تم استخدام مجموعة متنوعة من الأساليب لدراسة علم نفس الشخصية، اعتمدت الكثير من الأبحاث المبكرة على الملاحظات السريرية التي لم يتم إجراؤها وفقاً لأساليب تجريبية صارمة؛ إنّ القيود الأخلاقية على أنواع البحث التي يمكننا إجراؤها مع الناس تحد من قدرتنا على إعادة تقييم العديد من تلك الدراسات الكلاسيكية، لذلك تم ترك المجال ثري من الناحية النظرية، لكنه فقير إلى حد ما في التحقق من صحة تلك النظريات، تعامل بعض منظري الشخصية مع الشخصية بطريقة أكثر علمية.
أساليب دراسة علم نفس الشخصية:
دراسات الحالة:
اعتمد العديد من منظري الشخصية المعروفين على دراسات الحالة لتطوير نظرياتهم، في الواقع بعد رؤية عدد من المرضى الذين يعانون من شكاوى عصبية تبدو مستحيلة، بدأ سيغموند فرويد في البحث عن تفسير للاضطرابات النفسية، يعتمد نهج دراسة الحالة أساساً على تحليل مفصل لأفراد مثيرين للاهتمام وفريدين، لأنّ هؤلاء الأفراد فريدون؛ فإن النقد الأساسي لمنهج دراسة الحالة هو أن نتائجه قد لا تعمم على أشخاص آخرين، الأمر الأكثر إثارة للقلق.
فهو احتمال أن يختار المنظرون الأوائل الإبلاغ فقط عن تلك الحالات التي بدا أنّها تدعم نظرياتهم أو ربما أدركوا فقط عناصر شخصية المريض التي تناسب نظريتهم؟ مشكلة أخرى هي أن اثنين من المنظرين المختلفين قد ينظران إلى نفس الحالات بطرق مختلفة جداً؛ على سبيل المثال منذ أن عمل كارل روجرز في البداية مع الأطفال وجد صعوبة في قبول اقتراحات فرويد بأنّه حتى الأطفال كانوا مدفوعين في المقام الأول بدوافع جنسية وعدوانية، بالتالي سعى روجرز إلى رؤية أكثر إيجابية لتنمية الشخصية، ممّا أدّى إلى إنشاء منظور إنساني.
بالتالي يمكن أن يؤدي نهج دراسة الحالة إلى استنتاجات مختلفة بالاعتماد على وجهة نظر المرء أثناء إجراء البحث؛ بعبارة أخرى يمكن بسهولة أن تكون ذاتية أكثر منها موضوعية ويسعى علماء نفس الشخصية إلى البحث الأكثر موضوعية، سعى روجرز إلى رؤية أكثر إيجابية لتنمية الشخصية؛ ممّا أدّى إلى إنشاء منظور إنساني.
التصاميم الارتباطية:
عند إجراء البحوث الارتباطية يفحص علماء النفس العلاقات الموجودة بين المتغيرات لكنهم لا يتحكمون في تلك المتغيرات، المقياس المستخدم عادة هو معامل الارتباط والذي يمكن أن يتراوح من -1.0 إلى 0.0 إلى +1.0، تشير القيمة القريبة من الصفر إلى عدم وجود علاقة بين المتغيرات، بينما تشير القيمة الأقرب إلى -1.0 أو +1.0 إلى وجود علاقة قوية مع تحديد اتجاه العلاقة ما إذا كانت القيمة موجبة أم سلبية، من المهم أن نتذكر أن قوة الارتباط يتم تحديدها من خلال مدى بُعد معامل الارتباط عن الصفر وليس ما إذا كان موجب أم سالب.
على سبيل المثال من المرجح أن نجد ارتباط إيجابي بين عدد الساعات التي ندرسها للاختبار وعدد الإجابات الصحيحة التي نحصل عليها؛ من ناحية أخرى ستعطينا البيانات نفسها ارتباط سلبي إذا قارنا عدد الساعات التي ندرسها بعدد الأسئلة التي أخطأنا فيها، لذا فإن الطريقة التي نطرح بها السؤال يمكن أن تحدد ما إذا كان لدينا ارتباط إيجابي أم سلبي ولكن لا ينبغي أن يؤثر على قوة العلاقة.
نظراً لأنّ المحقق لا يتحكم في المتغيرات في البحث الارتباطي، فليس من الممكن تحديد ما إذا كان هناك متغير واحد يسبب العلاقة أم لا؛ في المثال المستخدم أعلاه يبدو بالتأكيد أن المزيد من الدراسة سيؤدي إلى الحصول على درجة أفضل في الاختبار، لكن فكر في مثال آخر هل يمكن للمال شراء السعادة؟ هناك بعض الأدلة على أن الأثرياء أكثر سعادة من الشخص العادي وأن الناس في البلدان الغنية أكثر سعادة من أولئك الموجودين في البلدان الفقيرة، لكن هل المال يؤثر على السعادة؟
من المؤكد أنّ مليون دولار نقداً لن تساعد كثيراً إذا تقطعت السبل بنا في جزيرة صحراوية، فما الذي يمكن أن تفعله لنا في المنزل؟ يمكن للأشخاص الذين يملكون المال أن يعيشوا في مجتمعات أفضل وأكثر أمان، كذلك لديهم إمكانية الوصول إلى رعاية صحية أفضل، فقد يكون لديهم المزيد من الوقت لقضائه مع أسرهم وأصدقائهم وهكذا قد تكون حياتهم مختلفة من نواح كثيرة، لا يمكننا ببساطة التأكد من أي متغير يؤثر على الآخر أو حتى إذا كان كل منهما يؤثر على الآخر على الإطلاق، من أجل القيام بذلك يجب أن نتابع البحث التجريبي.
التصاميم التجريبية وشبه التجريبية:
يُفضل التصميم التجريبي عادةً في علم النفس كما هو الحال مع أي علم آخر؛ الهدف هو التحكم في كل جانب من جوانب التجربة ثم معالجة متغير واحد؛ ممّا يسمح لنا بإسناد النتائج إلى هذا التلاعب الفردي، نتيجة لذلك تسمح لنا التجارب بعمل بيانات السبب والنتيجة حول العلاقات بين المتغيرات، تبدأ التجربة البسيطة بتحديد المتغير المستقل والعامل الذي سيتم معالجته والمتغير التابع وهو العامل الذي سيتم قياسه.
من الناحية المثالية نحن ثم حدد رعايانا بطريقة عشوائية وتعيينها عشوائياً إلى سيطرة مجموعة و المجموعة التجريبية، ثم تتعرض المجموعة التجريبية للمتغير المستقل، بينما لا تتعرض المجموعة الضابطة، إذا نجحنا في التحكم في جميع المتغيرات الأخرى من خلال الاختيار العشوائي للموضوعات؛ على سبيل المثال يتمتع جميع الأشخاص في مجتمع محدد بفرصة متساوية لاختيارهم للدراسة والتخصيص العشوائي للمجموعات الضابطة والتجريبية، بحيث نأمل أن يكون لكل مجموعة التمثيل المتساوي للجنس والعرق والعمر والذكاء والعادات الشخصية وما إلى ذلك
يجب أن نرى اختلاف في المتغير التابع الذي سببه المتغير المستقل، على عكس العلوم الطبيعية؛ نادراً ما يمكننا التحكم في السلوك البشري بالطرق الدقيقة التي تتطلبها التصاميم التجريبية الحقيقية؛ على سبيل المثال إذا أردنا دراسة آثار التعرض للكوكايين قبل الولادة على نمو الشخصية، فلا يمكننا بالتأكيد أن نطلب من النساء الحوامل استخدام الكوكايين، لسوء الحظ هناك نساء حوامل يتعاطين الكوكايين والعقاقير غير المشروعة الأخرى.
