دور العلاج الوظيفي بالأمراض النفسية

اقرأ في هذا المقال


مرض الفصام-Schizophrenia:

الشيزوفرينيا تعني العقل المنقسم أو المنفصل، ولا يعني ذلك انقسام العقل إلى قسمين أو أكثر، بل يعني افتقاد الإنسجام والتوافق والترابط الذي يكون بين وظائف الجسم المتعددة من أفكار وانفعالات وإدراك وتذكُّر السلوك العام، هذا التوافق الداخلي الذي يظهر في تصرفات وحياة الإنسان الطبيعي.
وبافتقاد هذا الترابط بين هذه الوظائف تظهر أعراض مرضية في مجال التفكير والإدراك والإرادة والإنفعال وغيرها، وينعزل من خلالها المريض إلى عالم غير الحقيقة وينعزل عن الواقع، حيث يعتبر مرض الفصام من أشد الأمراض النفسية وأصعبها وهو معروف في جميع الأجناس البشرية ونسبة انتشاره بين السكان 1% وهذا يدل على أنّه ليس مرضاً نادراً أو مرض قليل الانتشار.

ما هو مرض الشيزوفرينيا؟

مرض الشيزوفرينيا أو الفصام هو اضطرابٍ عقلي، يجعل المصاب به غريباً، خارجاً عن الواقع والمألوف، يتمثل في انفصاله عن عالمه وكل ما هو محيط به، يؤدي المرض إلى سماع أصوات لا علاقه لها بالوجود، وتأثير القدرات العقلية والفكرية والإدراكية، كما يجعل المريض يتوهم أموراً كثيرة.

مفهوم مرض الفصام:

هو اضطراب نفسي شديد، يتسبب في حدوث مشاكل في التركيز وطريقة وصف المشاعر والإدراك، مع فقدان الدوافع والمثيرات للشخص المصاب، ويتسبب أيضاً في فصل الشخص عن الحياة الواقعية ودخوله في عالم الخيال.
تختلف درجة الفصام من شخص لآخر، ويمضي المصاب فترة تنقل من وضع مستقل إلى وضع انتكاس بين الحين والآخر، لذلك من المهم المباشرة في العلاج المبكر للأشخاص المصابين؛ وذلك بهدف السيطرة على أعراض المرض قبل ظهور المضاعفات، إذ تختلف فترة ظهور المرض وأعراضه عند النساء والرجال، حيث يظهر عند النساء بين عمر25-35 عاماً، أما عند الذكور فتظهر قبل سن ال 25عاماً.

أسباب الشيزوفرينيا:

  • الوراثة: نسبة انتشار المرض في السكان هي 1%، حيث ترتفع بين أقارب المرضى إلى 17%، وإذا كان كِلا الوالدان مفصومين فقد تكون نسبة الإصابة بين أطفالهم “41%”، أما إذا كان أحد الوالدين فقط مفصوم فالنسبة بين الأطفال تكون 12%، وفي حالة التوأم من بويضة واحدة فإذا أصيب أحدهما بمرض الفصام تكون نسبة إحتمال إصابة الآخر بنسبة 60%، ولكن إذا كان التوأم من بويضتين مختلفتين فإنّ نسبة الإصابة تكون 25%.
  • الشخصية “personality”: ينتشر المرض بنسبة30% بين الشخصيات شبه الفصامية ومن صفاتها(الخجل، الحساسية، الانطواء والانغلاق وتفادي الاختلاط الاجتماعي، الهدوء الزائد، البرود العاطفي، التحفظ وعدم التحمس.
  • البناء الجسمي: ينتشر المرض عند الأشخاص الذين تتميز بنية أجسامهم بالطول والنحافة وضيق القفص الصدري Asthenic.
  • مرحلة الطفولة وتأثير الأسرة: يكون الأطفال الذين ينشأوون في أسر مفككة تسود فيها الفوضى وعدم الانضباط أو التسلط والجمود والحماية الزائدة من أحد الوالدين، أكثر عرضةً للإصابة بالمرض في المستقبل، كما أنّ الانتقاد المستمر للأطفال وإظهار العواطف السلبية لهم تزيد من فرصة الإصابة بالمرض وظهور الأعراض.
  • العزلة الاجتماعية والمستوى الاجتماعي: ينتشر المرض بشكلٍ كبير بين الأشخاص الذين يسكنون أماكن منعزلة ولا يختلطون بالفئات الأخرى من المجتمع.
  • الأمراض الجسمية: تظهر أعراض المرض غالباً بعد الإصابة بأمراضٍ جسمية كالحميات أو إصابات الرأس أو العمليات الجراحية الكبيرة أو عمليات الولادة أو الإجهاض أو الإدمان على المخدرات والكحول والمواد المنبهة للجهاز العصبي.
  • الضغوط الاجتماعية والنفسية: تظهر الأعراض الحادة للمرض بعد أسابيع من التعرض لضغوط نفسية أو اجتماعية في حياة المريض مثل: الانفصال، وفاة شخص عزيز، الاعتداء الجسدي، الاعتداء الجنسي.
  • الحمل والولادة: تؤدي الولادة المبكرة أو ولادة الطفل بوزن أقل من الطبيعي، أو نقص الأكسجين أثناء عملية الولادة إلى حدوث أسباباً داعمة لظهور مرض الفصام.
  • استخدام الأدوية الخاطئة.

أعراض مرض الشيزوفرينيا:

  • اضطراب التفكير: غالباً ما تكون الأفكار غير مترابطة ولا تكون متنامية لتُعبّر عن منطق معين أو تصل لهدف ما، كما أنّ المريض يفقد القدرة على التفكير التجريدي بمعنى أنّه لا يستطيع الوصول إلى معاني بعيدة، كما أنّه لا يرتب الأشياء حسب ترابطها كأن يرتب أدوات الكتابة مع بعضها أو أدوات المائدة؛ وذلك لكونه ينظر إلى الشيء منفرداً في حد ذات دون ربطه بغيره من الأشياء.
  • الانسحاب من الواقع والانطواء على الذات: يفقد مريض الفصام الاهتمام بما يدور حوله وتضعف استجابته للمؤثرات الخارجية، كذلك يفقد القدرة على المبادرة إلى النشاط أو الاختلاط ولا تثيره الأحداث ولا الأخبار ولا تهمه المصالح، وينطوي على ذاته ويميل إلى الانفراد في التأمل الخارجي.
  • اضطراب الانفعالات: يفقد المريض شعور التعاطف نحو أحبائه كأفراد أسرته ويصبح غير مستجيب ولا مبالي بالآخرين وشعورهم، هذا وقد يقوم مريض الفصام بسرد وقائع من المفترض أن تكون مأساوية تثير الشفقة والحزن وهو يبتسم ابتسامة فارغة لا تحمل معنى الفرح وكأنه مستغرق في حلم، كما يمكن للمريض أن يغضب ويثور أو يفزع دون مبرر مفهوم.
    كذلك نجد تضارب في الانفعالات، فهو يحب ويكره شخصاً معيناً في نفس الوقت أو يرضى عن شيء أو شخص في لحظة وبعد ثوان يعود فيرفضه ولا يتقبله.
  • اضطراب السلوك وحركة الجسم: غالباً لا يهتم المريض بنفسه وبنظافته الشخصية، ويبدو كأنه محرج طوال الوقت، ويمكن أن تظهر عليه حركات التصنع والنمطية في أنحاء مختلفة من جسمه.
  • اضطراب الإدراك: تحدث الهلوسات السمعية بشكلٍ كبير في مرض الفصام وتختلف في وضوحها وحدتها، أحياناً تكون مبهمه وأحياناً تكون واضحة وعالية تستحوذ على الاهتمام فيستغرق المريض وقتاً في الإنصات اليها، حتى أنّه يدركها تماماً وكأنها صادرة من داخل الرأس أو القلب أو من خارج الجسم.
  • الهلوساتHallucinations: سماع أو رؤية أشياء ليست موجودة في الواقع.
  • الأوهام Delusions: أمور خاطئة يؤمن بها المصاب بناءاً على وجهاتٍ غير موجودة.
  • عدم القدرة على التركيز .

أنواع الفصام:

  • الفصام البسيط: يشعر المصاب ببطء شديد، يتميز بعدم الاهتمام بما يدور في المحيط الخارجي والتبلد العاطفي وصعوبة خلق علاقات اجتماعية مع تدهور تام في جميع القدرات والنشاطات الشخصية والاجتماعية وفقدان المبادرة وضعف الإرادة.
  • فصام الشباب: يبدأ حول مرحلة المراهقة أو بعدها بقليل قبل أن تكتمل الشخصية، يتميز هذا النوع بعدم توافق الانفعالات ونوبات القهقهة غير المناسبة أو ابتسامة سطحية لا تعبر عن عاطفة حقيقية.
  • الفصام التخشّبي: يبدأ بعد مرحلة الشباب، يمتاز باضطراب السلوك واضطراب حركة الجسم والتخشب، كما تحدث فيه نوبات التبلد والانفصال عن الواقع والعزوف عن الحركة.
  • الفصام الهذائي: يبدأ بمرحلة متأخره من العمر بعد أن تكون الشخصية قد أكملت نموها، يتميز هذا النوع بالهذاءات التي منها هذاءات العظمة وهذاءات توهم المرض.
  • الفصام الإنفعالي: تظهر أعراض مرض الاكتئاب أو مرض الزهو مع أمراض الفصام، يجب أن تكون أعراض المرضين الإنفعالي والفصامي متواجدة وواضحة في نفس المريض.

كيف أتعامل مع مريض الفصام؟

على الرغم من أن مرض الفصام من أشد الأمراض النفسية وأكثرها صعوبة في العلاج، إلاّ أنّه من الممكن السيطرة عليه ومنح المصاب فرصة لممارسة حياته الطبيعية كالأشخاص العاديون، حيث يتم ذلك من خلال:

  • اهتمام الأسرة بالمريض وعدم شعوره بالمرض ومعاملته كشخص مريض، بل محاولة التعامل والتكيف معه كشخصٍ طبيعي؛ وذلك من أجل رفع معنويات المريض وزيادة ثقته بنفسه.
  • الحرص على عدم توجيه الكلمات المؤذية أو الصفات السلبية للمريض، لتأثيرها السلبي عليه.
  • الالتزام بالأدوية التي تم وصفها من قبل الطبيب.

علاج مرض الفصام:

  • العلاج النفسي: يجب أن يكون ذلك في إطارٍ مفهوم ونظام متكامل من الخدمات الصحية النفسية، يشارك فيها المجتمع بكآفة مؤسساته الطبية والاجتماعية والدينية والمهنية وغيرها.
  • العلاج الدوائي: يستمر المريض على الدواء لعدة أسابيع وبعد تحسن حالته تخفض الجرعة تدريجياً حتى تصل إلى جرعة صغيرة نسبية، حيث يستمر المريض بتناولها لمدة طويلة لكي يتحسن ويتفادى الانتكاسات في المستقبل أو تخفيف حدتها، وعادةً ما تؤخذ بالتزامن مع أدوية مضادات الاكتئاب.
  • العلاج بالصدمة الكهربائية: يتم اللجوء إلى هذه الطريقة عند عدم استجابة المصاب للعلاج بالدواء.
  • التأهيل المهني.

  • دخول المستشفى.

عندما يتحسن المريض على العقاقير تبدأ مرحلة الانتقال إلى عمليات العلاج النفسي، الفردي أو الجماعي، العلاج الأسري والتأهيل والرعاية الشاملة، ونتيجة استخدام هذه الوسائل العلاجية المختلفة سيصبح لدى لدى المريض فرصة كبيرة للعيش بشكل طبيعي في المجتمع كأحد أفراده المنتجين.



شارك المقالة: