الميكانيكية الفسيولوجية للتكيف أثناء ممارسة الرياضة في الجو البارد

اقرأ في هذا المقال


عند هبوط درجة حرارة الوسط الخارجي يزداد العرق بينها وبين درجة حرارة سطح الجسم؛ ويؤدي ذلك إلى تعزيز فقدان الجسم للحرارة، وأن أهم آلية لوقاية الجسم من فقدان الحرارة في الظروف الباردة تكمن في تضييق الأوعية الجلدية.

الميكانيكية الفسيولوجية للتكيف أثناء ممارسة الرياضة في الجو البارد

ينخفض نتيجة تضييق الأوعية الجلدية (انقباض الأوعية) عمل نقل الحرارة مع الدم من مركز الجسم إلى محيطه، ولكما كان الجلد وخاصة تلك الطبقة السفلى منه بحد ذاتها رديئة التوصيل للحرارة، فإن انقباض الأوعية من شأنه أن يعزز كفاءة العزل الحراري (الغلاف) للجسم بحوالي 6 أضعاف، كما أن سمك العزل الحراري لدرجة حرارة الجسم يزداد في الظروف الباردة ولذلك تتقلص أبعاد المركز الحراري للجسم.

ويمنع العمل على نقل الحرارة من مركز جسم اللاعب على سطحه هبوط درجة حرارة مركز الجسم، ولكن في الوقت نفسه يؤدي إلى هبوط تدريجي لدرجة حرارة الجلد، ويؤدي بدوره إلى تقليص الفرق في درجات الحرارة بين سطح جسم اللاعب والمحيط الخارجي، ويقل بذلك فقدان الحرارة من الجسم، كما أن أكثر انقباض وعائي جلدي يحدث عادة في الأطراف، وخاصة في أصابع اليد والرجل.

فمثلاً أن تيار الدم خلال الأصابع أن ينخفض بمائة مرة وأكثر من 120 إلى 2.0 مل، ولذلك فإن درجة حرارة نسيج الأعضاء القصوى من الأطراف يمكن أن تنخفض حتى تصبح مساوية لدرجة حرارة الوسط المحيط، وهذا هو ما يفسر الحقيقة التي تشير إلى أن أصابع اليد والأرجل وكذلك صوان الإذن تعتبر الأجزاء الأكثر عرضة للجرح، وأما الأوعية الرأسية لنقل الدم فإنها الأقل عرضة للتضييق في البرد.

ولذلك فإن جزءاً كبيراً من الحرارة لغاية 25% من نواتج الحرارة تخرج إلى المحيط من الرأس المكشوف، وإلى جانب انقباض الأوعية الجلدية تلعب تلك الحالة التي تشير إلى أن الدم يجري في الظروف الباردة بالدرجة الأساسية في الأوردة العميقة، وليس السطحية دوراً كبيراً في تقليص التوصيل الحراري الداخل للجسم، وبالتالي في الحفاظ على الحرارة، وعندما كانت الأوردة العميقة موجودة إلى جوار الشرايين.

ولذلك سيحدث بينهما تبادل حراري إذ يتسخن الدم الوريدي العائد إلى المركز على حساب الدم الشرياني، وكذلك يوجد عائقاً يمنع تبريد مركز الجسم وبالعكس إذ يبرد الدم الشرياني القادم من القلب والذي يجري في شرايين الأطراف تدريجياً حتى يصل النهايات الجلدية القصوى، فتصبح درجة حرارته أكثر انخفاضاً مثلاً عندما تكون درجة الحرارة الخارجية 9 درجات، فإن درجة حرارة الدم في الأوعية تقل إلى 21 درجة وبالتالي يهبط الانتقال الحراري إلى المحيط.

وهنا تظهر ميكانيكية أخرى مهمة في التكيف للظروف الباردة وهي تعزيز النواتج الحرارية نتيجة ظهور رعشات البرد، أي تقلصات عضلية لا اختيارية، وعند ظهور الرعشة البردية تستقطب مجاميع عضلية جديدة أكثر فأكثر، بدءاً بعضلات الرقبة فالبطن وانتهاءاً بعضلات الأطراف، كما أن طبيعة ودرجة الرعشة البردية، كما أن طبيعة ودرجة الرعشة البردية غير متساوية عند الأفراد المختلفين، وتحمل رعشة البرد طابعاً مختلفاً فهي تارة تظهر وتارة تختفي بغض النظر عن ارتباطها بتغير درجة حرارة باطن جسم اللاعب وسطحه.

وعندما تكون درجة الحرارة منخفضة جداً، فإن الرعشة تستمر عند الرياضي طويلاً، وكلما كانت رعشة البرد شديدة كلما كانت نتائج الحرارة العضلية أكبر، وبانخفاض درجة الحرارة الخارجية وكذلك سرعة حركة الهواء تزداد حصيلة الرعشة الهوائية في وقاية الجسد من فقدان الحرارة، كما تتضاعف النواتج الحرارية في الظروف الباردة قليلاً كما تهبط درجة حرارة الجسم بصورة أكبر، وعلى العموم فإن الرياضيين الكبار في العمر يتحسسون قليلاً أو لا يتحسسون للمؤثرات الموضعية الباردة.

ويمكن أن تتضاعف النواتج الحرارية أيضاً؛ بسبب تقوية العمليات التي لا ترتبط بالرعشة الباردة، كما أن استهلاك كميات الأكسجين في الظروف الباردة يتضاعف في حالة الهدوء، وتعتمد قيمة هذه المضاعفة على طبيعة الملابس وأسفل الجلد، وكذلك على فترة المكوث في البرد وتتضاعف سرعة استهلاك الأكسجين طردياً مع زيادة الطرح القلبي، فمثلاً سرعة استهلاك الأكسجين والطرح القلبي عند الإنسان العادي في درجة حرارة مقدارها خمس درجات تتضاعف بمرتين.

وكذلك عند التعرض للبرد يبقى تردد التقلصات القلبية بدون تغير ولذلك يتضاعف الطرح القلبي نتيجة مضاعفته للحجم الانبساطي فقط، وفي هذا المجال تكون استجابة القلب تجاه هذا البرد متميزة مما هي عليه في ظروف النشاط العضلي، ويتضاعف الطرح القلبي في الحالة الأخيرة بسبب مضاعفة تردد التقلصات القلبية بدرجة أساسية.

كفاءة الأداء البدني في الظروف المناخية الباردة

ينخفض العازل الحراري للجسم بصورة ملحوظة أثناء العمل العضلي الذي يحري في ظروف حرارية باردة، ويتعزز حبس فقدان العازل الحراري بالتوصيل والحمل، ويعني هذا أنه من أجل حبس التوازن الحراري لا بد من توليد كبير للحرارة مما هي عليه في ظروف الهدوء، ومع هبوط درجة الحرارة الخارجية وزيادة التمايز الحراري بين الجسم والمحيط الخارجي، فإن النواتج الحرارية ينبغي أثناء النشاط العضلي أن تتضاعف فإذا كان النشاط العضلي بشدة غير كافية لكي يؤمن حرارة إضافية، فإن درجة حرارة الجسم ستهبط إلى أقل من القيمة الطبيعية (هبوط الحرارة).

وأثناء الحمولات ذات القدرات المتواضعة باستهلاك كمية من الأكسجين تصل إلى 1.2_ 1.4، فإن سرعة استهلاك الأكسجين في ظروف انخفاض درجة حرارة الهواء أمبر مما هي عليه في درجات حرارة مريحة، وأثناء العمل على تنفيذ الحمولات الكبيرة تزيد عن كمية استهلاك الأكسجين إلى 1.4، فإن سرعة استهلاك الأكسجين لا تعتمد على درجة الحرارة الخارجية، وإذا كانت سرعة استهلاك الأكسجين واحدة، فإن العمل في ظروف باردة يتطلب هبوط بعض الشيء لتردد التقلصات القلبية مقارنة مع المعمل المثالي في ظروف حرارية محايدة.

كما أن مضاعفة صرف الطاقة سرعة أكبر في استهلاك الأكسجين أثناء العمل بقدرة غير كبيرة نسبياً في ظروف مناخية باردة ترتبط بالرعشة الباردة التي تختفي بمضاعفة الحمولة إلى كميات كبيرة، وتنخفض درجة الحرارة المستقيمة عند العمل على تنفيذ حمولات خفيفة في حين تبقى بنفس مستواها عند العمل على تنفيذ حمولات ثقيلة، الذي كانت عليه في الظروف المناخية المريحة، وهكذا من مستوى قدرة معينة للحمولة البدنية تساوي سرعة استهلاك الأوكسجين، حيث تبدأ عندها المستوى الحرج لنواتج الطاقة الذي يلائم فقدان الحرارة، وتختفي الرعشة الباردة ويستقر انتظام درجة حرارة الجسم.

وعندما تكون درجة حرارة الجسم طبيعية أو عالية نتيجة النشاط العضلي فإن القيم العظمى لتردد التقلصات القلبية تبقى في الظروف المناخية الباردة دون تغير يذكر، ولكن التنفس الرئوي يقوي بعض الشيء.

شارك المقالة: