نطلق فلسفة الإرشاد الجمعي من أنَّ كل فرد يشترك سلوكياً مع غيره في كثير من خصائص السلوك وأنماطه، فرغم أنّه فريد في بعض أنماط سلوكه، إلَّا أنّه مماثل لغيره في بعض أنماط السلوك الأُخرى. يقوم هذا النوع من الإرشاد الجمعي على اعتبار أنَّ المسترشدين هم محور العملية الإرشادية، أنَّهم مسؤولون بالدرجة الأولى عن حركة المجموعة والأهداف التي تريد تحقيقها.
الإرشاد الجمعي
علاقة إرشادية بين المرشد ومجموعة من المسترشدين، تتم خلال جلسات جماعية في مكان واحد، يتشابهون في نوع المشكلة التي يعانون منها ويعبرون عنها كل حسب وجهة نظره لها وكيفية معالجته.
الدور الحقيقي الذي يقوم به المرشد تحت ظل هذا المفهوم للإرشاد الجمعي، يعتمد على أساس تسهيل مهمَّة المسترشدين عن طريق توفير ظروف بيئية ونفسية آمنة، تأكيد ثقتهم بقدراتهم على قيادة أنفسهم وتطوير مهاراتهم وإيجاد حلول لمشكلاتهم، كما أنَّ المرشد النفسي يحاول أن يكون قدوة أو مثلاً للمسترشدين؛ لتعلم بعض المهارات التي يحتاجونها لتطوير أنفسهم، مثل الإصغاء الجيد والتفاعل مع الأحداث وتقديم التغذية الراجعة، أيضاً إظهار التعاطف والدَّعم للآخرين بطريقة إيجابية.
هذا الأسلوب نادى به كارل روجر صاحب نظرية الإرشاد المتمركز حول المسترشد، يوضح روجرز هذا المفهوم للإرشاد الجمعي، بأنَّ أعضاء المجموعة يحضرون مع بعض في بداية الأمر دون سابق معرفة، هم في حالة من القلق العام؛ نتيجة لهذه الخبرة الجديدة، يظهرون صورة زائفة عن حالتهم، ولكن باستمرار اللقاءات والتفاعل مع بعضهم البعض، تبدأ الثقة تأخذ طريقها إلى نفوسهم، كما أنّ مشاعر التعاطف والتآلف تجد مكاناً بينهم.
الأسس التي يقوم عليها الإرشاد الجمعي
- الفرد المسترشد فهو عضو في جماعة، يعيش معها من قريب أو من بعيد ويتأثر بها بشكل كبير ويؤثِّر فيها.
- رغم وجود الفروق الفردية بين المسترشدين، إلَّا أنّ هناك مجموعة منهم تتشابه أنماط حياتهم العامَّة وتتشابه بعض معالم مشكلاتهم واضطراباتهم، أيضاً حاجاتهم للإرشاد جميعاً في مواقف متشابهة.
- حاجة المسترشد للأمن والتقدير والنجاح، هذه كلها عوامل نفسية اجتماعية وكلها تساعد على ضبط السلوك وتقبل القيم، أيضاً مراقبة الذات لانسجامها مع معاير الجماعة.
- إكساب المسترشد روح التعاون والانسجام مع الآخرين من حوله، هذه مهارات تعليمية تتم في نطاق الجماعة، تعليم وتدريب وممارسة ومتابعة، ذلك عن طريق الاقتداء والمشاركة الوجدانية والإيحاء والجاذبية والأمن والمسايرة والانتماء.
- الإرشاد الجمعي يستخدم كل هذه العوامل لتبصير المسترشد بنفسه، مساعدته على وعي سلوكه وفهم ذاته مقارنة أو متعاونة مع الآخرين.
متى نفصل استخدام الإرشاد الفردي على الإرشاد الجماعي
- عندما يكون موضوع الإرشاد أو العلاج انحرافاً جنسياً أو إدماناً للمخدرات.
- إذا كان المسترشد في حالة تتطلب التدخل السريع، كما هو في حالات الهستيرية والاكتئابية.
- عندما لا يكون لدى المسترشد القدرة على تكوين علاقات اجتماعية، تنقصه مهارة التفاعل مع الآخرين كما هو في حالات الفوبيا الاجتماعية.
أساليب الإرشاد الجمعي
أسلوب التمثيل النفسي والمسرحي
إرشاد عملي واقعي يشاهد بالتمثيليات النفسية، حيث تعرض مشكلات انفعالية وتعرض تسلسلاتها وأحداثها ومواقفها، حتى تصل إلى نهاية حل عملي لتلك المشكلة بصورة واقعية عملية في حياة الناس السويَّة الصحيحة.
أسلوب التمثيل الاجتماعي المسرحي
هو توأم التمثيل النفسي المسرحي، كلاهما يسمَّى أيضاً اسم لعب الأدوار والمراكز.
أسلوب إلقاء المحاضرات
يتعلَّم المسترشدون المزيد من المعارف والأفكار فيما يرتبط بحياتهم العملية وما يرتبط بها من علاقات ومواقف. المرشد هو الذي يعطي المحاضرة، يكون ختامها أسئلة متبادلة ومناقشات متداولة؛ ممّا يكسب المحاضرة حيوية ونشاط.
أسلوب المناقشات الجماعية
ابتداء المشكلات النفسية الاجتماعية العامة، ثم تتدرج المناقشات إلى المشكلات النفسية المشتركة الخاصَّة بأعضاء الجماعة المسترشدين، لا بدَّ أن يكون أعضاء المناقشة متجانسين ويتشابهون فيما يعانون من مشكلات متقاربة.
يكون محور المناقشات حالات افتراضية بأسماء عامَّة وهميَّة، لكنَّها تلمس الواقع الذي يعاني منه أعضاء الجماعة. يكون المرشد محور المناقشات إذ هو الذي يثير الأسئلة ويوزعها، يستمع لأسئلة الأعضاء الحاضرين ويتعاون معهم على الإجابات السليمة.
أسلوب عرض الوسائل الإيضاحية
عرض أفلام وثائقية تعليمية، تصور مظاهر انفعالية سلوكية وما يتصل بها من مشكلات واضطرابات، بحيث تكون ذات أثر بعيد في نفسية أعضاء الجماعة المسترشدة.
يشترط أن يكون موضوع الوسائل الإيضاحية متَّصل بشكل كبير بمراكز أعضاء الجماعة وأدوارهم في الحياة ومع مشكلاتهم المشتركة التي يعانون منها أيضاً.
الإرشاد عن طريق اللعب
يستخدم هذا الأسلوب مع الأطفال، خاصَّةً طلَّاب وطالبات الصفوف الدُّنيا في المرحلة الابتدائية، حيث أنَّ الطفل في هذه المرحلة غير قادر على التعبير عن ذاته، لذا ينبغي التعامل مع الأطفال وفقاً لمرحلة النُّمو التي يمرون بها.