بناء الجبال:
لقد حدثت عمليات نشوء الجبال في تاريخ الأرض الحديث في عدة مواقع حول العالم، كما تشمل هذه الأحزمة الجبلية الحديثة الكورديليرا الأكريكية والتي تمتد على طول الحافة الغربية للأمريكيتين من مضيق مجلان إلى آلاسكا وسلسلة جبال الألب، الهملايا التي تمتد من البحر المتوسط عبر إيران إلى شمال الهند والهند الصينية وكذلك المناطق الجبلية غرب المحيط الهادي. وهي تشمل أقواس الجزر الناضجة مثل اليابان والفلبين وسومطرة. ومعظم هذه الأحزمة الجبلة الحديثة قد تكوَّنت خلال المائة مليون سنة الماضية، وقد بدأ بعضها في التكون ما في ذلك الهملايا في مدة أقرب لا تزيد عن أربعين مليون سنة مضت.
فبالإضافة إلى هذه الجبال الحديثة المركبة توجد سلاسل جبلية عديدة، يرجع عمرها إلى دهر ما قبل الكومبري والدهر القديم. ورغم أن هذه التراكيب القديمة قد تعمقت فيها التعرية وأصبحت ذات تضاريس متواضعة، إلا أنها تمتلك نفس الملامح التركيبية التي توجد في الجبال الأحدث عمراً. وتعتبر جبال الأبالاش في أمركيا الشمالية وجبال الأورال في الاتحاد السوفيتي نموذجيين جيديين لهذه الجبال. كما تختلف الجبال المركبة عن بعضها في تفاصل معينة كما أنها تمتلك نفس التراكيب الأساسية.
وتتألف أحزمة بناء الجبال عدة من مرتفعات متوازية من الصُخور الرسوبية والصُخورالبركانية المطوية والمتصدعة التي تكون بعض أجزائها قد تحولت تحولاً شديداً، من ثم اقتحمت بأجسام نارية تكون حديثة نوعاً ما. وفي معظم الحالات تكون الصُخور الرسوبية قد تراكمت في بحار عميقة وقد زاد سُمكها عن 15 ألف متر، كذلك من صُخور أقل سُمكاً تراكمت في بحار ضحلة. وعلاوة على ذلك فلا بُدّ أن تكون هذه الصُخور المشكلة أكبر عمراً في معظمها من حادثة بناء الجبال التي تضمنتها؛ ممَّا يشير بالضرورة إلى فترة غير قصيرة من التراكم الهادئ المتبوع بحادثة مفاجئة من الطي والتصدع.
وقد اتضح من القدرات الدقيقة للمناطق الجبلية أن فترة بناء الجبال عادة ما تكون طويلة، وقد يزيد في بعض الأحيان عن مئة مليون سنة، بالاضافة إلى أن وضع تصور لأحداث الماضي قد دلّ على أن التشكّل غالباً ما يتقدم من المحيطات نحو اليابسة؛ بحيث يتم تشكل رسوبيات المياه العميقة أولاً. وقد تعرَّضت هذه الرواسب المكونة أساساً من الفتات البركاني والصُخور الطينية إلى درجات شديدة من الطي والتصدع والتحول، وكانت كما لو وضعت بين فكي كماشة قوية بحيث انتقل فكّها من البحر باتجاه اليابسة.