العديد من المجتمعات تتساءل كيف تواجه الأسرة المسلمة تفكك العلاقات بين الأزواج والأبناء، وما العوامل التي يمكن أن تسهم في تدمير الأسرة، وما هي الاقتراحات حول كيفية إعادة بنائها، وكيف تتجنب أن تكون من ضمن العائلات المفككة بين رعايا المسلمين.
الانهيار الأسري في الإسلام
لقد هُزِم بعض الأشخاص وليس بالضرورة كأفراد ولكن بشكل جماعي، ولقد ضلوا طريقهم، وفقدوا روابطهم البشرية، وفقدوا التسلسل الهرمي للأولويات، وفي وسط عملية الخسارة الدورية هذه، فقدوا أيضًا وجهة نظرهم حول ما هو مهم وما يعنيه أن تكون أسرهم.
يظن بعض الأفراد أن الانكسار المهم هو الانكسار المادي، وما داموا أنهم لا يكمن انكسارهم في المعنى المادي للكلمة فهم بخير، ولا يمكنهم إنكار أن ما حطموه هو ديناميكية الأسرة في مجتمعاتهم المسلمة، والدين الإسلامي يجب أن يعلمهم أهمية الحفاظ على المودة والرعاية والرحمة والتواصل في عائلاتهم، وفي كسر المودة داخل عائلاتهم، وسوف يؤدي ذلك إلى قطع الاتصال مع مجتمعاتهم المحيطة والتواصل مع بعضهم البعض في عالم المجتمع ككل.
وغالبًا ما تُشكل الطريقة التي يتفاعل بها الفرد مع الآخرين حجر الزاوية في المجتمع، وطرق التفاعل مع عائلاتهم يُشكّل الأساس لحجر الزاوية، وكمسلمين يذكرنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي وإذا مات صاحبكم فدعوه” رواه الترمذي والدارمي.
ابتعد الكثير من الآباء عن الاحتفاظ بأفضل جزء من أنفسهم لعائلاتهم، بمجرد أن يتوقف الآباء عن محاولة أن يكونوا الأفضل لأسرهم؛ ويبدأ بالتفكك والانهيار الأسري لهذه الأسرة، ومن الصعب قبول وجود مشكلة في مجتمع اليوم مع وجود سبب جذور المشكلة قد تكون نابعة من المنازل، ومن الصعب إصلاح ما تم كسره إذا لم يعرف السبب؛ وهو إهمال الأسرة الذي يؤدي إلى انهيارها.
وفي ظلمة الانهيار الأسري الحاد، يُترك للآباء التفكير في ما فقدوه بالضبط في علاقاتهم مع أسرهم، وإن الخطوة الأولى نحو الشفاء من هذا الانهيار هو الاعتراف بالحقيقة، والحقيقة أنهم فقدوا العلاقة الصحيحة والروابط السليمة في هذه الأسرة، ويجب أن يدركوا أنه لا يحدث الانهيار الأسري بين عشية وضحاها، والسؤال الصعب الذي يجب أن يسأل منهم هو هل فات الأوان لإنقاذ القطع المكسورة من هذه العائلة أم لا؟ وهل هناك أمل في إعادة بناء الروابط المكسورة مرة أخرى؟ والجواب: هو نعم، هناك دائمًا يوجد بعض من الوقت لمنع هذا الانهيار وإعادة بناء الأسرة.
وإن التحديات في العالم والاعتقاد بأنه ليس لدينا وقت للعائلة يقتحم روابط حياتهم بخطوات صغيرة عندما يكونوا غارقين في أمان الأبناء، ويشعرون بثقة وراحة أكبر في عدم اتصالهم، ويبدو أن زرع بذور الخلاف الشخصي في الحياة الأسرية هو المشكلة الأكثر انتشارًا عبر المجتمعات اليوم، فيجب أن يحذر الآباء من اعتداء المجتمع على الحياة الأسرية، والتعرف على العلامات وتجنب ما يبدو أنه لا مفر منه، مثل عدم الحوار أو عدم الاحترام والثقة.
لا يحدث تفكك الأسرة دفعة واحدة ولكن ببطء وعندما يشعر أفراد الأسرة بالراحة والرضا والأمان في محيطهم الخاص، قد يبدأ مع زيادة التعلق بأشيائهم الخاصة، والعائلة بأكملها متصلة دائمًا؛ ولكن بالأدوات والتكنولوجيا وليس ببعضها البعض، قد تكون الخطوة المهمة إلى تفكك الأسرة هي التحرك نحو نقص التواصل، ويكون أولا ببطء ثم يتوقف الوالدان عن التحدث مع بعضهما البعض، إلا للضرورة وفي مواضع الخلاف، ثم يتوقفون ببساطة عن الكلام والحوار بينهم.
قد لا يكون لدى الأطفال أي شيء يرغبون في مشاركته مع الوالدين؛ لأنهم يفضلون مشاركته مع أصدقائهم، وقبل أن يدرك أي شخص ما يحدث يتوقف البالغون في الأسرة عن التحدث إلى والديهم أو أشقائهم؛ بسبب العبء الذي تمثله العلاقات الحقيقية بينهم، ويشعرون بالصدمة عندما يحدث قد يجدون أنفسهم يبتعدون عن علاقاتهم ويلقون باللوم على العمل والجداول المزدحمة وضيق الوقت، والكثير من الأعذار الذي يوفره المجتمع بشكل ملائم.
حل الإسلام لمشكلة الانهيار الأسري
فيما يلي بعض الخطوات العملية التي يمكن أن تساعد في إعادة بناء العائلة من منظور إسلامي:
1- إجبار النفس على الانفصال عن التكنولوجيا التي تسود الحياة
لا يمكن إقامة اتصال ذو مغزى مع العائلة إذا كانوا يلجأون دائمًا إلى أجهزتهم وأدواتهم للتواصل مع الآخرين، فيجب تحديد موعد للتواصل المباشر مع العائلة، وهذا مهم جدًا لرفاهية علاقة الوالدين والأطفال في تعلم كيفية التواصل مع الآخرين.
2- يجب أن يكون الآباء والأمهات على نفس الخط في تربية الأبناء
يجب أن يحاول الآباء أن يكونوا دائمًا على نفس الصفحة مع الشريك أثناء تربية أطفالهم، ولا يجب أن لا يدعوا أطفالهم يرونهم مقسمين.
3- التمتع بالثقة بين الأزواج والأبناء
يجب أن يكون الزوج والزوجة مكان للثقة والراحة والطمأنينة والرعاية والدعم، وكعائلة يجب عليهم تقديم الدعم العاطفي والجسدي والمالي لبعضهم البعض من الأكبر إلى الأصغر.