تحكم المناخ في الصناعة:
كانت دراسة المناخ والأحوال الجوية مهمة جداً من أجل الزراعة، فإن تأثير المناخ على الصناعة أقل من تأثيره على الزراعة لكنه يؤثر بشكل سلبي أو بشكل ايجابي، فإن أهميتها كذلك تبدو واضحة أيضاً بالنسبة للصناعة، فمن المعروف أن بعض الصناعات يلزم لقيامها بنوع معين من المناخ، فإن صناعة النسيج والغزل مثلاً يلزم لنجاحها نسبة عالية من الرطوبة في الهواء، ذلك حتى لا تتقصف التيلة عند غزلها ونسيجها، كما يظهر هذا في صناعة غزل ونسيج القطن أوضح منه في صناعة غزل ونسيج الصوف إذ أن الأولى تحتاج إلى نسبة من الرطوبة أعلى بكثير ممَّا تحتاجة الثانية.
كما أن المثال التقليدي الذي في العادة يضرب من أجل توضيح هذه الحقيقة هو أن صناعة القطن قد تمركزت داخل مقاطعة لنكشير الموجودة في غرب دولة انجلترا، حيث تعتبر مكاناً جيداً للصناعة، ذلك يعود إلى نسبة الرطوبة في الهواء تكون أقل نوعاً ما منها في مقاطعة لنكشير، لعلَّ هذا السبب أيضاً في أن معظم صناعات الغزل والنسيج في جمهورية مصر العربية توجد بصفة خاصة في النصف الشمالي من الدلتا.
ومن الصناعات الأخرى التي اشتهرت بشدة حساسيتها للظروف الجوية هي صناعة كل من السجائر والسيجار، حيث أنها تحتاج إلى درجة حرارة ونسبة رطوبة عاليتين، على العكس من ذلك يلاحظ أن صناعة المواد الغذائية مثل صناعة كل من حفظ اللحوم، الأسماك، الخضروات والفواكة حيث أن جميعها تحتاج في الغالب إلى جو بارد، فكلما كان الهواء جافاً كان ذلك قد أدى إلى نجاح الصناعة.
ولكننا مع ذلك فإننا نلاحظ أن كثيراً من الصناعات قد استطاعت في الوقت الحاضر أن تتحرر إلى حد ما من سيطرة المناخ وتغير الأحوال الجوية، وذلك بعد أن تقدمت وسائل التبريد والتدفئة وغيرها من وسائل تكييف الهواء، بحيث أصبح من الممكن أن يتم تجهيز أجواء صناعية ملاءمة في داخل المصانع وذلك على حسب ما تحتاجة، فضلاً عن ذلك فإن المصانع أصبحت تُبنى أحياناً تحت سطح الأرض؛ ذلك حتى تكون بعيدة بقدر المستطاع عن تأثير التقلبات الجوية المختلفة التي تؤثر عليها.
