كل شخص يريد أن يكون له أسرة سعيدة في هذه الحياة، وترتبط هذه السعادة ارتباطًا مباشرًا بتأثير الإيمان بالله تعالى ويعود بالفائدة على الأسرة؛ لأن الإيمان مصدر لنور الأسرة، وهو ينير الحياة الأسرية كما ينير كل شيء، ويتسبب في ظهور الجمال المقصود في الأسرة، وينتج عنه عيش الحياة الأسرية بطريقة أفضل.
التواصل الأسري في الإسلام
الإنسان ليس مجرد جسد مادي فقط، إنه يحتوي أيضًا على مشاعر روحية مثل الحب والاحترام والرحمة، تجد هذه المشاعر معنى وتزداد قيمتها بالدين الإسلامي، ويعرف الزوجان في العائلة أنهما بتأثير الإيمان، سيكونان معًا ليس فقط في هذا العالم ولكن أيضًا في الحياة الأبدية في الجنة بأذن لله.
لهذا السبب فإنهم يساعدون بعضهم البعض بجدية في الاحترام المتبادل والحب والولاء والتضحية، عندما يحتاجون لبعضهم البعض، خاصة عندما يكبرون؛ فإنهم يقدمون كل التضحيات مع هذا الفكر الجميل الذي يتلقونه من الإيمان.
سر التواصل في الأسرة
حب الطفل هو أحد أسباب السعادة الأكثر متعة في العالم، وبالإيمان يرى المسلمون أطفالهم على أنهم هدايا من الله تعالى، ويرون أطفالهم على أنهم ثقة إلهية ويحاولون حمايتهم من كل مكروه، ويعاقبونهم بالرحمة، ويريدون تربية أولادهم على أساسيات الدين، مع مراعاة استمرار وحدة الأسرة.
وتتحمل الأم المسلمة كل أنواع المشاكل من أجل سعادة طفلها في الدنيا والآخرة، ومن خلال الدين الإسلامي يرى الأبناء والديهم كنوز، ويحافظون على آبائهم ويتعاملون معهم بلطف ولا يفشلون في احترامهم.
لقد لفت نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم انتباهنا في كثير من الأحاديث النبوية إلى احترام المسلم لأخيه المسلم واللطف معه؛ وهو باب من أبواب سر السعادة الأسرية، قال رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم، لا يظلِمه، ولا يُسلِمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلمٍ كربةً، فرَّج الله عنه كربةً من كربات يوم القيامة، ومَن ستَر مسلمًا ستره الله يوم القيامة”، رواه البخاري ومسلم.
عندما تنير الحياة الأسرية بالإيمان، تتطور العلاقات بين أفراد الأسرة وتصبح أكثر جمالا، يحاول الأفراد التصرف ليس فقط من خلال التفكير في الحياة الدنيوية، ولكن من خلال التفكير في الاتحاد الأبدي في الحياة، والشفقة والخوف والحب ستُرى حقًا في الأسرة، وسيكون مستوى الأخلاق مرتفع في الأسرة؛ وهذا يؤدي إلى عيش الحياة الأسرية بأفضل طريقة.
وقد جاء في القرآن الكريم: “لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا”، الأحزاب، 21، ورسولنا خير مثال في الأسرة في جميع الأمور، ويقوم جميع أفراد الأسرة بتنوير حياتهم الفردية وحياة أسرهم من خلال أخذ النبي صلى الله عليه وسلم كمثال واتباع سنته، وفي هذا الموضوع قال نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم: “أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا”، سنن الترمذي، حيث عبّر صلى الله عليه وسلم عن أهمية الأمر بهذه الكلمات.
يرتبط الإسلام والتواصل في الحياة الأسرية ارتباطًا مباشرًا مع بعضهما البعض، فالإسلام يضيء مثلما يضيء المصباح محيطه ويؤدي إلى ظهور الجمال من حوله، فيؤدي إلى ظهور الأخلاق الحميدة في الأسرة، وينتج الإيمان التواصل بين أفراد الأسرية التي تُشكّل أساس المجتمع.
طرق التواصل في الأسرة
الإنسان اجتماعي بطبيعته، ولا يستطيع أن يعيش بمفرده في العالم، ويحتاج للعيش مع الناس، ويحتاج إلى التواصل معهم من أجل تلبية احتياجاته واحتياجات الآخرين، وأثناء التواصل يجب أن يُقدَّر الآخرين، ويشهد أن مشاعره يتم تقديرها أيضًا؛ لأنه يُقدّر الآخرين بهذه الطريقة، على عكس الكائنات الأخرى يكتسب الإنسان امتيازًا مهمًا في تلبية احتياجاته المادية والروحية.
والتواصل هو انعكاس المشاعر على الأفعال، فكل شخص يريد أن تُحترم مشاعره وأفكاره، وبالنسبة للناس هذه الرغبة المشتركة هي المصدر الرئيسي للتواصل، والشخص الذي يعيش فقط من أجل عالمه الشخصي يرى أن مطالب الآخرين غير ضرورية، وهذه علامة على الأنانية، ومن يحب نفسه فقط لا يحب غيره، ومن لا يحب الآخرين لا يحتاج إلى التواصل معهم.
وأهم مكان يحتاج فيه الشخص إلى التواصل هو عائلته، التواصل هو أساس الأسرة؛ فإنها مثل العامود الأساسي لها، والتواصل الصحيح في الحياة الأسرية له أهمية كبيرة في سعادة وسلام الأسرة، ويعتمد استمرار الحياة الأسرية على التواصل الصحي بين الأفراد، ولا يمكن للعائلات التي تعاني من مشاكل في التواصل أن تكون سعيدة.
وأمر الله تعالى أن يكون تعامل الزوج والزوجة في التواصل العائلي على النحو المذكور في القرآن الكريم، قال تعالى: “فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا”، النساء، 19.
إنه قرار صحي للغاية للتواصل أن يعتقد المؤمن أن الله تعالى قصد الكثير من الأشياء الجيدة في الحياة الأسرية، التي يَمرّ بها وظنّها أنها شر وكره له، ويؤكد أن التواصل سيكون صحيًا في إطار التفاهم المتبادل.
وأفضل المسلمون هم من يعاملون أفراد الأسرة بأفضل طريقة لذلك لفت الإسلام الانتباه إلى قداسة التواصل داخل الأسرة، كما أن نبينا الحبيب هو من طبق هذا الاتصال بأصح طريقة، فكان نبينا يتصرف حسب أحوال أهله، واهتم بحقوق الزوجين في الأسرة وعامل الأبناء بما يليق بهم، وهذا السلوك منه صلى الله عليه وسلم سهّل عليه التواصل مع أفراد أسرته.
وسرعان ما حوّل نبينا مجتمعًا جاهلًا عنيدًا وملتزمًا بصرامة بعاداته إلى مجتمع متحضر، ولقد تسبب في اكتساب المجتمع أخلاق عالية، وأصبح مُحبًا للقلوب ومعلمًا للعقول ومدربًا للناس، ومما لا شك فيه أن أحد الأشياء التي جلبت له هذه السعادة هو استخدامه الصحيح لأسرار الاتصال معهم.
ضمان التواصل بين أفراد الأسرة
هناك العديد من الأمور التي تضمن التواصل داخل الأسرة، بشرط أن تكون رضا الله تعالى هي الغاية، وذلك على النحو التالي:
1- تنمية التواصل الإيجابي والتفكير في الأسرة
2- التحلي بالصبر في التواصل الأسري.
3- احترام الكبير ورحمة الصغير.
4- تنمية الشعور بالولاء في الأسرة.
5- الكرم في التقدير والثناء.
6- العمل بفكرة أن من ينظر بإيجابية يفكر بإيجابية ومن يفكر بإيجابية يستمتع بحياته.
7- امتلاك فكرة انظر إلى الجانب المشرق للأشياء.
8- بدلاً من الإساءة إلى أفراد الأسرة بكلمات النقد] المباشر، إنشاء نقطة مشتركة والتصرف بحس نحن.
9- الانطلاق من الذات في التضحية.
10- أن يريد لأفراد الأسرة ما تريد لنفسه.
التواصل يتحدث بلغة المشاعر، والتواصل هو المفتاح القادر على حل جميع المشاكل المخفية فيه، باختصار إن مصدر السعادة والمحبة والسلام في الأسرة هو التواصل القوي والصحيح.