أسباب الفشل في بناء أسرة مسلمة

اقرأ في هذا المقال


نعيش في عصر أصبحت فيه طبيعة الأسرة ووظيفتها وبنيتها موضع تساؤل، وكثير من الآباء قد يعتبرون أنفسهم غير مسؤولين، وهو سبب مهم لفشل بناء الأسرة، وللأزواج تعبيرات شرعية على قدم المساواة عن أسباب بناء الأسرة وفشلها، حيث يتخذ الإسلام موقفًا أكثر تحفظًا للأسرة، بحِجّة أن الأسرة مؤسسة مُلهمة في الإسلام، والزواج هو جوهرها، حيث تعني الأسرة بالنسبة للمسلمين أساس للاستقرار.

أسباب الفشل في بناء أسرة مسلمة

بناء العائلة والاهتمام بالأبناء من الأفعال التي يحبها الله سبحانه وتعالى، وذُكِر عن رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث التي تهتم بتنظيم أمور العائلة وبنيانها، فمن هذه الأحاديث ما ينظِّم علاقة الزوجة بزوجها وعلاقة الزوج بزوجته وفقاً للقواعد وحدود ومعايير الشريعة الإسلامية.

عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: “كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه”، متفق عليه.

يمكن أن تكون الحياة الأسرية منطقة للجوء والأمان، ولكنها بالنسبة للبعض منبع للألم وخيبة الأمل، وتمتص الكثير من الأسر العديد من التوترات والضغوطات من المحيط الخارجي.

إن الرسالة التي تأخذها الأسرة إلى المنزل، هي السبب الذي يجعل العديد من الآباء والأمهات يجدون صعوبة في تربية الأبناء في المجتمع الحديث؛ وهذا بسبب الفجوة بين الطريقة التي يتعامل بها مع أبنائهم، وبين البيئة التي يجدون أنفسهم يعيشون فيها حاليًا.

والأبناء حين يفشلون ليس بالضرورة أن يكون سبب ذلك أخطاء في سوء التربية من الآباء؛ فإنها مهمة صعبة للغاية حين يبذل الآباء قصارى جهدهم ولا يجدون نتيجة، ومع التعاطف مع الذات والمرونة والدعم المناسب، يصبح الأمر الأمر أفضل بكثير.

أسباب المشاكل في بناء الأسرة في الإسلام

يأمل الكثير من الآباء أنهم بمجرد مغادرتهم حياتهم الأسرية، يتركون مشاكل أسرهم وأطفالهم وراءهم، ومع ذلك يجد الكثيرون منهم أنهم يعانون من مشاكل مماثلة، بالإضافة إلى مشاعر مماثلة وأنماط علاقات، بعد فترة قصيرة من مغادرتهم البيئة الأسرية.

وفي الأسر المثالية ينمو الأطفال في بيئات عائلية تساعدهم على الشعور بأنهم يستحقون العناء والقيمة، ويتعلمون أن مشاعرهم واحتياجاتهم مهمة ويمكن التعبير عنها، ومن المرجح أن يُشكّل الأطفال الذين ينشأون في مثل هذه البيئات الداعمة علاقات صحية وجيدة في مرحلة البلوغ.

وقد تفشل بعض العائلات في توفير العديد من احتياجات أطفالهم العاطفية والجسدية، قد تَحدّ أنماط التواصل لدى العائلات بشِدة من تعبيرات الطفل عن مشاعره واحتياجاته، ومن المرجح أن يتطور عدم احترام الذات لدى الأطفال الذين ينشأون في مثل هذه العائلات، ويشعرون أن احتياجاتهم ليست مهمة أو ربما لا ينبغي أن يأخذها الآخرون على محمل الجِد، نتيجة لذلك قد يُشكّلون علاقات غير مُرضية مثل البالغين.

وهناك العديد من الأسباب لعدم بناء أسر سليمة، ونذكر بعض منها كما يلي:

1- أن يعاني أحد الوالدين أو كليهما من الإدمان أو الإكراه على فعل معين، والذي له تأثيرات كبيرة على أفراد العائلة.

2- أن يستخدم أحد الوالدين أو كليهما التهديد، أو تطبيق العنف الجسدي كوسيلة أساسية للسيطرة، قد يضطر الأطفال إلى مشاهدة العنف، وقد يُجبرون على المشاركة في معاقبة الأشقاء، أو قد يعيشون في خوف من نوبات انفجار.

3- أن يستغل أحد الوالدين أو كليهما الأطفال ويعاملهم كممتلكات، هدفها الأساسي هو الاستجابة للاحتياجات الجسدية أو العاطفية للبالغين.

4- أن لا يستطيع أحد الوالدين أو كليهما توفير المال، أو التهديد بالانسحاب من الرعاية المادية أو الأساسية لأطفالهم.

5- أن يفشل أحد الوالدين أو كليهما في تزويد أطفالهم بالدعم العاطفي المناسب.

6- أن يمارس أحد الوالدين أو كليهما سيطرة الاستبدادية القوية على الأطفال، والتوقع منهم الامتثال لأوامرهم  وقواعدهم دون أي مرونة.

7- سوء المعاملة أو الإهمال من الآباء للأطفال.

8- تجربة الرفض أو المعاملة التفضيلية، الانحياز في النزاعات لطرف معين من الأبناء من قبل الوالدين.

9- التجاهل أو الاستبعاد أو انتقاد لمشاعر الأبناء وأفكارهم.

10- عدم التواصل من قبل الوالدين مع الأبناء.

11- أن يكون الأبناء مقيدين من الاتصال الكامل والمباشر مع أفراد الأسرة الآخرين.

12-أن يُسمح للطفل أو يُشجع على تعاطي المخدرات أو الكحول من قبل الوالدين.

13- تعرض الطفل للصفع أو الضرب أو الخدش أو اللكم أو الركل من قبل الوالدين.

نتائج عدم بناء أسرة سليمة

حثّ نبينا الكريم على المحافظة على الأسرة وحسن التعامل مع الأبناء، قال صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”، رواه الترمذي، وإن عدم تطبيق لأوامر الله تعالى ونبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم يؤدي إلى نتائج وخيمة في بناء الأسرة.

تؤدي الإساءة والإهمال إلى إعاقة نمو ثقة الأطفال في العالم وفي الآخرين وفي أنفسهم في وقت لاحق مثل البالغين، وقد يجد هؤلاء الأشخاص صعوبة في الوثوق بسلوكيات وكلمات الآخرين، أو أحكامهم وأفعالهم، وأحاسيسهم الخاصة بجدارة الذات، وليس من المستغرب أنهم قد يواجهون مشاكل في عملهم الأكاديمي وعلاقاتهم وهوياتهم.

غالبًا ما يكافح أفراد الأسرة الذين يتعرضون لسوء المعاملة والمهملين لتفسير أسرهم على أنها طبيعية، كلما اضطروا إلى التكيف لجعل الموقف يبدو طبيعيًا، مثل لا لم أتعرض للضرب، لقد تعرضت للصفع فقط، والدي ليس عنيفًا، إنه طريقته فقط للتعبير عن الغضب، وزاد احتمال سوء تفسيرهم لأنفسهم ويطورون مفاهيم سلبية عن الذات، مثل تبرير أفعال الأب ب”أنا طفل فاسد أو غير صالح”.

هناك العديد من الأبناء يواكبون التغيرات بصورة صحيحة وسليمة ويطابق ذلك منهاج الشريعة الإسلامية، لكن غالبًا ما يشعر الآباء في العائلات المفككة بالتهديد من التغييرات التي تطرأ على أطفالهم، ونتيجة لذلك فقد يحبطون جهودهم للتغيير ويصرّون على التغيير مرة أخرى والعودة كما كانوا عليه.

لهذا السبب من المهم جدًا بالنسبة للأبناء أن يثقوا في تصوراتهم ومشاعرهم وأفكارهم، ويجب أن يعلموا أن التغيير يبدأ معهم وبهم، وأن هذا لا يكون من عقوق الوالدين.

وفي النهاية هناك نصيحة للآباء: لا تثبطوا عزيمتكم إذا وجدتم أنفسكم تتراجعون إلى أنماط السلوك القديمة في التربية قد تكون التغييرات بطيئة وتدريجية، بينما استمروا في ممارسة سلوكيات جديدة وأكثر صحة، وتبدأون في أن تصبح جزءًا من حياتكم اليومية، ويجب أن تعلموا أن الدين معاملة سواء في البيت أو في الخارج مع الزوجة أو الأبناء أو مع المجتمع ككل، والدين الإسلامي الحنيف خصّ الأسرة بأهمية كبيرة، ويجب بناء هذه الأسرة على أساس سليم وصحيح.


شارك المقالة: