يتم استخدام مصطلح نظرية مع تواتر جميل في اللغة اليومية، في الغالب يستخدم في التخمين أو الحدس أو الافتراض، فقد نسمع بعض الأشخاص يرفضون معلومات معينة لأنها مجرد نظرية، من المهم أن نلاحظ أثناء دراسة علم النفس والمواضيع العلمية الأخرى أنّ النظرية في العلوم تختلف عن الاستخدام العامي للمصطلح.
تعتمد النظرية على فرضية تمتلك الأدلة وفي العلوم النظرية ليست مجرد تخمين، إنّما النظرية هي إطار يقوم على الحقائق من أجل وصف ظاهرة ما، تقدم النظرية مفهوم أو فكرة قابلة للاختبار ويمكن للعلماء اختبار النظرية عن طريق البحث التجريبي وجمع الأدلة التي تدعمها أو تدحضها.
الغرض من النظريات في علم النفس:
في علم النفس تستخدم النظريات لفهم أفكار ومشاعر وسلوك الإنسان، فمكونات النظرية النفسية تضم وصف السلوك وتقديم تنبؤ خاص بالسلوكات المستقبلية، فعلى مر نشاة علم النفس اقتُرح مجموعة من النظريات من أجل تفسير جوانب السلوك البشري، بعض هذه النظريات صمدت أمام اختبار الزمن وبقيت مقبولة إلى اليوم، أمّا البعض الآخر فلم يثبت قوته وتم رفضه بشكل تام.
أسهمت النظريات في تكوين قواعد المعارف لدينا في العقل والسلوك البشري، لكن لا تزال العديد من النظريات كالتكيّف الكلاسيكي مقبول بصورة جيدة حتى يومنا هذا، إلّا أنّ بعض النظريات الأخرى، كنظريات فرويد، لم تصمد بشكل جيد واستبدلت في الغالب بنظريات جديدة تشرح بشكل أفضل التطور البشري.
إنّ القوة الكاملة للنظرية العلمية تستند على استطاعتها في تفسير وتوضيح الظواهر المتنوعة، ممّا يجعل النظرية تختلف بشكل تام عن مجرد تخمين أو حدس بما أنّ النظرية قابلة للاختبار، فعندما نضيف أدلة وبحوث جديدة، يمكن عندئذ أن ننقّح النظرية أو نعدلها أو حتى نرفضها إذا كانت لا تتوافق مع أحدث النتائج العلمية.
أنواع نظريات علم النفس:
نظريات النمو:
تقوم نظريات النمو Developmental Theories بتوفير إطار للتفكير في نمو البشر والتطور والتعلم، فإذا سبق لنا أن تساءلنا عن كيفية تحفيز الفكر والسلوك الإنساني، فإنّ فهم هذه النظريات يمكن أن يوفر لنا فهما جيد للأفراد والمجتمع، توفر نظريات النمو مجموعة مبادئ ومفاهيم تقوم بوصف أو شرح النمو البشري.
تقوم بعض نظريات النمو بالتركيز على التفكير الأخلاقي، كنظرية كولبرج الخاصة بالتطور الأخلاقي، أمّا البعض الآخر من النظريات فيركّز على مراحل النمو طوال العمر؛ كنظرية إريكسون للنمو النفسي والاجتماعي.
النظريات الكبرى:
يمكن تعريف النظريات الكبرى Grand Theories بأنّها مجموعة من الأفكار الشمولية التي يقوم علماء النفس باقتراحها؛ مثل سيغموند فرويد؛ تتضمن هذه النظريات نظرية التحليل النفسي والنظرية المعرفية، كما تهدف هذه النظريات إلى شرح الكثير من جونب السلوك البشري، لكنّها في الغالب تعتبر قديمة وغير كاملة أمام الأبحاث الحديثة، تستخدم النظريات الكبرى للاستكشاف؛ لكنّهم يفكرون كذلك في النظريات الصغرى والأبحاث الحديثة.
النظريات الصغرى:
تقوم النظريات الصغرى Mini-Theories بوصف أحد الجوانب الصغيرة جداً من جوانب التطور، فقد تفسّر النظرية الصغرى السلوكات الضيقة بشكل نسبي؛ مثل كيفية تكوين تقدير الذات أو التنشئة الاجتماعية في مرحلة الطفولة المبكرة، في الغالب تكون هذه النظريات متجذرة في الأفكار التي قامت النظريات الكبرى بوضعها؛ إلا أنّها لا تسعى لوصف وشرح السلوك البشري والنمو بشكل شمولي.
النظريات الناشئة:
يمكن تعريف النظريات الناشئة Emergent Theories بأنّها النظريات التي أُنشأت حديثاً، في الغالب تتشكّل عن طريق الجمع بين مجموعة من النظريات الصغرى المتعددة، تستند هذه النظريات في الغالب على الدراسات من تخصصات مختلفة، إلّا أنّها لم تنتشر بعد على نطاق واسع مثل النظريات الكبرى.
أسباب دراسة نظريات علم النفس:
في الدورات الخاصة بعلم النفس، قد نجد أنفسنا نتساءل عن مدى ضرورة التعرّف على نظريات علم النفس المتعددة، خصوصاً النظريات التي تتسم بعدم دقتها أو أنها قديم، مع ذلك فإنّ كل هذه النظريات توفر معلومات قيمة عن نشاة علم النفس وتطوره في الفكر وفهم أعمق للنظريات الحالية، عن طريق فهم كيفية تقدم التفكير، يمكن أن نحصل على فكرة أفضل ليس فقط عن مكانة علم النفس، لكن إلى أين يمكن أن يصل في المستقبل.
تقوم دراسة النظريات العلمية بتوفير خلفية لما يفهمه الدارسون حول طرق عمل العالم الطبيعي، من الممكن أن يساعدنا التعليم العلمي القوي في فهم ما يعنيه الدارسون عندما يتكلمون عن البحث العلمي، كذلك تحسين الفهم لكيفية تكوين التفسيرات العلمية للسلوك والظواهر الأخرى في العالم الطبيعي، كذلك التحقيق فيها وقبولها من قبل المجتمع العلمي.