التغيرات الفسيولوجية وميكانيكيتها عند التكيف الحراري للرياضيين

اقرأ في هذا المقال


إن الوجود المستمر في ظروف ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة في الهواء يتطلب تكيف تدريجي لهذه الظروف الخاصة في المحيط الخارجي، مما يؤدي إلى تعود الجسم على ممارسة الرياضة في ظروف ارتفاع درجات الحرارة.

التغيرات الفسيولوجية وميكانيكيتها عند التكيف الحراري

يستند التكيف الحراري بجملة تغيرات فسيولوجية متخصصة، وتعتبر عملية تعزيز إفراز العرق وهبوط درجة حرارة مركز الجسم وسطحه الخارجي، وانخفاض التغيرات الأساسية في وقت التواجد في ظروف الحرارة المرتفعة، كما أن الآلية الأساسية للتكيف الحراري توجه لتعزيز نقل الحرارة من الجسم إلى الوسط الخارجي، ومع التكيف الحراري تحدث تقوية لإفرازات العرق، منها مضاعفة عدد الغدد العرقية العاملة وكذلك كمية الإفرازات المستقيمة للعرق عند العمل على تنفيذ حمولة بدنية واحدة.

كما تنخفض العتبة الحرارية لنقل الحرارة، حيث تبدأ هذه العتبة عند درجات حرارية بطيئة في جلد الجسم ومركزه، وتتضاعف بسرعة مع ازدياد حرارة الجسم ويخرج العرق من جسم الإنسان الذي يتكيف للحرارة بصورة طفيفة على شكل قطرات دون أن يتبخر هذه القطرات، حيث أن العرق يكون قد توزع بصورة أكثر انتظاماً في سطح الجسم مقارنة بجسم الإنسان الذي لم يتكيف للحرارة، كما تتزايد نتيجة لذلك مساحة سطح الجسم؛ وذلك لتقوية انتقال الخرارة عن طريق تبخر العرق.

كما ينتج عن عملية تقوية تبخر العرق إلى خفض درجة حرارة الجلد، وبفضل هذا فإن الدم الذي يجري في المجاري الجلدية يبرد بشكل أسرع وعليه سيزداد التمايز الحراري (مركز جسم اللاعب)، وعندئذ ستعزز نقل الحرارة البدني من الأجزاء العميقة في الجسم إلى سطحه، كما تنخفض الحاجة إلى التقوية الإضافية لتعزيز جريان الدم الجلدي، كما أن أبرز تأثير في تقوية التكيف الآلي لنقل الحرارة يبدو في انخفاض درجة حرارة الجسم، وبهذا الشكل ستنخفض حرارة الجسم في وضع الهدوء وكذلك في زيادتها أثناء تأدية العمل العضلي.

نتائج التكيف الحراري على الرياضيين

ونتيجة للتكيف الحراري يحدث انخفاض في التركيز الملحي في العرق، إذ يكون العرق أكثر تخفيفاً وسوف يفقد اللاعب كميات كبيرة من الماء مع العرق أكثر مما تفقده من كمية الأملاح، ولذلك فإن تركيز المحاليل الكهربائية في الدم تزداد، وعندما تتضاعف كمية الدم سوف يتسبب في شعوراً شديداً بالعطش والذي يمكن اعتباره آليه موجهة للتعويض عند فقدان السوائل في الجسم دائماً من الكفاية بحيث يؤمن طلب الجسم إلى الماء.

كما أن بمقدور الإنسان المكيف للحرارة أن يحتفظ بالتوازن المائي بصورة أفضل، وتنخفض نفاذية الأوعية الجلدية أثناء عملية التكيف الحراري؛ مما يؤدي إلى تقليل خروج جزئيات البروتين من هذه الأوعية، ويمكن لتركيز البروتين في السوائل النسيجية للجلد أن تنخفض عند التأثيرات الحرارية، وينتقل هذا البروتين عبر الشبكة اللمفاوية للجلد في الدم المدور، ويصاحب التكيف الحراري انخفاض حمولة جهاز القلب الوعائي.

كما يهبط تدريجياً على مدى التكيف للحرارة تيار الدم الجلدي أثناء تنفيذ الحمولة، وذلك على الرغم من أن تيار الدم الجلدي هذا عند اللاعب الذي تكيف تماماً أكبر عند أداء العمل في مناخ حار من العمل في مناخ محايد، وإضافة لذلك تتزايد إمكانات التعزيز الفعال لتيار الدم الجلدي نتيجة الانتقال السريع للدم في منظومة الأوعية الدموية الجلدية واقتراب تيار الدم في السطح وتوزيعه الفعال، وتنخفض درجة انقباض الأوعية على مدى عملية التكيف الحراري؛ مما يؤدي إلى تحسين تأمين أعضاء التجويف البطني بالدم أثناء تأدية العمل في الظروف المناخية الحارة.

كما أن معظم التغيرات التي ترتبط بالتأقلم الحراري تحصل بسرعة، وخصوصاً طيلة الأيام الأولى من التواجد في الظروف المناخية الحارة، فعملية التأقلم الحراري تنتهي من وجهة النظر العملية عند اليوم 12_ 14، كما يتنافى التكيف الحراري ليس فقط عند التعايش لفترة أيام متعددة في الظروف المناخية الحارة، وإنما أيضاً بالتواجد المتكرر القصير لبضع ساعات في اليوم، وتسود إمكانية تحمل الجسم لارتفاع درجة الحرارة بتقدم عمر الإنسان.

إذ تبدأ عملية إفراز العرق عند الرياضيين الكبار في السن في درجات الحرارة العالية بصورة متأخرة مما هي عند الشباب، كما أن تيار الدم الجلدي يتضاعف عند الكبار بصورة أكبر كثيراً؛ كاستجابة للحمولة الحرارية ولكن الإمكانية القصوى لهذه المضاعفة عندهم أقل مما هي عليه عند الشباب، وأثناء التواجد في الظروف المناخية الحارة فإن درجة حرارة الجسم عند الكبار تعود إلى حالتها الطبيعية بصورة بطيئة.

كما يعد التنظيم الحراري والتأقلم البشري من المكونات الأساسية لآلية التكيف البشري لتحمل الاختلافات في التعرض للحرارة البيئية، كما أن بقاء الرياضي سيتطلب اعتمادًا متزايدًا على هذه الآليات الفسيولوجية، وتشير الزيادة المتوقعة بعدة أضعاف في أحداث الحرارة الشديدة إلى أن الرياضي بحاجة إلى إعادة معايرة سياسات حماية الصحة وتكثيف جهود التكيف.

كما يحدد التنظيم الحراري والتأقلم تحمل الإنسان للحرارة وقابلية تعرضه للإجهاد الحراري، وبالتالي ستكون هذه عوامل رئيسية في تحديد الدرجة التي يمكن أن يستوعب بها الرياضي ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة العالية أثناء ممارسة النشاط الرياضي، كما أن العمليات الفسيولوجية والسلوكية ذات الصلة التي ينطوي عليها التعامل مع درجات الحرارة المحيطة المتغيرة، والمدى الحراري التشغيلي للتنظيم الحراري والحماية التي يوفرها التأقلم.

كما يحدث اكتساب الحرارة عندما يتم امتصاص الحرارة الخارجية عبر الجلد عن طريق انتقالها مباشرة من الشمس ومن الغلاف الجوي، كما تتولد الحرارة أيضًا داخليًا كمنتج ثانوي لعملية التمثيل الغذائي الأساسي والنشاط البدني، وتنتج الأعضاء الداخلية والأحشاء داخل قلب جسم الإنسان حوالي 70% من حرارة التمثيل الغذائي، وعند الراحة بينما يتم تبديل هذا أثناء التمرين الديناميكي عندما يحدث حوالي 90% من إنتاج الحرارة الأيضية في عضلات الهيكل العظمي.

وفي حالة الراحة يبلغ إنتاج الحرارة حوالي 1.5 وات أي 105 وات لشخص 70 كجم، ويمكن أن يزيد هذا إلى 1400 واط أو أكثر أثناء التمرينات الرياضية الشديدة بزيادة اثني عشر ضعفًا، حنى وإن كانت عضلات الإنسان غير فعالة بشكل مدهش أثناء ممارسة النشاط البدني، فإن 70% إلى 80% من الطاقة التي تنتجها عضلات العمل هي الحرارة وليس العمل الميكانيكي، وأثناء النشاط البدني ترتفع درجة حرارة الجسم في غضون أربع أو ثماني دقائق دون آليات تنظيم حراري فعالة تبدأ في فقدان الحرارة.

ويوجد التوازن الحراري عندما يوازن اكتساب الحرارة فقد الحرارة، ويتحقق من خلال التنظيم الحراري والتأقلم عندما يتجاوز اكتساب الحرارة فقد الحرارة، ويتم تخزين الحرارة في سوائل الجسم والعضلات والعظام؛ مما يؤدي إلى زيادة إفراز العرق.

المصدر: كتاب" فسيولوجيا الرياضة للدكتور: عبدالرحمن زاهر كتاب" فسيولوجيا الحركة للدكتور: عبد المالك سربوت كتاب" مبادئ الفسيولوجيا الرياضية للدكتور: سميعه خليل محمد


شارك المقالة: