنة للجيش السعودي.
بناء قصر صاهود:
تم استخدام الطوب اللبني في تشييد أسوار وأبراج القصر وعليها طبقة من الجبس الخارجي الطيني وتعتبر أسوار وأبراج القصر من أهم العناصر الدفاعية فيه حيث تم بناؤها على مستوى ما بين الخارجي والداخلي، يربط كل منهما الآخر بخشب جذوع النخيل لزيادة العملية الدفاعية، وملء الفراغ بين الجدارين بالحجر والطين، وتم توفير هذه الجدران.
مع وجود فتحات للمدافع لإطلاق النار منها، ترتبط الأبراج مباشرة بالجدران وتستخدم للدفاع والمراقبة، وكل برج مكون من طابقين يصعد إلى الأعلى من الداخل، ولزيادة العملية الدفاعية، تم توفير القصر من الخارج مع خندق يصعب من خلاله اقتحام القصر، وهو المدخل الرئيسي للقصر في الجهة الغربية وهو على المداخل نظام مكسور تعلوه غرفة تحكم وغرف دخول مستطيلة لسكن الجنود، وفي الجنوب الشرقي الذي يوجد به غرفة المستودع كما يضم قصر بئر بجوار القصر لتزويد القصر بالمياه المطلوبة، وغرفة القصر مربعة الشكل يقع شمال المدخل ويوجد مسجد مستطيل. مع منبر ومحراب يتكون من خمسة أعمدة تحمل أربعة أقواس، كما يضم القصر مجلسًا في الركن الجنوبي الشرقي بجوار البئر بالإضافة إلى إسطبلات في الشمال الغربي.
يقع الحمامات بجوار الجدار الشمالي، ولا يُعرف من كان صاحب المبنى الأصلي للقصر باستثناء بعض المصادر التاريخية التي تذكر أن بناء القصر يعود إلى أواخر القرن السابع الهجري، وأنه الأول من القرن السابع عشر. الإقامة هم أبناء خالد الذين عاشوا مقذوفين وجعلوها عاصمة أوهاد في عهد عميرهم براك، الذين تمكنوا من طرد الأتراك من الأحساء سنة 1082 هـ، بينما يعتقد آخرون أن الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد، في العقد الثاني من القرن الثالث عشر الهجري.
يقول الخبير الأثري “كريم الهادي” عن تصميم قصر صاهود: «إنه يتكون من جدار ضخم مبني من الطوب اللبن تم استبداله فيما بعد بأحجار ضخمة. وبين كل ضلع من ضلعه برج دائري مكون من طابقين يستخدمه قائد الجيش لمراقبة الوضع الأمني في المدينة، ومع التعديل أضيف برجان آخران أحدهما في منتصف الجدار الشمالي والجدار الشمالي. آخر في الجدار الجنوبي، وبعد بضع سنوات أضيف برج ثالث فوق الجدار الغربي، لكنه بني هذه المرة على شكل مربع لمراقبة المدخل الرئيسي للقصر الذي يقع تحته.
وأضاف أنه “بعد المدخل الرئيسي في الجهة الجنوبية للقصر يوجد جناح مكون من ست غرف مخصصة لنوم الجنود المكلفين بحراسة القصر، تليها غرفة كبيرة تسمى” المستودع “تحتوي على غرفة قديمة. درج من الطوب اللبن يؤدي إلى السقف الذي له قبة صغيرة. في الجهة المقابلة يوجد بئر لتجميع المياه به عدة أحواض تستخدم لتخزين مياه الشرب والوضوء، وفي الجهة الشمالية من المدخل غرفة ضيوف بها مدخلين أحدهما يؤدي إلى جناح الجنود. والآخر يؤدي إلى المسجد ويحتوي على رواق يسمى بيت الصلاة ومنبر، وله ثلاثة مداخل يؤدي أحدها إلى دار الضيافة والآخران يؤديان إلى الساحة الواقعة في وسط قصر صاهود.
وأوضح الهادي أن أسطح قصر سهود كانت في بداياتها مصنوعة من الطين الممزوج بجذوع النخيل والحصى، ثم شيدت خلال التعديلات التي أدخلتها الدولة السعودية بعد انتهاء الحرب بينها وبين الجيش العثماني. من الحجارة التي حملت على أعمدة ضخمة بينما كان الخشب يستخدم في صنع أبواب القصر.