لذلك يمكننا محاولة التعرف على هؤلاء النساء ومن ثم دراسة تطور أطفالهن، نظراً لوجود مجموعة متنوعة من العوامل الأخرى التي دفعت هؤلاء النساء إلى تعاطي المخدرات غير المشروعة، فإنّنا نفقد التحكم المطلوب في التجربة، تسمى هذه الدراسات شبه التجريبية؛ لأنها تم إنشاؤها كما لولقد أجرينا تجربة ويمكن تحليلها بطرق مماثلة، يحتوي النهج شبه التجريبي على العديد من التطبيقات ويمكن أن يوفر معلومات قيمة غير متوفرة بخلاف ذلك، طالما أنّ الباحثين يضعون في اعتبارهم قيود التقنية .
تصاميم البحث في دراسة الشخصية:
في دراسات الحالة ينصب التركيز على فحص مفصل للحالات الفريدة والمثيرة للاهتمام، قد توفر قدر كبير من المعلومات ولكن نظراً للطبيعة الفردية للقضية، قد لا يتم تعميم هذه المعلومات على الآخرين، في التصاميم الارتباطية ينصب التركيز على كيفية تغير المتغيرات فيما يتعلق ببعضها البعض، مع ذلك نظراً لعدم وجود سيطرة على هذا التغيير لا يمكننا تحديد ما إذا كان أحد المتغيرات يؤثر على الآخر أو العكس أو حتى إذا كان التغيير ناتج عن عامل خارجي غير محدد.
عادة ما تكون التجارب هي النوع المفضل من البحث؛ لأن التحكم الذي يمارس على المتغيرات المعنية يسمح للمحقق بإصدار بيانات السبب والنتيجة حول النتائج التي تم الحصول عليها، مع ذلك فإنّ الاعتبارات الأخلاقية غالباً ما تجعل البحث التجريبي مع البشر أمر غير مقبول، في شبه التجارب عندما يختار الأفراد أن يضعوا أنفسهم في مواقف لا يستطيع علماء النفس خلقها أخلاقياً، تنشأ حالة يمكن فيها دراسة العواقب كما لو كانت التجربة قد أجريت، مع ذلك فهذه ليست تجارب حقيقية؛ لأن المحقق لا يمكنه التأكد من جميع المتغيرات التي دفعت الأفراد إلى وضع أنفسهم في مثل هذه المواقف كبداية.
أمّا البحث عبر الثقافات ومتعدد الثقافات في محاولة للسيطرة على ظروف بحثهم، يحاول علماء النفس العمل مع مجموعات محددة بوضوح؛ لسوء الحظ هذا يعني أن نتائجهم قد لا يتم تعميمها على مجموعات أخرى من الناس، يذكرنا علماء النفس متعددي الثقافات أنه في عالم عالمي حقاً، يجب أن نسعى جاهدين لمعالجة الاختلافات وأوجه التشابه التي تميز الطبيعة البشرية.
مقاربات عبر الثقافات لدراسة الشخصية:
لا تمثل المناهج متعددة الثقافات لدراسة الشخصية حقاً نوع مختلفًا من البحث، لكنّها تمثل نهج للبحث لا يفترض أنّ جميع الأشخاص يتأثرون بنفس العوامل بالتساوي، الأهم من ذلك يدرك علماء النفس أن العوامل التي تبدو مشتركة قد تكون في الواقع مختلفة عندما ينظر إليها أشخاص من ثقافات مختلفة؛ المشكلة الأكثر وضوح التي تنشأ عند النظر في هذه القضايا هي الاختلاف المحتمل بين البحث متعدد الثقافات ومتعدد الثقافات.
يعتمد البحث عبر الثقافات على مقارنة الثقافات؛ هناك تصنيفان مشهوران هما المنظور الشرقي مقابل المنظور الغربي والموضوع المرتبط إلى حد ما بالثقافات الفردية مقابل الجماعية، مع ذلك يخبرنا نهج متعدد الثقافات أنّه يجب علينا النظر في التعقيد الحقيقي للجنس البشري؛ سيتناول هذا مجموعة متنوعة من المسارات الروحية نحو التطور النفسي الإيجابي، أخيراً هل من العملي محاولة الخروج بنظرية شخصية، يمكن أن تشمل جميع المجموعات المختلفة من الناس في جميع أنحاء العالم؟ فقط من خلال متابعة فهم الثقافات المختلفة يمكن اعتبار علم نفس الشخصية حقاً علم عالمي.