أهمية الحوار والنقاش للطفل في الإسلام

اقرأ في هذا المقال


للحوار والنقاش أهمية بالغة في حياة الطفل المسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على فتح المجال للطفل للحديث والحوار والتعبير عن رأيه، ومن الأمور التي كان يركز عليها النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع الأبناء أنه كان يتحدث إلى الأطفال في مستوياتهم العمرية المناسبة، ويعلم الآباء كيفية مخاطبة الشباب، لا سيما في أوقات الشِدّة، والتواصل والتفاعل الإيجابي واللطيف معهم.

أهمية الحوار والنقاش للطفل في الإسلام

كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بالحوار والنقاش مع الطفل، ويدرك حزن الطفل وطرق علاج هذا الحزن، مثل ما إدراكه صلى الله عليه وسلم حزن الطفل أبي عمير على موت حيوانه الأليف، ولعل من أهم العِبر التي تعلم المربين والآباء التفاعل واللطف والاعتناء بمشاعر الطفل، حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدرك شعور  الطفل بالضيق، ويستفسر عن أسبابه، ويقترب من الطفل بلطف، ويخاطب مشاعر الطفل وأحاسيسه، ويعالج الجراح والمشاعر التي كان الطفل يعاني منها.

فمن الضروري أن يشارك الآباء الأطفال والمراهقين في لحظات ضيقهم وأن يتجنبوا الابتعاد عن مناقشة الموضوعات الصعبة والمحزنة معهم، عندما يحدث مثلاً أمر محزن في العائلة أو في المجتمع، فلا يجوز وضع الأبناء في المشاكل والضغوط وتحميل الأبناء أكبر من طاقتهم، فإذا كان لا غنى عن أخبار الطفل بهذه الخلافات والمشاكل، فيكون الحل الوحيد هو المحادثات الصامتة إلى جانب القليل من الطمأنينة، هي وصفة مؤكدة للتقليل من الكثير من الخوف والارتباك لدى الأبناء.

فوائد الحوار والمناقشة للأطفال

هناك العديد من النصائح يمكن تقديمها للآباء والأمهات وتطبيقها لتهدئة مخاوف الأبناء بالحوار والمناقشة، منها:

1- مساعدة الطفل على الشعور بالأمان.

2- اختار الوالدين الطريقة المناسبة للنقاش مع الطفل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث مع الأبناء بطريقة تتناسب وفئاتهم العمرية.

3- منح الوقت للأطفال لمعالجة مشاعرهم، وعدم التسرع في الحكم عليهم.

4- تعزيز شعور الثقة بالنفس لدى الطفل، الحوار والنقاش يجعل من الأبناء أشخاص واثقين كان النبي عليه افضل الصلاة والسلام يعزز هذا الشعور لديهم بفتح باب النقاش والحوار معهم.

5- التفاعل الإيجابي الآباء مع الأبناء.

6- ضبط ردود الأفعال من قبل الآباء.

7- اختار الوقت المناسب للحوار مع الطفل.

8- انتقاء المكان الملائم لمناقشة الطفل.

9- تجنب مناقشة الطفل بوجود أقرانه.

10- عدم توجيه الانتقاد للطفل في أثناء الحوار معه.

11- معالجة عواطف الطفل بالحديث الإيجابي معه.

12- تعويد الطفل بالتعبير عن عواطفه ومشاعره.

13- تهدئة الطفل وإبعاده عن مصدر الخطر في الحوار معه.

14- إشراك الطفل في القرارات والخطط المستقبلية الخاصة به.

15- استخدام اللغة البسيطة للحديث مع الطفل.

16- الابتعاد عن العنف اللفظي والاستهزاء والسخرية.

17- الإنصات لحديث الطفل بتمعن وجدية، وعدم تجاهل حديثه.

18- استخدام لغة الحوار والمنطق مع الطفل.

19- إشعار الطفل بالحب والحنان.

20- نقل قواعد متوازنة وثابتة للطفل.

طرق الحديث والحوار مع الأطفال

عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: “أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فشَرِب منه، وعن يمينه غلام أصغر القوم، والأشياخ عن يساره، فقال: يا غلام، أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ؟، قال: ما كنتُ لأوثر بفضلي منك أحدًا يا رسول الله، فأعطاه إياه”، صحيح البخاري.

ويرشد الحديث أنه يجب على الآباء والمربين فتح باب للطفل للنقاش والحوار وعدم كبح ذلك بتعبيرات ومبررات عدم الأدب والتربية، كما يجب تحديد وقت معين للأطفال لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتركيز اهتمام الآباء بأبنائهم، ومعالجة عواطفهم، واستخلاص المعلومات المفيدة مع الأبناء ومن يثقون بهم، وإدراك الآباء ما يقولونه وكيفية للأبناء، أن الطريقة التي يتفاعل بها الآباء سيكون لها تأثير على الأطفال.

إن ردود أفعال الآباء تحدد كيفية رد فعل أطفالهم، من الجيد أشعار الأطفال بحالة من الاهتمام، وإبعاد الأبناء عن الإحباط أو الحزن طالما أنهم قادرون على مساعدتهم على الشعور بالأمان، من الجيد أيضًا أن يؤخروا المحادثة مع أطفالهم من أجل إرجاع الأبناء إلى وضعهم من الاستقرار والطمأنينة.

ويؤثر سن الطفل في طبيعة الحوار معه، واختيار المفردات المناسبة له، فطريقة الحوار وأسلوبه مع طفل يبلغ من العمر دون السبع أعوام سيكون مختلفًا عن الطريقة التي يتحدث بها مع طفل يبلغ من العمر 15 عامًا، يمكن استخدام لغة بسيطة مع الأطفال الأصغر سنًا بينما قد تكون هناك حاجة إلى مناقشة أكثر تفصيلاً للأطفال الأكبر سنًا.

يجب على الآباء اختيار الأسلوب المناسب مع الطفل في الحديث مع الطفل؛ لما لها من أثر كبير في بناء شخصية الطفل، قال تعالى: “وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ لقمان”، سورة لقمان، 13.

إن تثقيف الآباء حول الزوايا المختلفة للحديث يساعدهم على عدم اكتساب شعور بالسيطرة وعدم اعطاء حرية النقاش للأطفال، ويمكّنهم من نقل منظور متوازن لأطفالهم، قبل الحديث إلى الأطفال من الأفضل مراعاة الرسائل والقيم الأساسية التي يريد الآباء التعبير عنها مسبقًا.

عند حدوث مشكلة أو خلل معين في الأسرة يقوم الأطفال بتوجيه العديد من الاستفسارات والأسئلة التي بحاجة إلى إجابة، الأطفال الصغار ربما يسمعوا عن مشكلة خطيرة، وإذا وجود أطفال في مراحل نمو مختلفة، فقد يفكرون في التحدث إلى الأسرة بأكملها أولاً، ثم بعد ذلك بشكل فردي مع كل طفل.

ويجب مراعاة أعمار الأطفال خصوصا الذين لم يتموا السابعة، وتجنب مشاركة الأخبار المروعة معهم في هذه الفئة العمرية إذا لم يكونوا على دراية بها، إذا اشتبه في أنهم يعرفون شيئًا.

والأطفال دون سن الثانية عشر لا توجد ضرورة من الآباء لمشاركتهم بالمشاكل والخلافات التي تنشأ داخل الأسرة، ليس هناك حاجة لمناقشة الأخبار المروعة مع هذه الفئة العمرية إلا إذا اشتبه أو علم الآباء أنهم سيتعرضون لها يواجهونها، إن وجود علامات الضيق عند الأطفال مثل التراجع أو عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة أو المسجد بعد أنباء عن اخبار ليست جيدة، على سبيل المثال هي علامات لدعوة الآباء للتحدث معهم.

تأثير الحوار مع الطفل

إن وجود أطفال في الأسرة يعانون من تأخيرات في النمو أو إعاقات، يجب على الآباء توجيه الأسئلة التي تتوافق وتتعلق بمستوى نمو الطفل أو قدراته، فضلًا عن العمر الجسدي، إذا كان الطفل على علم بالأحداث، فيجب تقديم التفاصيل أو المعلومات بأوضح طريقة ممكنة ومناسبة له.

من المهم أن يفهم أولاً ما يدور في أذهان الأطفال حتى يتمكن من فهم ما قد يثير قلقهم بالفعل، ينتقل العديد من الآباء مباشرة إلى وضع استكشاف الأخطاء وإصلاحها وحل المشكلات، ومع ذلك عند القيام بذلك، قد يزيد هذا من قلق الأطفال من خلال مضاعفة مخاوفهم.

يساعد الاستماع الوالدين على مواكبة التواصل غير اللفظي مع الأطفال، الاستماع يعني أيضًا إزالة عوامل التشتيت مثل الهواتف وأجهزة الكمبيوتر وما شابه ذلك، من المهم ملاحظة أن الأطفال قد يحتاجون إلى التحدث عما يسمعونه ويشعرون به لعِدّة أيام من أجل معالجة الآثار المترتبة.

ويجب على الوالدين استخدام المصطلحات المألوفة وعدم المبالغة في الشرح للأطفال الصغار، من المرجح أن يسمع المراهقون والأطفال أخبارًا من مصادر غير موثوقة، لذا فهم بحاجة إلى الحقيقة تأتي من الوالدين المرجح أن يستجيبوا بشكل أفضل للوالدين إذا قبلوا مصادرهم ولكن إذا أعطوا الأدوات لعرض المعلومات بشكل نقدي، عندها يجب تعليمهم أن يطرحوا أسئلة حول ما رأوه أو سمعوه، فهذا يساعدهم على التفكير فيما يرد وفحصه وغربلته للوصول الى الحقيقة.

وفي النهاية يحتاج الوالدان إلى نموذج الأمل والقوة في الإسلام، يعتبر التعبير عن الفخر بالهوية الإسلامية والبحث عن التربية السليمة للأطفال أمرًا بالغ الأهمية في تربيتهم، فهذا هو الوقت المناسب لتذكير الآباء والأطفال بأن الله تعالى يتحكم في كل شيء وهو أفضل المخططين، إن الثقة بالله تعالى وتوجيه مشاعر اليأس إلى مساهمات ذات مغزى للعالم من حولهم من أهم أشكال العلاج، وعندما يشعر الأطفال والمراهقون أنهم قادرون على إحداث تأثير إيجابي، فإن ذلك يعيد الروح ويعزز المرونة التي يحتاجون إليها طوال حياتهم.

المصدر: حقوق الطفل في الإسلام من المنظور النفسي الاجتماعي، ناهد عبد الوهاب، 2010فصل الكلام في حقوق الطفل والمرأة في الإسلام، حكمت فريحات، 2012حقوق الطفل في الإسلام، حسين أحمد الخشن، 2009 الحوار وبناء شخصية الطفل، سلمان خلف الله


شارك المقالة: