خلق الله سبحانه وتعالى البشر أزواجاً، ولقد وضع قانون التجاذب بين الجنسين من أجل توحيدهم في الزواج، والذي من خلاله يصلان إلى الكمال المادي والروحي، وتحقيق حياة أسرية سعيدة، لذلك أمر الله تعالى بالزواج للبشرية والإنسانية جمعاء حفاظًا على كمالهم وحفظ ذرية الإنسان من كل أنواع الفساد، فهو غاية وقصد في الشريعة الإسلامية.
الأسرة السعيدة في الإسلام
من خلال الزواج تستطيع الإنسانية حماية أجمل خصائصها، والتي تجعلهم بشر مسؤولين، والزواج هو الملاذ الاجتماعي والروحي لتطور الإنسانية المادي وتطورها الروحي.
ومن خلال الإيفاء الصحيح لمؤسسة الزواج، يمكن للروح البشرية أن تصل إلى السلام والرضا، ويجد جسم الإنسان توازنه ونظامه، وتتطور الأخلاق الإنسانية، ويمكن تحقيق رفاهية وسلامة المجتمع والفرد، وفي حالة عدم الزواج، يمكن كسر هذا الترتيب الدقيق.
وكما يُمكّن الزواج الأزواج من تنمية قدراتهم الكامنة، فالمرأة من خلال إظهار المودة والاهتمام بأطفالها، تتقن حبها ورحمتها، وتتقن من خلال الزواج كيف تكون أماً جيدةً ومعلمةً ومربية.
ويتعلم الرجل كيف يصبح أكثر مسؤولية من خلال قيادة الأسرة ويصبح أكثر نضجًا، فوحدة الأسرة هي أصغر وحدة اجتماعية، لكنها الأكثر أهمية بالنسبة لأي أمة.
السعادة في الحياة الأسرية
بعد رزق التقوى أهم فضل من الله تعالى على العبد أن يكون له زوجة صالحة، والزوج الطيب هو أهم جزء في سعادة الإنسان، وتعتمد قوة وضعف الدول على قوة وضعف الروابط الأسرية فيها.
ويجب التفكير في حقيقة أن الغرض الأساسي من الزواج هو تحقيق حالة من المحبة والرحمة والسعادة في سبيل الله تعالى، لذلك نصح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم دائمًا أولئك الذين يفكرون في الزواج أن يختاروا المؤمنين الصالحين الذين يتسمون بالرحمة والتقوى في قلوبهم؛ حتى يقوموا بإنشاء أسر سعيدة.
ومؤسسة الزواج تلعب الدور الأكبر في الحفاظ على الأخلاق الرفيعة للفرد؛ وبدون الأخلاق يمكن للفرد أن ينحرف بسهولة من خلال الأنانية والاتكالية، فيجب تحقيق السعادة للفرد ولا يتم تحقيق هذه السعادة إلا من خلال تكوين أسرة سعيدة.
يجب على المجتمع والفرد تمكين الصغار من الزواج عندما يبلغون السن المناسب، كما يجب أن يسهل الحصول على الضروريات الأساسية للزواج قدر الإمكان؛ حتى يقوموا بإنشاء أسر خاصة بهم ويستقرون بها وتجلب السعادة لهم.
وتكون الأسرة في حالة من السعادة عندما تطبق أوامر الله تعالى، مثل تطبيق أوامر الله تعالى ببر الوالدين وحسن المعاملة إليهما وعدم مخالفتهما، قال تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّۢ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”، الإسراء، 23.