قصر صاهود والتاريخ:
على مدار تاريخها، كانت المبرز تعتبر في الأساس مدينة زراعية تخدم المنطقة الزراعية الرئيسية في الأحساء. بُني “قصر الصاهود” للدفاع عن المدينة وأيضًا للدفاع عن هذه المنطقة الزراعية ضد غارات البدو على تلك المنطقة وأيضًا لحراسة مضارب وخيام البدو الموسمية التي كانوا يقيمون فيها في الحرم القريب من المدينة. دارت معظم المعارك التي دارت بين الدولة السعودية وبني خالد في الفترة ما بين 1176-1208 هـ / 1762-1793 م، وشن السعوديون هجومهم الأول على الأحساء في بداية هذه الفترة، أي في عام 1176 هـ / 1762 م.
وحيث تم وصف “الحملة العسكرية” التي تمخضت بخروج (قادة بني خالد) من الأحساء عام (1208 هـ / 1793م) لما يسمى “الحصار المبرز”، وهذه الحملة أعادت الهفوف إلى المملكة وأصبحت تحت سيطرة النظام السعودي، وبالتالي “قصر الصاهود” ذات أهمية كبيرة في الدفاع عن المداخل الشمالية للعاصمة الجديدة، وقد وصف هذا الغزو القادم من الأراضي العثمانية في بغداد، والذي كان أول هجوم نفذته الدولة العثمانية ضد السعودية. عام (1214هـ/1799م) باسم حصار صاهود.
وكان حصار صاهود فعلاً عمليات عسكرية ضخمة عانت منها حصون الأحساء في العصر الحديث، وقوات الأمن السعودية لم تكن محاصرة للقصر أكثر من رقم المئات من الرجال، فيما تجاوزت القوات العثمانية المتمركزة خارج القصر هذا العدد بعشرات المرات، وواصلت القوات السعودية الدفاع عنها ببسالة وشجاعة نادرة لمدة شهرين بينما أمطرت عليهم المدافع ونيران الفرسان لمدة شهر كامل، وكانوا يسدّون الأنفاق التي تحفرها القوات المحاصرة.
تحت الأسوار من أجل اقتحام الحصن، كانت القوات السعودية قد نجحت بالفعل في مواجهة كل محاولات اختراق الجدار رغم الكم الهائل من قذائف المدفعية التي كانت تمطر عليها، وعندما كل هذه المحاولات لاقتحام القلعة لم تنجح. نجحت القوات المهاجمة في بناء برج يمكنهم من خلاله إطلاق نيرانهم داخل الحصن، لكن القوات السعودية المحاصرة فعلت ذلك بوضع حواجز في جذوع النخيل لصد نيران المدافع. وعندما بدأ في ترميم قصر الصاهود بعد انسحاب الجيش العثماني وعادته إلى العراق، أعيد بناؤه بالكامل تقريبًا بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت به، والتي وافقت عليها جميع المصادر التاريخية بالإجماع.
عندما استولى العثمانيون على “الأحساء” للمرة الثانية عام (1288هـ/1871)، أصبحت المبرز منطقة. الهفوف تنتمي أيضا إلى قصر صاهود كمخفر للشرطة، وظل فيها حامية صغيرة من ستة جنود فقط. كان القتال الذي دار بين المبرز والعثمانيين في الهفوف في عام (1323-1325هـ/1905-1907م) سبباً في رفع مكانة “قصر صاهود”. بعد الاضطرابات التي حدثت في المبرز عام (1323هـ/1905م)، حاصرت مجموعة صغيرة من البدو “قصر صاهود” ليوم واحد فقط، ثم غيروا فكرتهم وغادروا بعد ذلك.
فعلوا ذلك، وعودة الحكم السعودي إلى “الأحساء” عام (1332هـ/1913م) لم تحدث سوى تغييرات طفيفة في القصر. وفي بداية الحكم السعودي حظيه القصر على حماية عسكرية كبيرة وقويى الى حد ما، عند وصف القتال الذي دار مع عجمان عام (1334هـ/1915م)، لم يرد شيء من هذه الحامية، مع حلول السلام على ما يلي: عقود، تضاءلت الأهمية الدفاعية للقصر في عام (1370هـ/1950م)، لم يكن للقصر سوى حامية صغيرة جدًا كانت تستخدمه ثكنة عسكرية، وبعد تحديث القوات المسلحة السعودية في العقود التالية، لم يعد القصر مناسبًا حتى لهذا الغرض، ومن ترك فارغا.
قد لا تكفي كتب التاريخ للحفاظ على الأحداث، وخاصة الحروب، فالدليل المادي، كالمتاحف والأسلحة التي تحتويها والثكنات والقلاع والقصور، دليل حي على ما كتبته هذه الكتب في صفحاتها لتأييد الحقائق ودحض الادعاءات، وقصر الصاهود هو أبرز مثال على ما شهدته السعودية من حروب. جدة – قصر صاهود من أهم المواقع التراثية الواقعة في حي الحزم أحد أحياء المبرز بمحافظة الأحساء في المملكة العربية السعودية التي شهدت حروبًا بين الأتراك والقبائل العربية في الماضي.
قبيلة “بني خالد” وتعود لإصول عربية، حيث شكلت القبيلة التاريخ الخاص بها من خلال بناء “القصور والحصون”، وتمكنت من اختيار موقع قصر الصاهود لمكانته المتميزة، وأكبر قصر في المبرز مساحته تأخذ الشكل المستطيل الشكل. واحتلت وسط المدينة، لذلك كانت ذات أهمية قصوى خاصة في أوقات الحرب، دفاعاً عن المدينة. أطلق على “قصر صاهود” هذا (الاسم) بسبب موقعه الذي تميز بتعرضه الدائم لشهيد الشمس، وتميز هذا الموقع بوجود عدد كبير من الأسلحة الثقيلة التي استخدمت في الدفاع عن المدينة. وعلى رأسها مدفع “الصاهود” الذي نُسب إليه القصر فيما بعد أمام زعماء قبيلة بني خالد.
ومنذ ذلك الحين أخذ القصر شهرة هذه الأسلحة، وبدأ في استخدامها للدفاع والمحافظة على المدينة، وكذلك المدن المجاورة والأراضي الزراعية التي يسكنها البدو وأقاموا مخيمات لحراسة مزارعهم، وبعد ذلك تحول القصر من وسيلة لصد هجمات الغزاة الرحل إلى مكان لإيواء جيش شبه الجزيرة العربية. بدأ تشكيل الملك عبد العزيز بعد أن تولى إدارة شؤون المملكة، لمحاربة فلول بني خالد. قبيلة سيطرت بشكل كامل على الأحساء لكن بعضهم بقي في المحافظة لرعاية تجارته.
تعرض قصر صاهود للعديد من السرقات أبرزها هجوم الجيش العراقي بقيادة سليمان باشا الحاكم العراقي في ذلك الوقت، بعد أن شكل جيشاً عتيقاً توجه نحو الأحساء ومدينة المبرز، مقر قصر صاهود، وحاصره باستخدام كرات اللهب والمدافع للهجوم على القصر والتخلص من أبناء المحافظة الذين سكنوا القصر دفاعاً عنه. ولم تتمكن القوات العراقية من هدم القصر أو السيطرة على المبرز بسبب حسن إدارة المعركة من الداخل.
وضع الجيش العراقي خطة لإعادة الهجوم على القصر بأبراج خشبية تقذف كرات نارية من بعيد، لكن المعركة انتهت بهزيمة الجيش العراقي، وهو ما يمثل فرصة لقادة الجيش السعودي الذين هم محاصرين داخل القصر للخروج منه والبدء في أعمال الترميم حتى يعود التصميم المعماري للقصر كما كان من قبل.
في بداية عام “1871” أمر الأتراك قادة الجيش بالسيطرة على “الأحساء”، وشكل عبد العزيز السلطان العثماني في ذلك الوقت حملة عسكرية واسعة النطاق لمهاجمة الأحساء والاستيلاء على القصر، وعلى الحاكم الجديد لبغداد، مدحت باشا تضامن معه وأبرم اتفاقيات منها تقسيم الأحساء والمناطق المجاورة لها.
عندما رأت الدولة السعودية ما يحدث في قصر صاهود، وكيف تم القضاء على الآثار التراثية المحيطة بها، تحركت وحاولت إعادة تشكيل جيشها مرة أخرى، وفي عام “1913” دخلت الدولة في حرب مع الجيش العثماني وانتهت بهزيمته و وعودته إلى العراق، وبعد أن تمكنت الدولة السعودية من إخلاء القصر الأحساء عضو في الجيش العثماني. وأدخلت عليه تعديلات على القصر وساندته بالحصون والجدران الضخمة لمنع العثمانيين من السيطرة عليه.