الشخصية هي مجال واسع في علم النفس، تدرس أفكار ومشاعر وسلوكيات وأهداف واهتمامات الأفراد العاديين، لذلك فهي تغطي مجموعة واسعة جداً من الخصائص النفسية المهمة، علاوة على ذلك أنتجت النماذج النظرية المختلفة استراتيجيات مختلفة جداً لقياس هذه الخصائص، على سبيل المثال تجادل النماذج ذات التوجه الإنساني بأنَّ الناس لديهم أهداف واضحة ومحددة جيداً ويسعون بنشاط لتحقيقها.
اختبارات تقييم الشخصية:
تمثل الاختبارات الموضوعية النهج الأكثر شيوعاً والأكثر استخدام لتقييم الشخصية، تتضمن الاختبارات الموضوعية إدارة مجموعة قياسية من العناصر، يتم الرد على كل منها باستخدام مجموعة محدودة من خيارات الاستجابة، ثم يتم تسجيل الردود على هذه العناصر بطريقة موحدة ومحددة سلفاً، على سبيل المثال يمكن تلخيص التقييمات الذاتية للعناصر التي تقيم الثرثرة والحزم والتواصل الاجتماعي والمغامرة والطاقة لإنشاء درجة إجمالية على سمة الشخصية المتمثلة في الانبساط.
يجب التأكيد على أنّ مصطلح موضوعي يشير إلى الطريقة المستخدمة لتسجيل ردود الشخص وليس إلى الردود نفسها، كما لاحظ ماير وكورتز ما هو موضوعي في مثل هذا الإجراء هو أنَّ الطبيب النفسي الذي يدير الاختبار لا يحتاج إلى الاعتماد على الحكم لتصنيف أو تفسير استجابة المتقدم للاختبار، يتم الإشارة بوضوح إلى الاستجابة المقصودة وتسجيلها وفقاً لمفتاح موجود مسبقاً، في الواقع كما سنرى قد تكون ردود اختبار الشخص ذاتية للغاية ويمكن أن تتأثر بعدد من تحيزات التصنيف المختلفة.
تدابير التقرير الذاتي:
يمكن تقسيم اختبارات الشخصية إلى نوعين أساسيين، النوع الأول وهو الأكثر استخدام بسهولة في أبحاث الشخصية الحديثة، يطلب من الناس أن يصفوا أنفسهم، يقدم هذا النهج ميزتين رئيسيتين؛ أولاً يتمتع المقيمون الذاتيون بإمكانية الوصول إلى ثروة لا مثيل لها من المعلومات، يتمتع المقيمون الذاتيون بإمكانية الوصول المباشر إلى أفكارهم ومشاعرهم ودوافعهم، التي قد لا تكون متاحة بسهولة للآخرين، ثانياً إنّ مطالبة الناس بوصف أنفسهم هو أبسط وأسهل وأقل تكلفة لتقييم الشخصية.
تضمنت دراسات لا حصر لها على سبيل المثال إدارة تدابير التقرير الذاتي لطلاب الجامعات، الذين تم توفير بعض الحوافز البسيطة نسبياً، قد تتكون العناصر المدرجة في مقاييس التقرير الذاتي من كلمات مفردة أو عبارات قصيرة أو جمل كاملة، يستخدم المسح مقياس من 1 إلى 5 للاتفاق مع 15 عنصر، يتم قياس كل من الخمسة الكبار بثلاثة عناصر، على سبيل المثال أحد عناصر العصابية.
نموذج مقياس شخصية التقرير الذاتي:
تُظهر اختبارات شخصية التقرير الذاتي صحة رائعة فيما يتعلق بمجموعة واسعة من النتائج المهمة، على سبيل المثال تعد التقييمات الذاتية للضمير منبئات مهمة لكل من الأداء الأكاديمي الكلي والأداء الوظيفي، أفاد روبرتس وكونسيل وشينر وكاسبي وغولدبرغ أنَّ الشخصية المصنفة ذاتياً تنبأت بالتحصيل المهني والطلاق والوفيات، بالمثل فريدمان وكيرن ورينولدز أظهروا أنَّ تقييمات الشخصية التي تم جمعها في وقت مبكر من الحياة كانت مرتبطة بالسعادة والصحة البدنية ومخاطر الوفيات التي تم تقييمها بعد عدة عقود.
فإنَّ الشخصية المبلغ عنها ذاتياً لها روابط مهمة وواسعة الانتشار مع علم النفس المرضي، على وجه الخصوص ترتبط التقييمات الذاتية للعصابية بمجموعة واسعة من المتلازمات السريرية، بما في ذلك اضطرابات القلق واضطرابات الاكتئاب واضطرابات تعاطي المخدرات واضطرابات الشكل الجسدي واضطرابات الأكل واضطرابات الشخصية والسلوك والفصام.
مع ذلك في الوقت نفسه من الواضح أنّ هذه الطريقة محدودة في عدد من الطرق، أولاً قد يتم تحفيز المقيمين لتقديم أنفسهم بطريقة مواتية للغاية ومرغوبة اجتماعياً، هذا مصدر قلق خاص في الاختبار عالي المخاطر، أي المواقف التي تُستخدم فيها درجات الاختبار لاتخاذ قرارات مهمة بشأن الأفراد، ثانياً تعكس تقييمات الشخصية تحيز في التعزيز الذاتي، بعبارة أخرى يتم تحفيز الناس لتجاهل أو على الأقل التقليل من أهمية بعض خصائصهم غير المرغوب فيها والتركيز بدلاً من ذلك على سماتهم الأكثر إيجابية.
تقييمات المخبر:
نهج آخر هو أن تطلب من شخص يعرف شخص جيداً أن يصف خصائص شخصيته، في حالة الأطفال أو المراهقين من المرجح أن يكون المخبر أحد الوالدين أو المعلم، في الدراسات التي أجريت على المشاركين الأكبر سناً قد يكون المخبرون أصدقاء أو رفقاء في السكن أو شركاء مواعدة أو أزواج أو أطفال أو رؤساء، بشكل عام تقييمات المخبرين متشابهة في التنسيق مع التقييمات الذاتية، كما كان الحال مع التقرير الذاتي قد تتكون العناصر من كلمات مفردة أو جمل قصيرة أو جمل كاملة.
في الواقع تتضمن العديد من الأدوات الشائعة إصدارات موازية للتقييم الذاتي والمُخبِر، غالباً ما يكون من السهل نسبياً تحويل مقياس التقرير الذاتي بحيث يمكن استخدامه للحصول على تقييمات المخبرين، هذا الاستطلاع هو تباين في الاستطلاع السابق المكون من 15 عنصر لسمات الشخصية الخمسة الكبار، مع ذلك في هذا الإصدار التصنيفات ليست للشخص الذي يملأ الاستبيان.
تعتبر تقييمات المخبرين ذات قيمة خاصة عندما يكون من المستحيل جمع التقييمات الذاتية، على سبيل المثال عند دراسة الأطفال الصغار أو البالغين ذوي الإعاقة الإدراكية، قد لا يكون الأشخاص صادقين تماماً في مواقف الاختبار عالية المخاطر، يمكن أيضاً دمجها مع التقييمات الذاتية لنفس الخصائص لإنتاج مقاييس أكثر موثوقية وصالحة لهذه السمات، تقدِّم تقييمات المخبرين العديد من المزايا بالمقارنة مع المناهج الأخرى لتقييم الشخصية.
يُفترض أن المخبر المطلع قد أتيحت له الفرصة لملاحظة عينات كبيرة من السلوك في الشخص الذي يقوم بتصنيفه، علاوة على ذلك من المفترض أنَّ هذه الأحكام لا تخضع لأنواع الدفاع التي يمكن أن تشوه التقييمات الذاتية، في الواقع عادة ما يكون لدى المخبرين حوافز قوية ليكونوا دقيقين في أحكامهم، تعتبر تقييمات الأشخاص في بيئتنا الاجتماعية مركزية لقراراتنا بشأن من يجب أن تصادق وتتجنب والثقة وعدم الثقة والتوظيف والفصل.
اختبارات الشمولية:
بالإضافة إلى مصدر الدرجات هناك على الأقل بعدين آخرين مهمين تختلف فيهما اختبارات الشخصية، يتعلق البعد الأول بمدى سعي الأداة لتقييم الشخصية بطريقة شاملة إلى حد معقول، من جهة تمّ تصميم العديد من المقاييس المستخدمة على نطاق واسع لتقييم سمة أساسية واحدة.
تتضمن أمثلة هذه الأنواع من المقاييس مقياس تورونتو أليكسيثيميا، مقياس روزنبرغ لتقدير الذات واستبيان التجنب التجريبي متعدد الأبعاد، في الطرف الآخر يحتوي عدد من قوائم الجرد الشاملة على عدد كبير من المقاييس المحددة والغرض من قياس الشخصية بطريقة شاملة بشكل معقول.
اختبار اتساع خصائص الهدف:
يمكن تصنيف خصائص الشخصية على مستويات مختلفة من الاتساع أو العمومية، على سبيل المثال تؤكد العديد من النماذج على السمات الواسعة الكبيرة مثل العصابية والانبساط، يمكن تقسيم هذه الأبعاد العامة إلى عدّة سمات مكونة متميزة ومترابطة تجريبياً، على سبيل المثال يحتوي البعد الواسع للانبساط على سمات مكونة محددة مثل الهيمنة والتواصل الاجتماعي والعاطفة الإيجابية والمغامرة.
تم تصميم بعض أدوات الشخصية الشعبية لتقييم السمات العامة فقط، على سبيل المثال على غرار أداة العينة يحتوي على مقاييس موجزة تقيم الصفات الواسعة للعصابية والانبساط والانفتاح والقبول والضمير، في المقابل تمَّ تصميم العديد من الأدوات بما في ذلك العديد من قوائم الجرد الشاملة بشكل أساسي لتقييم عدد كبير من الخصائص الأكثر تحديد.
الاختبارات الضمنية:
في السنوات الأخيرة بدأ الباحثون في استخدام المقاييس الضمنية للشخصية، تستند هذه الاختبارات إلى افتراض أنَّ الأشخاص يشكلون ارتباطات تلقائية أو ضمنية بين مفاهيم معينة بناءً على خبرتهم السابقة وسلوكهم، على الرغم من أنَّ أدلة الصلاحية لهذه الإجراءات لا تزال قليلة نسبياً، إلا أنَّ النتائج حتى الآن مشجعة، على سبيل المثال أظهرت أنّ المقاييس الضمنية لسمات شخصية بعثة تقصي الحقائق تنبأت بالسلوك حتى بعد التحكم في الدرجات على المقاييس الموضوعية لهذه الخصائص نفسها.
مقاييس السلوك والأداء:
مراقبة سلوك العالم الحقيقي هي إحدى طرق تقييم الشخصية، الميول مثل الفوضى والأناقة هي أدلة على الشخصية، يتمثل هذا النهج في استنتاج خصائص شخصية مهمة من عينات مباشرة للسلوك، على سبيل المثال بإحضار أزواج من الجنس الآخر من المشاركين إلى المختبر وجعلهم يشاركون في محادثة مدتها خمس دقائق حول التعارف، شاهد المقيمون شرائط فيديو لهذه التفاعلات ثمّ سجلوا المشاركين على خصائص شخصية مختلفة.
تقدم المقاييس السلوكية مزايا عديدة مقارنة بالمقاربات الأخرى لتقييم الشخصية، أولاً نظراً لأنَّ السلوك يتم أخذ عينات منه بشكل مباشر، فإنّ هذا النهج لا يخضع لأنواع تحيزات الاستجابة التي يمكن أن تشوه الدرجات في الاختبارات الموضوعية، ثانياً إنَّ هذا النهج يسمح للناس أن يدرسوا في حياتهم اليومية وفي بيئاتهم الطبيعية، بالتالي تجنب اصطناع الأساليب الأخرى، أخيراً هذا هو النهج الوحيد الذي يقيم فعلاً ما يفعله الناس، على عكس ما يفكرون به أو يشعرون به.
مع ذلك فإنّ هذا النهج له بعض العيوب في الوقت نفسه، من الواضح أنّ استراتيجية التقييم النفسي أكثر تعقيد وتحتاج إلى عمالة أكثر من استخدام الاختبارات الموضوعية وخاصة التقارير الذاتية، علاوة على ذلك على غرار الاختبارات الإسقاطية تولد المقاييس السلوكية مجموعة غنية من البيانات التي تحتاج بعد ذلك إلى تسجيلها بطريقة موثوقة وصالحة، أخيراً حتى أكثر الدراسات طموح لا تحصل إلا على عينات صغيرة من السلوك التي قد توفر رؤية مشوهة إلى حد ما لخصائص الشخص الحقيقية.