أوامر الإسلام في حفظ أسرار الحياة الزوجية الخاصة

اقرأ في هذا المقال


الزواج علاقة عظيمة بالإسلام، لدرجة أن نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم يسميه إتمام نصف الدين، فالزواج هدية جميلة من الله تعالى يجب أن يعتز بها المسلمين طول حياتهم؛ مع الالتزام بدعم بعضهم البعض مدى الحياة، ومشاركة الأوقات الصعبة معاً، مع الاعتماد على بعضنا البعض، والالتزام بأن يكونوا أفضل رفقاء ومستشارين لبعضهم، وإتمام الوعد بالحب والثقة والاهتمام بغض النظر عن أي شيء آخر.

أوامر الإسلام في حفظ أسرار الحياة الزوجية الخاصة

الزواج بطبيعته علاقة قوية وهشة، قوية بما يكفي لتدوم مدى الحياة، وضعيفة بما يكفي للكسر بسهولة، فهي على عكس علاقات الدم التي لا تنتهي حتى لو قطعت جميع الروابط طول الحياة، يحاول الزوج والزوجة جعل منزلهما قويًا، يضعون كل الأصول الممكنة لديهم في هذه العلاقة، لكنهم قد لا يصلون أبدًا إلى نقطة تمكنهم فيها الاسترخاء في هذه العلاقة، ويعتقدون أن رباطهم قوي بما فيه الكفاية، ولا يحتاجون إلى المزيد من الجهد.

يجب أن يدرك الأزواج أن هذه العلاقة تتطلب جهدًا مستمرًا، إنه أكسجين هذه العلاقة وهو شيء لا بد منه من كل جانب؛ لأن المنزل هو الرابطة التي يصنعونها وتشبه شبكة العنكبوت، هشّة لكنها قوية بما يكفي للتغلب على المشاكل، حيث يستغرق البناء إلى الأبد، فالزواج يدور حول بذل جهد أكبر وعدم الاستسلام أبدًا.

ولقد تمّ الحديث كثيرًا عن حقوق ومسؤوليات الزوج في الإسلام من أجل الزواج الناجح، لكن من المدهش أن الأزواج يقرأون القليل عن الخصوصية التي يجب الحفاظ عليها في هذه العلاقة، حيث ذكرت عددًا من الأحاديث والآيات القرآنية التي تصف مدى إثم عدم الحفاظ على خصوصية العلاقة ومدى تأثيرها السيء على العلاقة.

خصوصية الزواج في الإسلام

1- خصوصية العلاقة الزوجية

هناك العديد من الفئات المختلفة للخصوصية في الزواج، مثل مشاركة قصص العلاقة الزوجية من قِبل الأزواج مع الآخرين فهي الأكثر تطرفاً، وهذا هو الشيء الذي طلب الله تعالى أن يتوخى الأزواج الحذر الشديد فيه، ومن الشائع سرد تفاصيل الخصوصية الزوجية للوالدين والأصدقاء، حيث يتطرقون الحديث عن ليلة الزفاف ويروي كل من الزوج والزوجة تجربتهما الزوجية مع الأصدقاء والأهل.

والزواج شيء مقدس وسري من الناحيتين الأخلاقية والاجتماعية في الإسلام، وليس من المقبول مشاركة العلاقة الزوجية مع الأصدقاء؛ ليظهروا لهم مدى حب الأزواج لبعضهم البعض، فهذا غير لائق أخلاقيًا وضد كرامة الأزواج.

2- خصوصية الأمور الشخصية في الزواج

يشمل هذا أيضًا مشكلات خصوصية الزوجة التي لا يرغب الزوج في مشاركتها حتى مع والديها، يتضمن هذا أيضًا إعلام والدتها بتفاصيل خاصة للزوج دون موافقته، فهذه هي الخصوصية التي فرضها الله تعالى وجعلها خاصة بين الجنسين المختلفين.

بغض النظر عن مدى قرب الابن والأم، يجب الحفاظ على احترام هذه العلاقة بقوة، ولا يمكن للأم والابن التحدث عن فترات حياتهم للآخرين، ولا ينبغي طرح هذه الأشياء منذ البداية، ولكن إذا طُلبت عن قصد فلا يجب إجابته؛ لأنه غير ملزم بالإجابة.

لا يحق لأحد أن يعرف تفاصيل حياة الشخصية للزوجين، ولا يجوز للزوجة أن تخبر أحداً بأي أمور خاصة أو حميمة بينهما حتى لوالدتها أو صديقاتها، وكذلك الزوج لا يجب الحديث عن أموره الشخصية لأي شخص، ولا يحق لأحد أن يسأل عن تفاصيل حياتهما الشخصية، إذا كانت الزوجة حاملاً مثلًا أم لا، فلا يحق لأحد أن يعرف، إلا أذا أراد الزوج ذلك.

يجب أن يدرك الزوجين أنه في الإسلام لا يجب أن يعبران علانية عن حبهما في الحياة الخاصة، ويحثّ الإسلام الزوج والزوجة على أن تكون لهما علاقة حب أكثر وأعظم ولا يكون ذلك إلا بالخصوصية، لم يتردد نبينا صلى الله عليه وسلم في إظهار المودة علانية لزوجاته، هناك العديد من الأمثلة الحقيقية من حياته صلى الله عليه وسلم التي تعد نموذجًا لحياة زوجية ناجحة.

أثناء إظهار المودة للشريك، يجب على المرء أن يدرك الزوجان أن العين والحسد مذكور في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لن يسعد كل من في قائمة الأصدقاء والعلاقات البيولوجية برؤية حياة الزوجية الناجحة، هناك خط واضح للغاية يميز العاطفة التي يشجع الإسلام على إظهارها حتى في الأماكن العامة واللحظات الحميمة والتفاصيل الخاصة لعلاقتك التي لا ينبغي الكشف عنها لأي شخص حتى الوالدين.

لقد طلب الله سبحانه وتعالى من الأزواج والزوجة أن يعيشوا بمحبة وأن يكونوا كالثوب والغطاء على بعضهم البعض، فلقد أعطاهم الله سبحانه وتعالى مثل هذا المثال الأعظم، والغرض الأساسي من الثوب هو تغطية أعضاء الجسم وحمايتها من الأذى.

لذلك يجب عليهم التعود ودعم بعضهم البعض، كلما احتاجوا إلى ذلك من دعم معنوي أو مالي أو عاطفي وإيجاد السكينة مع بعضهم، وبمرور الوقت يصبح الزوج هو الآلية الداعمة التي يتمسك بها المرء أثناء عواصف الحياة تمامًا مثل الغطاء الذي يحمي الجسم من الخطر الخارجي، يجب أن يكون الزوج والزوجة قريبين و حميمين؛ حتى لا يكون هناك أسرار بينهما.

3- خصوصية الأشياء في منزل الزوجية

الخصوصية في الزواج لا تثني الشخص عن إظهار العلاقة الزوجية فحسب، بل تتطلب أيضًا توخي الحذر بشأن الحفاظ على خصوصية العديد من الشؤون الأخرى مثل راتب الزوج، والمدخرات التي لديه، والاستثمارات التي يوم بها من أجل مستقبلهم، ومقدار المال الذي يملكه.

يجب أن يحرص الزوجان على عدم بث الغسيل القذر بعد المعارك والحجج بدلاً من مشاركة مخاوفهم مع الشخص المعني.

5- الاتفاق بين الزوجين على سرية الأمور الزوجية

يجب ألا يكشف الزوج والزوجة أبدًا عن أسرارها والأخطاء التي أخفاها الله تعالى لأي شخص بما في ذلك والديهما أو أقرب أصدقاء أو الإخوة، ويجب التعامل مع الأسرار المشتركة بعناية إضافية، بدلاً من ذلك يجب على الزوجين حماية بعضهما البعض من الإهانة والسخرية والاتهام حتى لو كان ذلك من قريب.

يجب أن يكون هناك اتفاق خصوصية غير قابل للكسر في الزواج، يمكن أن تزدهر العلاقة بالكامل، الأزواج الذين يشاركون الآخرين تفاصيل حياتهم الزوجية؛ من أي نوع من الموضوعات المتعلقة بالعلاقة الحميمة إلى كل التفاصيل الدقيقة لحياتهم الزوجية ستفقد في النهاية أفضل جزء من علاقتهم وهو الثقة، وأفضل شيء يمكن أن يحدث في الحياة هو بالفعل زواج سعيد.

وفي النهاية نستنتج أنه يجب أن يسعى الزوجين إلى حياة مثالية وسعيدة؛ وذلك لا يكون إلا بالخصوصية في الحياة الزوجية، فعلى كلا الزوجين الاحتفاظ بحياتهم الخاصة بينهما فقط، ولا يجب إشراك أحد في ذلك مهما كانت صفته.

المصدر: التعامل الأسري وفق الهدى النبوي، حنان قرقوتي،2013الإرشاد الأسري، عبد العزيز، 2011المجتمع والأسرة في الإسلام، محمد طاهر الجوابي، 2020أخلاقيات التعامل الأسري في السيرة النبوية، عبد الله بن ناصر السدحان


شارك المقالة: