أهم تعاريف علم النفس

اقرأ في هذا المقال


إنّ سؤال ما هو علم النفس أكثر تعقيد بالنسبة لجميع علماء النفس من السؤال ما هي الفلسفة بالنسبة لجميع الفلافسة؛ لأنّ معنى الفلسفة وماهيتها يتم تشكيلها بأكثر من جواب عن هذا السؤال، أمّا كون السؤال لا يكف عن إعادة الظهور، بسبب عدم وجود جواب مقنعة وشافية، فهو بالنسبة لمن يريد أن يعتبر نفسه فيلسوف، سبب تواضع وليس علّة إذلال.

أهم تعاريف علم النفس:

علم النفس كعلم طبيعي:

إنّ علم النفس معناه اشتقاقياً علماً بالنفس وأن يكون علم غائب بشكل تام، بالرّغم من أنّ النفس Psyché كانت تصور ككائن طبيعي، فالدراسات التي تتعلق بالنفس توزعت في المنظومات بين الميتافيزيقا والمنطق والفيزياء، أمّا مطول أرسطو في النفس فهو كتاب في البيولوجيا العامة وأكثر المكتوبات المخصّصة للفيزياء، فبُعد أرسطو وحسب تقاليد المدرسة كانت دروس الفلسفة لا تزال حتى بداية القرن السابع عشر تتحدث عن النفس ضمن فصل من فصول الفيزياء.
كان موضوع الفيزياء هو الجسد الطبيعي المنظم الذي يشمل الحياة بالقوة، لذلك عالجت الفيزياء النفس كشكل للجسد الحي وليس كماهية تنفصل عن المادة، فدراسة أعضاء المعرفة، أي الحواس الخارجية والحواس الداخلية، لا تختلف في شيء عن دراسة أعضاء التنفس أو الهضم، فالنفس موضوع طبيعي للدراسة وشكل من تراتب الأشكال، حتى ولو كانت وظيفتها الأساسية هي معرفة الماهيات، فعلم النفس هو منطقة من مناطق الفيزيولوجيا، بمعناها الأصلي والكوني كنظرية في الطبيعة.

علم النفس كعلم للذاتية:

سجل انتهاء الفيزياء الأرسطية في القرن 17 نهايةً لعلم النفس كفيزياء وكموضوع طبيعي؛ بالترابط مع ذلك تم تسجيل علم النفس كعلم للذاتية، إنّ المسؤولين الرئيسيون عن هذا الحدث هم الفيزيائيون الميكانيكيون، فإذا أصبح واقع العالم لم يعد يرتبط بمضمون الإدراك، وإذا كان الواقع يتحصل ويطرح بإسقاط أوهام التجربة الحسية المعتادة، فإنّ الفضالة الكيفية لهذه التجربة، من حيث أن بإمكانها أن تقوم كدحض للواقع، تلزم المسؤولية الخاصة بالفكر، أي بذات التجربة من حيث أنّها لا تتطابق مع العقل الرياضي والآلي، الذي هو أداة الحقيقة ومقياس الواقع.
تعتبر المسؤولية في وجهة نظر الفيزيائيين إثم، بالتالي تمّ تشكيل علم النفس كوسيلة من أجل تبرئة الفكر، فهو مشروع علم يقوم بتفسير أمام الفيزياء، لماذا الفكر مجبر على خداع الطبيعة بالعقل وبالعلاقة مع الواقع، إذن فعلم النفس يقوم بتقديم ذاته هنا كفيزياء للحس الخارجي، ذلك من أجل إبراز المغالطات التي تتهم بها الفيزياء الميكانيكية ممارسة الحواس في وظيفة المعرفة.

علم النفس كعلم للاستجابة والسلوك:

تم تعرفة الإنسان كتنظيم حي يقوم الذكاء بخدمته، فهو الحقل الذي تشكل فيه علم النفس الجديد في القرن التاسع عشر، إلّا أنّه عين وله في الوقت نفسه حدود؛ لأنّه وضع في “أنثروبولوجياه” الحياة البشرية بين الحياة الحيوانية والحياة الروحية، لقد شهد القرن 19 بجانب علم النفس كمرضية عصبية وعقلية، كفيزياء للحس الخارجي، كعلم للحس الداخلي وللحس الباطني، أمّا قيام بيولوجيا للسلوك البشري فيبدو لنا أنّ أسباب هذا الحدث تتنوع.
يوجد أسباب علمية تتضمن البيولوجيا كنظرية عامة في العلاقات بين العضويات الحية والأوساط، التي قامت بتسجيل نهاية الاعتقاد بوجود مجال بشري منفصل ومتميز، ثانياً وجود أسباب تقنية واقتصادية تشمل تطور نظام صناعي يشد الانتباه إلى الطابع الصناعي والمهاري للنوع البشري، الذي يسجل نهاية الاعتقاد في تعالي وتبجيل التفكير التأملي؛ أخيراً أسباب سياسية تتلخص في نهاية الاعتقاد بقيم الامتياز الاجتماعي وفي انتشار المساواتيّة.
إنّ التجنيد والتعليم العمومي أصبح شأن من شؤون الدولة، كذلك المساواة أمام الأعباء العسكرية والوظائف المدنية، هي الأساس الواقعي ولو أنه لا يدرك في معظم الأحيان لظاهرة خاصة بالمجتمعات الحديثة، أي الممارسة المعمَّمة للخبرة المتخصّصة بالمعنى الواسع، كتحديد للكفاءة وكشف عن التظاهر والتصنع، غير أن ما يميز في نظرنا علم نفس السلوكات هذا، بالعلاقة مع الأنواع الأخرى من الدراسات السيكولوجية، هو عجزه الجوهري عن إدراك وإظهار مشروعه المؤسّس له بكامل الوضوح.
إذا كانت من بين المشاريع التي أسّست للعديد من الأنواع السابقة من علم النفس، مشاريع تعتبر تصورات فلسفية معكوسة، فإنّ كل علاقة فلسفية رُفضت؛ لأنّها قامت بطرح معرفة من أين يمكن لمثل هذا البحث السيكولوجي أن يستمد معناه، فبقبولها أن تصبح علم موضوعي بالكفاءات وردود الأفعال، تنسى هذه السيكولوجيا كلياً أن يحددوا سلوكهم الخاص بالعلاقة مع الظروف التاريخية والأوساط الاجتماعية التي هم مدعوون فيها إلى اقتراح مناهجهم أو تقنياتهم وإلى جعل خدماتهم مقبولة.


شارك المقالة: