العلاقة بين علوم التربية وعلم النفس

اقرأ في هذا المقال


تعددت الآراء بما يخص العلاقة التي تربط علم التربية بعلم النفس، فهناك من يرى أنهما متشابهان، أمّا الآخرين فيفصلون بينهما بصورة كليّة، أقرّ الكثير من الباحثين أنّ هناك اختلاف وتشابه، فالعلاقة بين هذين العلمين تنبع من أنّهما جزء لا يمكن تجزيئه عن العلوم التربوية التي تنتمي إلى العلوم الاجتماعية والإنسانية، التي تسعى لدراسة الظواهر التربوية والنفسية الإنسانية المختلفة.

علم التربية:

إنّ علم التربية يشير إلى التفاعل الذي يحدث بين المعلّم والطالب والارتباط فيما بينهم، كذلك كيف يحدث التفاعل بوجود مهامّ التعلّم والمناهج التعليمية التي يتم تطبيقها في بيئة التعلّم أو الصفّ، لذلك تم الاستنتاج أنّ علم التربية يعتبر أحد الاستراتيجيات الواعية في التدريس، فهو جميع الأنشطة التي يقوم بها المعلم بوعي، فالمعلم يكون مدرك بشكل تام ما يريد تعليمه لطلابه وطبيعة الطلاب أنفسهم.

أشكال علم التربية:

  • علم التربية الذي يركّز على المعلّم: يركّز هذا الشكل على المعلّم، الذي يعتبر مركز العملية التعليمية، إذ يقوم بالاعتماد على الطرق التي تتمحوّر حوله، مثل أن يقوم بتعليم الصف بالكامل والتلقين، كذلك الإجابة على أسئلة الطلاب، فقد يُنتقد هذا الشكل لأنّ اهتمام المعلّم يكون بإتقان الطالب للمهمّات الأساسية فقط، إلّا أنّه من الممكن أن يكون فعّال عندما يوجه المعلم الأسئلة للطلّاب بشكل مستمر؛ ذلك بهدف ضمان شرح وتوضيح الأفكار بشكل تفصيلي.
  • علم التربية الذي يركّز على المتعلّم: يسمّى أيضاً بالتعلّم البنّاء والتعلّم المتمحور حول الطالب والتعلّم النشط، يركّز هذا الشكل على النظريّات الخاصة بالتعلّم التي تؤكّد دور الطلاب في العملية التعليمية، ذلك عن طريق التركيز على معرفته السابقة وربطها بالخبرات الجديدة التي تقدّم لهم، بهدف التوصُّل إلى معرفة جديدة، يكون ذلك بإشراف المعلم الذي يثوم بتهيئة البيئة التعليمية، بالرّغم من أهمية هذا الشكل وفعاليّته، إلّا أنّه يصعُب قياس مدى تعلّم الطلاب بصورة مستمرّة، فقد يحتاج التحوّل إلى دعم كبير.
  • علم التربية الذي يركّز على التعلّم: يعتبر هذا الشكل جديد بشكل نسبي، فهو يشير إلى فعّالية كلّ من علم التربية الذي يقوم بالتركيز على المعلّم وعلم التربية الذي يركّز على المتعلّم، بوجود شرط وهو أن يراعي المعلّم ظروف بيئة التعلّم، مثل عدد الطلاب في الصفّ وتوفُّر مواد التعلّم وغيرها من الأمور، إضافة إلى تمتّع المعلّمين بالمرونة في التعليم وإمكانية التكيُّف مع النهج التبروي حسب البيئة المدرسية التي يتواجدون بها.

العلاقة بين علوم التربية وعلم النفس:

لا يمكن اعتبار التربية أنّها علم فقط، إنّما تعد أحد المجالات الواسعة والكبيرة ويتضمن عدد غير محصور من التخصّصات العلمية والفروع المختلفة، التي تسعى لدراسة العمليات التربوية من عدة زوايا، أي أنَّ العملية التربوية تركّز بشكل كبير على علم النفس وتستفيد من دراساته وقوانينه ومجرياته وأبحاثه في حلّ المشكلات التربوية التي يتعرّض لها الإنسان.
يعتبر علم النفس من أهم العلوم التي تقوم بالجمع بين العلم النظري والتطبيقي، حيث يركّز على دراسة وأفراد المجتمع سواء كانوا أصحاء أو غير أصحاء، كذلك الطرق التي تلزم لنموّهم بصورة صحيحة وتعليمهم بشكل يلائم لقدراتهم المختلفة؛ حتى يتمّ تطوير وتنمية المجتمع بأسلوب فعّال وجيد، إنّ علم النفس أساس علم التربية؛ حيث يرى الكثير من العلماء أن علم النفس هو العامل الأساسي لنشوء علم التربية.
أشار العالم النفسي جان بياجيه أنّ علم النفس هو أساس ظهور علم التربية، حيث يؤكد أنّ الدراسات النفسية وكيفية ملاحظتها عملت على إنعاش علم التربية، خصوصاً عند تجاوزه لميدان علم البحت إلى الميدان المدرسي، هذا يعني أنّ علم النفس يركّز على أفراد المجتمع على اختلاف أشكالهم وثقافاتهم وأجناسهم، وطباعهم.
يمكن تعريف علم النفس التربوي بأنّه أحد الدراسات العلمية الخاصة بسلوك الأفراد، عن طريق استخدام العمليات التربوية، يتضمن هذا العلم فرعين هما؛ علم النفس التعليمي الذي يسعى لإعداد المعلم أو المدرّب ويستفيد من بعض التجارب التي تمطبّق على الحيوانات والإنسان في كثير من الأحيان، أما الثاني فهو علم النفس المدرسي الذي يهدف إلى إعداد الأخصائي النفسي في المدرسة.
إذن علم النفس التربوي يعتبر أحد الميادين التي تطبق والخاصة بعلم النفس العام، حيث يقوم بأداء مهمّة أساسية وهي أن يزود المعلمين وغيرهم من الكوادر الوظيفيّة والعملية في ميادين تعديل السلوك الإنساني، بعدد من الأسس والقرارات والمعلومات النفسية السليمة حتى يتمّ التطرق إلى مشاكل التربية ومسائل التعليم المدرسي؛ ذلك حتى يُصبحوا أكثر فهم وإدراك للواقع والمواقف التربوية المتنوّعة.


شارك المقالة: