الصدمة النفسية الأساسية

اقرأ في هذا المقال


ضروري جداً أن يتحرّر الأشخاص من الحظر أو الصدمة النفسية التي تعرّضو لها نتيجة مواقف أليمة، كما إنّه من السهل أن نفهم بأنّ وجود هذا الحظر الداخلي يؤدي إلى فقدان الحرية ما دام قائم، فطالما أنّ الطفل يخضع للإرغام فإنّه يستحيل عليه أن يقوم باختيار حر أمام الخيارات التي تقدمها الحياة، إنّ الحظر يمنع الإنسان من أن يبدع حياته حسب طبيعته الأصلية.

الصدمة النفسية الأساسية:

إذا فشل الفرد في تحقيق غرضه فإنّه يحس فور بضآلة ذاته ونقصانها، أمّا إذا نجح في تحقيق الغرض فإنّه يحس أيضاً بخيبة الأمل لأنّ هذا النجاح المؤقت الذي أحرزه ينقضي في لحظة تحقيقه، لا يدل فعلاً على كماله كما كان يدّعي، عليه أن يكرر زعمه من جديد ويجربه في أكثر من غرض، فكل هذه التجارب ستثبت له بطلان مزاعمه، إنّ هذا الرهان يشكل للطفل مأساة داخلية، حيث إنّ تفاهة الأشياء المحدودة قد أدركها في جانب واحد فقط من العلاقة؛ فقد رأى العدم في جانب واحد فقط من علاقته مع العالم مع أنّ كلا الجانبين يتصفان بهذا العدم.
إذا كانت النتيجة الفشل فإنّه يرى نفسه لا شيء أمام العالم، بينما يرى العالم مطلقاً لا نهائياً، أمّا إذا كانت النتيجة النجاح، فإنّه يرى العالم لا شيء ويرى نفسه مطلقاً ولا نهائياً، في كلتا الحالتين يحس بالإذلال والمرارة العميقة في عدم توفيقه لإقامة علاقة تأليهية لا نهائية مطلقة مع العالم، إذا فشل في تحقيق الغرض فإنّه يكون مضطر أن يعيش عدماً في عالم مطلق لا نهائي، لا يكون هناك تكافؤ وتعادل بين العدم والمطلق، بينما هما في ميزان واحد أمام المطلق.
إنّ حدَّة هذه المأساة ونتائجها تتفاوت من شخص إلى آخر ذلك تبعاًً لتفاوت استعدادهم نحو المطلق، فهذا الاستعداد يختلف بينا من كائن إلى لآخر ويرتبط بالبنية النفسية الجسمانية للناس والمحيط العائلي والاجتماعي الذي نشؤوا فيه، كلما كان الاستعداد نحو المطلق قوياً، كانت المرارة التي تنشأ عن الفشل أو النجاح عميقة وشديدة، العكس صحيح أيضاً؛ فالبرهنة على الكمال توجد عند كل طفل ولكن الآثار التي تعقبها والإكراه النفسي الذي يحد من الحركة الداخلية للإنسان، كذلك الإحساس بالذنب يختلف اختلافاً واضحاً.


شارك المقالة: