كيف يمكن لمصافحة بسيطة في الصباح أن تؤثر على يوم الطفل الصغير، حيث بداية كل يوم دراسي يكون بداية جديدة، وكل صباح هو صفحة نظيفة، ويمكن أن يكون لكل إجراء يختاره معلم منتسوري تأثير قوي وهادف على اليوم.
أهمية العمل الصباحي في نظام منتسوري
وتشير ماريا منتسوري أن الالتزام بالعمل الصباحي في نظامها يفتح آفاقًا لا حصر لها للنمو والتعلم، فعندما يصل الطفل باستمرار إلى المدرسة في الوقت المحدد، فإنه يستفيد من الفرص التالية:
1- يستقبل المعلم بمصافحة وبضع كلمات، وتوفر هذه الطقوس البسيطة والاتصال الشخصي النقل الآمن والرعاية للطفل من الوالد إلى المعلم، مما يفتح الفرصة لتكوين روابط وتطوير علاقات جديدة.
2- الاختلاط مع أقرانهم في منطقة الحجيرة وقت الوصول، وتبادل القصص من المنزل وعطلة نهاية الأسبوع يبني مهارات الاتصال ويعزز الصداقات.
3- الاستعداد بنفسه، بما في ذلك خلع الملابس الخارجية وتعليقها وارتداء الأحذية الداخلية، حيث يقدم الأطفال المساعدة لبعضهم البعض ويعلمون مهاراتهم في الضغط والأزرار، وما إلى ذلك، فالاستقلالية والتعاون المشترك كمجموعة يمكّن الأطفال.
4- الانتقال بنجاح من المنزل إلى بيئة الفصل الدراسي، حيث يمتلك الأطفال تعاطفًا كبيرًا ويمكنهم مواساة بعضهم البعض على المستوى الشخصي المباشر، وقد تكون لفتة بسيطة لطفل يقدم كلمة لطيفة لطفل آخر حزين، أو دعوة من طفل أكبر سنًا للعمل مع طالب جديد.
5- التركيز على العمل بالمواد، فمن المرجح أن يشارك الأطفال الذين يدخلون الفصل جنبًا إلى جنب مع أقرانهم ويتفاعلون بطريقة هادئة وطبيعية، وأكثر راحة وثقة في أنشطتهم المدرسية.
كيف يبدأ كل يوم جديد في مدرسة منتسوري
يبدأ كل يوم جديد في مدرسة منتسوري بطقوس فريدة للطريقة التعليمية:
أولاً، تجلس المعلمة على كرسيها عند باب المدرسة وتحيي كل طفل بالمصافحة والاتصال بالعين وبضع كلمات، وإنه تبادل موجز للمجاملات، حيث يمكن للمدرس أن يطرح سؤالاً حول عطلة نهاية الأسبوع للطفل، أو يثني على قصة شعر جديدة.
ثانياً، ينتقل الأطفال تدريجياً من منطقة الحجيرة إلى حجرة الدراسة ويبدأون يومهم باختيار عملهم الأول.
ثالثاً، وبالنسبة للمراقب العرضي، يمكن أن تبدو تحية الصباح بين المعلم والطفل مجرد إجراء شكلي، بالنسبة للمربي، وهناك هدف مهم آخر لتجميع الطفل والهدف هو إقامة اتصال بطريقة ودية من خلال جذب عيني الطفل، واستحضار الابتسامة، وإذا أمكن إثارة إيماءة، وهذه هي الخطوة الأولى في جسر الانفصال عن الأسرة، ويمكن الآن نقل العلاقة من الوالد إلى المعلم، ويمكن للطفل أن يبدأ في الثقة والشعور بالأمان في بيئة جديدة.
وتناقش ماريا منتسوري أهمية طقوس التعلق، وتشير إليها باسم رقصة التجميع، وهو اسم مستعار من الرقص القديم للعديد من الثقافات والذي يستخدم لربط الناس بمن يهتمون لأمرهم، واليوم أصبح من الضروري نقل هذه العملية البديهية إلى مستوى واعي حيث أن الحاجة إلى إشراك غرائز التعلق البدائية لدى الأطفال أصبحت أمرًا بالغ الأهمية في المجتمع الحديث.
والغريزة الطبيعية الأساسية لبقاء الإنسان، صغارًا وكبارًا، هي المقاومة والحذر من شخص غريب عنهم، لذلك لن يشارك الطفل الصغير والضعيف في عملية التعلم حتى يشعر بمشاعر الأمان العاطفي والجسدي، ويصبح من الضروري إذن أن تنشأ بيئة من الثقة والاحترام والتوازن والمساواة.
وبالنسبة لمعلم منتسوري تعتبر التحية والمصافحة في الصباح خطوة أولى مهمة نحو تعزيز علاقة آمنة ومأمونة مع الأطفال، وهذا هو الوقت الذي يمكن أن يتم البدأ فيه لعملية التعلم.
كيف يتم ترتيب المواد التعليمية في فصل منتسوري
وفي فصل منتسوري يتم ترتيب المواد التعليمية على أرفف مفتوحة يمكن الوصول إليها، ويُسمح للأطفال باختيار المواد التي يرغبون في استخدامها والعمل بها طالما أن المواد تجذب انتباههم، وعندما ينتهي الأطفال وينتهون من كل مادة يعيدها الأطفال إلى الرف، فالمواد عبارة عن مصفوفات لامعة من الأشكال الهندسية الصلبة، وخرائط الألغاز المتعرجة، والخرز الملون، والعديد من القضبان والكتل المتخصصة وتشكل أساس الأنشطة.
وكل مادة في الفصل الدراسي تفصل بين نوعية واحدة وبهذه الطريقة، يكون المفهوم الذي يكتشفه الطفل منعزلاً، على سبيل المثال تتكون المادة المعروفة باسم البرج الوردي من عشرة مكعبات وردية بأحجام مختلفة، ويقوم الطفل في سن ما قبل المدرسة ببناء برج به أكبر مكعب في الأسفل وأصغر في الأعلى، وهذه المادة تعزل مفهوم الحجم، فالمكعبات كلها من نفس اللون والملمس وبالتالي فإن الاختلاف الوحيد يكمن في حجمها.
وتعزل المواد الأخرى بالمثل مفاهيم مختلفة كأقراص ملونة للون ومواد هندسية للشكل، وما إلى ذلك، علاوة على ذلك فإن المواد ذاتية التعديل، وعندما لا تتناسب القطعة، يدرك الطفل الخطأ بسهولة وبدون تدخل الكبار، ويكون الطفل قادرًا على حل المشكلات بشكل مستقل، ويصبح أكثر ثقة ويحسن التفكير التحليلي، جنبًا إلى جنب مع الرضا الذي يأتي من الإنجاز.
ومع استمرار استكشاف الطفل، تترابط المواد وتعتمد على بعضها البعض، ويساعد هذا الأطفال على استكشاف العلاقات المختلفة بين البرج الوردي والسلالم العريضة، والتي تستند إلى مطابقة الأبعاد الدقيقة، وفي وقت لاحق في السنوات الابتدائية تتكشف جوانب جديدة لبعض المواد.
وفي النهاية تشير ماريا منتسوري إلى أن العمل الصباحي في نظامها التعليمي له أهمية كبيرة من حيث إنه يساعد في نمو وتطور الطفل وتنمية العلاقات والروابط الاجتماعية وتعزيز الشعور بالأمان والاستقرار والطمأنينة التي تعتبر أساسية لبدأ التعلم.