الأسرة المثالية في الإسلام

اقرأ في هذا المقال


الأسرة المسلمة المثالية هي أسرة مرتبطة بهدف مشترك، للعيش في سبيل الله تعالى وهو أفضل هدف حقيقي يمكن للمرء أن يعيش من أجله، وإلا ستكون الحياة بلا معنى، ولا معنى للحياة بدون الالتزام بتعاليم الله تعالى، حيث قال في كتابه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”، الذاريات، 56، يجب أن يتأثر اختيار شريك الحياة بهذا الاعتبار، ورفيقة الروح الزوجة هي رفيقة الهدف، ومن المرجح أن ينمو الزوجان اللذين يشتركان في نفس الهدف معًا ويستمران معًا.

الأسرة المثالية في الإسلام

العائلة: هي مجموعة من الأفراد يعيشون تحت سقف واحد، وعادةً ما يكونون تحت عناية رب أسرة واحد  ويُكوّنون أسرة واحدة، وتتكون الوحدة الأساسية للمجتمع تقليديًا (الأسرة) من والدين يُربّيان أطفالهما.

تتكون الأسرة المسلمة من زوجين متزوجين قانونيًا (زوج وزوجة)؛ أي أنثى وذكر وأطفالهما، ويشمل أيضًا والديهم وإخوتهم وأقاربهم وغيرهم، تنشأ الأسرة المسلمة من خلال وسيلتين: قرابة الدم والزواج، قال الله تعالى: “وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُۥ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا”، الفرقان، 54.

يتم إنشاء وحدة الأسرة الأساسية للزوج والزوجة؛ أي الرجل والمرأة من خلال الزواج فقط، يشمل أفراد الأسرة الأقارب بالدم لكل من الزوج والزوجة، سواء كانوا يعيشون تحت سقف واحد أم لا.

العائلة الأولى في الإسلام

نشأت الأسرة الأولى مع خلق الرجل والمرأة على الأرض، وهم آدم وحواء عليهما السلام، يقول الله تعالى: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُالدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” ٣٠سورةالبقرة.

يذكر الله سبحانه وتعالى بشكل قاطع أنَّه خَلق الإنسان الأول لخلافة الأرض، لكنه في البداية وضع الزوجين البشريين الأولين في الجنة تحت شرط واحد، هو عدم مخالفة أوامره، عندما تمّ كسر هذا الشرط، تمّ إرسال الزوجين آدم وحواء إلى الأرض، مرة أخرى بشرط آخر هو اتباع أوامر الله تعالى على الأرض.

يقول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا”، سورة النساء، 1.

النقطة التي يجب توضيحها هنا هي أن بداية الحضارة الإنسانية على هذا الكوكب بدأت من خلال الزوج والزوجة الذكر والانثى، في جو من المعايير الأخلاقية العالية والمعرفة الإلهية الموجّهة والحكمة، وهذا في تناقض حاد مع فرضية المِثلية وأسرة الأم لوحدها أو الأب لوحده والتي يتم تدريسها تحت ستار العلم، يرفض الإسلام رفضًا قاطعًا هذا العلم الزائف الذي تمّ دحضه أيضًا في المجتمع العلمي.

كيفية تحقيق النجاح في الأسرة الإسلامية

يحذر الله سبحانه وتعالى المؤمنين من احتمالية حدوث كارثة في الأسرة، ثم يصف طرقًا للوقاية من هذه المخاطر، والله سبحانه وتعالى يحذر المؤمنين من جعل أفراد عائلاتهم أعداء لهم، من أجل ذلك حثّ الإسلام على التسامح، والتغاضي عن العيوب الصغيرة لبعضهم البعض واستغفار الله لبعضهم البعض، يجب أن يكون ممارسة منتظمة داخل الأسرة، ولا تزال نفس السورة تحذر من أن الثروة والأبناء هي اختبار وفتنة بالنسبة للآباء، إلى جانب التحذير، تأتي الوصفة القرآنية لكيفية النجاح في هذا الاختبار.

يدعو القرآن الكريم أن نعطي الله تعالى قرضًا جميلًا، أي أن نستخدم المال ونُعدّ الأطفال بطريقة تجعلهم صدقة جارية للأهل؛ حتى يستفيد منهم المجتمع ويستمر الآخرون في الاستفادة منهم أيضًا، هذا هو النجاح الحقيقي، لكن كيف يفعل الآباء ذلك؟ إذا كان الآباء مصممين على بناء أسرة على القيم الإسلامية ويمكنهم غرس التربية الصحيحة مثل التعليم والتدريب والتربية والقدوة، وغيرها في الأطفال، يمكننا تحقيق هذا النجاح بمشيئة الله تعالى.

قيم الأسرة الإسلامية

يجب على الآباء والأمهات معرفة الهدف من حياتهم على هذه الأرض، أولاً وقبل كل شيء، يجب على الأسرة المسلمة تحديد هدفها، عليها أن تسأل نفسها ما هو الهدف النهائي لهذه العائلة؟ يعلم الدين الإسلامي أن الهدف الأسمى لحياة المؤمن هو رضا الله تعالى ومغفرته، والخلاص في الحياة الحقيقية في الآخرة، يجب على الأسرة المسلمة أن تقبل ذلك بوعي؛ لأن هذا الهدف النهائي من خلق الإنسان.

من أجل تحديد هدف الآباء في الحياة، ويحتاج الأهل إلى معرفة هدف تحميلهم مسؤولية الأسرة، فالآباء بحاجة إلى المعرفة ليس فقط من أجل المعرفة العامة بحد ذاتها ولكن بل يجب الإلمام بالمعرفة الدينية، ويجب أن يكون طلب المعرفة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة برنامجًا مستمرًا ومنتظمًا في جدول الأسرة المسلمة، وبطلب العلم يُعلّم الآباء والأبناء أن الله سبحانه وتعالى جعل رسوله صلى الله عليه وسلم قدوةً لهم في ذلك، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم شجّعهم بل وأمرهم بطلب العلم من المِهد إلى اللحد.

الأسرة المسلمة تطيع وصايا الله تعالى، ويجب على الاسرة المسلمة اتباع الصلاة والصيام والزكاة والحج والتزام الحجاب للمسلمات وغيرها من الأوامر الإلهية بإخلاص وتفانٍ كاملين، ويجب أن تتأكد الأسرة المسلمة من أن أرباحها ونفقاتها تتم من خلال الوسائل الحلال، ويحافظ أفراد الأسرة وخاصة الوالدين على أنفسهم بعيدًا عن أي تناقض بين كلامهم وأفعالهم؛ لأنهم هم الذين يصبحون قدوة لأطفالهم.

هناك قول مأثور بالإنجليزية، هي الخيرية تبدأ في المنزل، باللغة العربية تقول الأم هي المدرسة، ومثلاً إذا كان الآباء يريدون تعليم الصدق لأطفالهم، لكنهم يجعلونهم ينامون كل ليلة بإخافتهم من رجال الشرطة مثلًا، بينما لا يوجد رجال شرطة حقيقيون حوله، هذا نوع من الكذب على الأبناء وهذا هو نوع الرسائل التي سوف يتلقونها، وهي تعلّم الكذب، وإذا كان الآباء يرغبون في تعليم الاحترام لأطفالهم، لكنهم يشتمون بعضهم البعض في وجود الأبناء، فكيف سيتعلم الأبناء الاحترام؟

على الوالدين والأبناء معرفة دور ومسؤولية كل منهم في الأسرة، سواء كانوا زوجًا أو زوجة أو والدًا أو طفلًا أو شقيقًا أو قريبًا يجب عليهم التعرف على موقعهم ودورهم ومسؤوليتهم في الأسرة، والمستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ويجب أن يقوموا بتنفيذ مسؤولياتهم بأفضل ما لديهم، وإذا سعى جميع أفراد الأسرة للوفاء بالتزاماتهم، فسيحصلون جميعًا تلقائيًا على حقوقهم وتعمل الأسرة بدورها بسلاسة.

لقد علّمنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي هو قدوتنا الحقيقية، بأنه يجب أن يُنظر إلى أولئك الذين هم أكثر التزام في تعاليم الدين والتعلّم منهم، وتحتاج الأسرة المسلمة إلى تنمية ثقافة التضحية والرضا بالقليل من القناعة، وقد وُصِفت القناعة بأنها إحدى صفات التقوى، سيظهر هذا من خلال مواقف أفراد الأسرة بأنهم لن يطالبوا بحقوقهم الخاصة وسيسعون أكثر بأهمية منح الآخرين حقوقهم، وسوف يضحّون بوسائل الراحة والمطالبات والمال والإرادة والآراء والكماليات لبعضهم البعض، وإن أساس الأسرة السعيدة هو الحب المتبادل والتضحية.


شارك المقالة: